لا للجنس الثالث
هنادي الشيخ نجيب
رأيته يتمايل في خطواته... ويتكسَّر في مشْيَتِهِ...
كان يسيرُ في الشارع متبختراً بقوامه الممشوق... فكان يرفع يدهُ تارةً ليزيح خصلة شعره السارحة عن سحنته، ويعضُّ على شفته تارة أخرى موحِياً بالحياءِ والخجل، بينما كانت عيناه تدوران في وجهه بغنجٍ ودلالٍ مفتعلين كأنهما تقولان:
أنا هنا... أنا هنا...
سأكتفي بهذا القدر المسموح بهِ –أدباً وتأدُّباً- مِنْ وصفِ ذلك... المخلوق!!
لحظة من فضلكم... لم يكن ما وصفته آنفاً غزالاً شرد عن مجموعته فضاع في زواريب المجتمع الإنساني... ولو كان كذلك لأسهبتُ في ذكر محاسنه ووصف جمال وخفّته ورشاقته...
لكنّه – مع الأسف- شابٌ في ريعان شبابه...
أجل، شابٌ خلع عباءة الرجولة وتعرَّى من خصالها...
إنه رجلٌ انسلخ من فطرته، وتنكّر لصفاته... عارض تكوينه فنقض خصائصه وغيَّر تخصّصه!!
ظاهرة "تخنُّث الرجال" أو "تشبّه الرجال بالنساء"... بلاء عظيم يحلّ بشبابنا ليقلب نواميس الدنيا ويتخطى قانونها ويهدم مقوّماتها...
إنه – والله – عين التدمير والتخريب فيما نحن بأمسِّ الحاجة للنهوض والبناء...
أنّى لشابٍ يحمل جينات القوة والعنفوان، وتسري فيه عناصر النخوة والمروءة، وتجري في دمه مكوّنات الشجاعةِ والبطولة: أن يتحوّل إلى غصنٍ طري لا يستطيع – ولا يريد- أن يقوم بما عليه من مسؤوليات جِسَام وتكاليفَ عظام؟!
مَنْ للمجتمع إذا ما عُطِبَت إحدى قدميه – باعتبار أنّ المجتمع يسير على قدمين: الرجل والمرأة – وفَقَد توازنه وخسر أولى وأهم دعامتيه؟!
أيها الشباب... يا رجال المستقبل... يا بُناة الغد: لا تقتلوا فطرتكم وتنسوا أنفسكم... لا تتخلّوا عن مهامكم ولا تتركوا مقاعدكم لغيركم من أنصافِ الرجال... لا تُخلوا ساحتنا من بطولاتكم وإنجازاتكم...
واعملوا – يا شبّان ويا شابّات- بأنه ليس هَهُنا مكانٌ لجنسٍ ثالث مُفترى ومريض... إنّما تستقيم الحياةُ بكما، وبكما فقط...
من سلسلة: "إشراقة غدي"