حينما يتفاءل المؤمن
د. انتصار شعير
الإسكندرية ـ مصر
إن استبشار المؤمن بالخير لا ينقطع لأنه متصل بدنياه وآخرته , يستبشر في الدنيا بإيمانه ودعائه وذكره وقرآنه وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وبإتقانه لعمله ، ويستبشر عند الآخرة بالمغفرة والنعيم المقيم في جنات ربه ..
نعم .. إن حياة المؤمن حياة موصولة بالاستبشار الذي لا ينقطع مهما كانت الصعاب والأحداث ومهما تجمعت على المؤمن فرق الضلال ،وتكالب عليه أعداء الحق والخير , فالاستبشار موجود رغم ذلك كله , بل إنه حاضرٌ حضور قوي في قلب المؤمن وحسه وخصوصاً حينما تشتد عليه الأحداث , فالله سبحانه وتعالى امتدح المؤمنين وقال : { الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل } , نعم .. قد جمعوا لكم العدد الكثير والمكائد والمؤامرات ، وضجيج الدعاية ، ووسائل الحرب النفسية المتعددة المدعمة بسلطة المال والسلطان , كل هذه المكائد لم تستطع أن تجتث شجرة اليقين والاستبشار بنعمة الله وتأييده { فزادهم إيمانا } ولأن إيمانهم زاد ونما وصار قويا فقد قالوا باطمئنان ويقين { حسبنا الله ونعم الوكيل } , فكان جزاؤهم في الدنيا قبل الآخرة { فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم } .. صدق الله العظيم .
ومن هدي الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم التفاؤل والاستبشار بالخير وحث النفس على الأمل , طالما كان العمل بجد واجتهاد وصدق وإخلاص وعلم وحكمة , فمن حسن الظن بالله أن يستبشر المؤمن بنعمة الله وهو يرجو أن يحقق له ما يطلبه من أهداف جليلة وغايات نبيلة , وحين سئل صلى الله عليه وسلم وما الفأل قال ’’ الكلمة الحسنة ’’ ، وهي التي تذكر بما يرجوه المرء من الخير فتسر به النفس وتحصل لها البشارة بما قدر الله عز وجل من الخير , فالفأل إنما هو استحسان كلام يتضمن نجاحاً أو سروراً أو تسهيلاً ، فتطيب النفس لذلك ، ويقوى العزم عند الإنسان .
فالتفاؤل تقوية للقلوب ، وتنشيط للعزائم ، وتحريك للهمم ، وفتح لباب العمل والرجاء ، ودفع للبذل والعطاء , واجتثاث لليأس والقنوط , حتى ننال توفيق الله بإذنه .