نداءُ الماضي
محمد عميرة – القدس
تحية طيبة لكم
حين تمخرُ الذّكرى عباب النفس كما السّفينة تمخرُ عُباب البحر ... تبتسم النفس للذ ّكريات الجميلة والنادرة كندْرةِ جوهرة سماوية ... كما تبتسم للذكريات المريرة لتجاوُز ِها مثلما يبتسم من تجاوز الصعاب وتسلق جبلا شاهقا ً وجلس على قمته يحتسي ألوانا ً أربعة : لون جبال ٍ كالقهوة وسماء صافية وأرض خضراء وعزلة عابد ، وكل ذلك في فنجان واحد .
وأثناء احتسائه اعتليت سرج الخيال ونسجت خاطرة من صوف الواقع بنظرة فوق بنفسجية وبالإستئناس بأشعة الحرية تحت الحمراء .
هو النداء الروحيّ ... نداء المجد الممتد من زمن كنعان الماضي إلى كنعان الحاضر والذي ارتدى عباءة الأنبياء .
وكنعان اليوم صلبٌ كالنخلة ِ لا يفتأ يحفر ... في الأجواء ِ ... في الأرض ... في الماء ، وفي كل سد ، وعلى الجمر يقبض ، ولما ولن يستسلم .
ترى هل حفر الجمر كفيه أم انطفأ الجمر في يديه ؟
يبذرُ الأرض أشتالا ً من صحابة ، تنبتُ أربعين ضعفا ، ما يلبثوا أن يصنعوا مهرجانا ً في السماء والأرض ... مهرجان الكرامة احتفاء ً ببيعهم أنفسهم .
كنعانيٌ يأكل خبزا ً وزيتا ً وزعتر ، ويتحلى من شجرة الصبرً ، وينطقُ حكمة ً من كتاب ٍ محكم ٍ تصنعُ رجالا ونساء ً من حديد ... لا يلينوا ، وينسجوا الحديد .
فلا عليك أيتها الأقلام المعزّية النبيلة المحزونة النفس المكسورة الخاطر السجينة في أوطانها ؛ الأقلام التي تتوغل في البحث عن الحقيقة كما يتوغل الليث في الصحاري والغابات بحثا عن حقيقة الحياة ، وكما يتوغل الجذر في الأرض ... لا عليك ِ فليس كنعان وحده في ساحة الخيل ِ ، ولو تخلت ْ عنه أمة غثاء السيل .