الأوراق المتساقطة

مالك صلالحة / بيت جن تشرين

[email protected]

بالامس كنت اسمع صدى همساتك..تداعب وتشنّف أذني كموسيقى سمفونية سماوية..فيتراقص قلبي طربا ..وتنتعش روحي فرحا ..وتغمر  عيناي بهجة..فأحملق في رحاب هذا الفضاء الواسع ورحاب هذا الكون اللامتناهي ..شاكرا الله على نعمه الكثيرة والوفيرة التي لا تعد ولا تحصى !!

فأستلقي على ظهري محملقا فيك ومتأملا إياك ..كيف كنت تنمين وتكبرين أمام ناظري يوما بعد يوم كالطفل الرضيع ..وتزدادين نظارة وتألقا كلما جاء الربيع ...

فما بالك اليوم بعد كل تلك الروعة والجمال ..وبعد كل تلك الخدود اليانعة الندية ..قد اخذت وجنتاك بالشحوب والإصفرار  والذبول..واخذ شبابك النضر يذوي لحظة تلو اللحظة ..

فآه ما أقساك يا زمن !! كيف تمنحنا السعادة بيد لتسارع ان تسترد ما منحتنا  باليد الاخرى !!

فكم هي متشابهة حياتنا انت وانا !! فها انذا قد اخذ الشيب يغزو مفرقي ..وبدأ الزمن يحفر أخاديده فوق قسمات جبيني ..وباشرت اصابعه بتجعيد وطي بشرتي ..تلك التي كانت بالأمس نظرة يانعة تماما كنضارتك ويناعتك ..

لكن لا بأس يا رفيقتي ..فحتى لو جار الزمن علينا ..فلا بد ا ن يأتي الربيع بعد الشتاء ..ولا بد للشمس ان تشرق بعد تلاشي الغيوم ..لتدب الحياة فيك من جديد لان في مماتك تعودين للحياة من جديد كما قال ايليا ابو ماضي - ان الموت بيدر الحياة -  ..وتعودين الى رونقك وجمالك الفتان كسابق عهدك ..كذلك الحال معي فان داهمتني الشيخوخة وغبت عن هذه الدنيا فسرعان ما ساعود اليها بثوب وحلة نضرة جديدة ..

فلنبتسم ولنرى النور في نهاية النفق ..فهذه هي سنة الحياة ..ولادة بعدها موت ..وموت بعده ولادة ..لنموت ونقوم للحياة ثانية اسوة بالسيد المسيح عليه السلام ..اذ لا بد للحياة ان تستمر ..فليكن لنا في القمر عبرة.. اذ لا ينقص البدر الا حين يكتمل ولا يكتمل الا حين ينقص ..

فاستبشري خيرا أيتها الاوراق المتساقطة ولا تيأسي وليكن الأمل زادا لكلينا في مشوارنا الطويل عبر هذه الحياة !!