خواطر من الكون المجاور 11
خواطر من الكون المجاور ..
الخاطرة 11 : العفة والسلام
ز.سانا
في 14 شباط الذي يصادف عيد القديس فالنتين (عيد العشاق) نرى جميع أولئك الذين يرغبون في التعبير عن حبهم يقدمون وردة حمراء لحبيببتهم. فالوردة الحمراء في عصرنا الحاضر هي رمز الحب عند العشاق. ولكن من يفهم لغة اﻷلوان يعلم أن اللون اﻷحمر يضعف اﻹحساسات الروحية و يهيج الجسد ويخلق دافع بالشعور نحو العنف والتدمير لذلك يعبر عن اﻷنانية وتحقيق رغبات الغرائز . فرمز الوردة الحمراء الحقيقي هو الشهوة الجنسية . فالرجل الذي يقدم وردة حمراء لإمرأة كأنه يقول لها أريد جسدك ﻹطفاء شهواتي الحيوانية .هذا تماما هو المعنى الروحي للوردة الحمراء عندما تقدم من الرجل إلى المرأة ليعبر عن شعورها نحوه. لذلك إذا بحثنا في كل قصص ولوحات التي تعبر عن الحب بين الرجل والمرأة في تاريخ البشرية بأكمله لن نجد أي حادثة يستخدم فيها الوردة الحمراء في التعبير عن الحب، فقط في عصرنا الحاضر يحدث هذا النوع من الشذوذ في التعبير وذلك بسبب إنحطاط الوعي الروحي عند الأدباء والفنانيين المزيفين الذين يكتبون قصص الحب ويعبرون عنه بوردة حمراء كإحساسهم هم والذي يبدو وكأنه حب روحي ولكن في الحقيقة ليس إلا شهوة حيوانية يشعرون بها هم أنفسهم نحو المرأة ،لذلك نرى في الدول الغربية ان العلاقة بين الرجل والمرأة قد تحولت إلى علاقة جسدية لا مكان فيها للعواطف على اﻹطلاق.
سفر التكوين يبدأ بقصة خلق اﻹنسان ثم طرده من الجنة وكما ذكرنا في المقالة السابقة بأن تسمية الكوكب الثاني الذي يمثل شخصية حواء بإسم إله العشق ليس صدفة ولكن حكمة إلهية تعبر عن نوعية الخطأ الذي إرتكبته حواء وكان سببا لطرد اﻹنسان من الجنة. وقد عبرت الحكمة اﻹلهية أيضا في تصميم سفر التكوين عن هذا الخطأ بشكل رمزي فسفر التكوين يبدأ بحادثة أكل ثمرة التفاح التي كانت سببا في طرد اﻹنسان من الجنة وينتهي بقصة حياة النبي يوسف عليه الصلاة والسلام وإسم يوسف هو إسم رمزي يعبر عن ثمرة اليوسفي. فهذا يعني رمزيا أن سبب طرد اﻹنسان من الجنة هو ثمرة التفاح وأن نهاية التكوين (نهاية التطور) هي ثمرة اليوسفي. فما هو الرمز الروحي لثمرة التفاح وما هو الرمز الروحي لثمرة اليوسفي ؟
ثمرة التفاح علميا تعتبر ثمرة كاذبة ،ﻷن الجزء الصالح لﻷكل منها هو ذلك الجزء النامي من جدار المبيض واﻷجزاء الأخرى الخارجية المحيطة به في الزهرة الملقحة ،أي الجزء الخارجي منها وهو رمز الجزء المادي للزهرة أي رمز الشهوة الجنسية
أما ثمرة اليوسفي فاﻷمر معاكس تماما فهذا الجزء (المادي ) لا يؤكل ﻷنه يمثل قشرة الثمرة،أما الجزء المأكول فهو ذلك الجزء النامي من اﻷخبية داخل المبيض في الزهرة الملقحة ، أي الجزء الداخلي منها (الروحي) . لذلك ليس من الصدفة أن زهرة اليوسفي تعتبر رمزا للعفة في لغة الزهور.
لذلك عند البحث في تطور الحياة يجب أن نعطي أهمية كبيرة لنوعية العلاقة بين الذكر واﻷنثى. فهدف جهة التطور كما ذكرنا هو تصحيح الخطأ، أي وصول العلاقة التي تربط بين الرجل والمرأة إلى رابط روحي يربط اﻹثنين إلى اﻷبد ، لذلك أيضا نجد أن قصة حياة يوسف ترتكز على حدثين :
1-رفضه مجامعة امرأة سيده (رمز العفة)
2-عدم إنتقامه من إخوته الذين باعوه ليصبح عبدا في مصر ولكن سامحهم وساعدهم (رمز السلام)
إذا تمعنا جيدا في القوانين التي تسيطر على جهة تطور اﻷنواع نجد أنها متعلقة تماما بهاتين الصفتين (العفة -السلام) وأفضل مثال على ذلك هو ما يحدث عند الطيور.، في موسم التزاوج فإن جميع الطيور الذكور التي تستخدم مميزات القسم اﻷعلى من جسدها (كرمز لعاطفة الحب) جمال صوتها كما هو عند الكناري أو جمال ألوانها عند الببغاء ،أو براعة الطيران عند النسور، نجد أن الذكر بعد التزاوج يبقى قرب الأنثى ويساعدها في بناء العش أو حضانة البيض وتربية الفراخ.
أما اﻷنواع اﻷخرى من الطيور حيث الذكر يستخدم مميزات القسم اﻷسفل من جسمه (رمز الشهوة ) كالطاووس أو الليرة أو غيرها من طيور الجنة التي تتباها بجمال أذنابها ،فنجد أن الذكر فاقد العاطفة اﻷبوية وبمجرد اﻹنتهاء من عملية التزاوج يهجر الأنثى ويتركها وحدها لتقوم ببناء العش والحضانة وتربية الفراخ. وكقانون عام في تطور الحياة عند الطيور فإن معظم الأنواع من الطيور التي تنتمي لهذه الصفة (الشهوة الجنسية ) في التزاوج تكون ضعيفة القدرة على الطيران. طبعا هناك شذوذ ولكن ضمن هذا الشذوذ يوجد حكمة إلهية تفسر لنا أشياء أخرى من قوانين التطور الروحي.
مثال آخر يعبر تماما عن هدف التطور كما وضعه الله تعالى في خلقه هو ما نراه في الحشرات المضيئة (اليراع)،حيث الجزء المضيء من جسمها يلعب دورا كبيرا في جذب الجنس اﻵخر في موسم التزاوج. فإذا كان الجزء المضيء هو القسم العلوي كقرون اﻹستشعار أو الصدر (رمز عاطفة الحب ) نجدها سواء كانت ذكرا أو إنثى ذات أجنحة وقادرة على الطيران ،أما اﻷخرى التي قسمها المضيء هو القسم اﻷسفل الذنب ( رمز الشهوة الجنسية )، فنجد أن إناثها غير قادرة على الطيران لغياب اﻷجنحة عندها. لذا يطلق عليها ديدان مضيئة
فصفة ظهور اﻷجنحة في الكائنات الحية ليست صدفة حدثت بسبب الظروف البيئية المادية التي يعيش فيها الكائن الحي كما يعتقد داروين وأتباعه ولكن نتيجة قانون روحي يسير على مخطط إلهي.
إسم يوسف عدا عن رمز العفة يحوي أيضا على رمز السلام فثمرة اليوسفي في اللغات الأخرى تدعى (ماندارين)، وهذه الكلمة تتألف من ثلاث أقسام (مان = رجل) في اللغة اﻹنكليزية و (دا =أداة تعريف) في اﻹيطالية ،والقسم الثالث (رين = سلام) في اليونانية،أي أن لها معنى (رجل السلام). لذلك فإن تسمية الكوكب الرابع والذي يمثل قابيل بإسم إله الحرب (مريخ. اريس. مارس) ليس صدفة ولكن يعبر لنا عن نوعية العلاقة التي حدثت بين آدم وحواء، فسبب طرد اﻹنسان من الجنة كان أن إرتباط حواء بأدم لم يكن عن عاطفة الحب ولكن بسبب الشهوة الجنسية لذلك كان نتيجتها ولادة قابيل الذي يحوي على غريزة القتل لذلك قتل أخاه هابيل، والذي يمثل الكوكب الخامس المتحطم الذي تحول إلى ملايين من القطع المتناثرة والتي سميت بحزام الكويكبات.
لذلك فإن نوعية العلاقة بين الذكر واﻷنثى تلعب دورا في تطور الكائنات الحية، في الثدييات ذات الجيب مثلا نجد أن نوعية سلوك النوع كحيوان مفترس أو مسالم يحدد مكان الجيب وشكل الحيوان. فجميع اﻷنواع التي إناثها تحمل الجيب في القسم اﻷعلى من بطنها نجدها حيوانات مسالمة لذلك فهي ذات تغذية نباتية ولديها قدرة على اﻹنتصاب على أطرافها الخلفية ومثالها الكنغر. فهذا النوع من الثدييات ذات الجيب يمثل أبناء العاطفة.
أما أنواع آكلة اللحم (المفترسة ) فإن مكان الجيب يكون في أسفل البطن وهي تسير على اﻷربع وليس لديها مقدرة اﻹنتصاب ومثالها شيطان طشمانيا، فهذا النوع من الثدييات ذات الجيب تمثل أبناء الشهوة الجنسية.
فصفة اﻹنتصاب عند الثدييات ذات الجيب لم يكتسبها هذا النوع من الثدييات صدفة بسبب الظروف البيئية المادية المحيطة به كما يعتقد داروين وأتباعه ولكن سببه روحي ﻷنها تحولت إلى حيوانات مسالمة.
طبعا هناك شذوذ أيضا وضمن هذا الشذوذ نفهم أشياء أخرى عن قوانين التطور. مثلا هناك نوع إسمه كوالا وهو نباتي ولكن الجيب عنده في أسفل البطن ولكن هنا نرى أن أنف هذا الحيوان يشبه المنقار (عظمي) ،فهذه الصفة ليست صدفة ولكن لها معنى ومن فهم معاني هذه الشذوذ نستدل على جهة تطور الروح وجهة اﻹنقراض،لذلك نجد سفر التكوين يسمي اﻹبن اﻷول لآدم قايين أم المسلمون فيسموه قابيل. وإن شاء الله سنتكلم عن سبب إختلاف التسمية في مقالات قادمة.
ليس من الصدفة أن اﻵية التي تذكر (نحن نقص عليك أحسن القصص) موجودة في سورة يوسف والتي كما ذكرنا بأن قصة حياة يوسف بأكملها تعتمد على أهم قانون في تطور الحياة (العفة والسلام).وهذا القانون نفسه يسيطر على جهة تطور الكون بأكمله.
أيضا ليس من الصدفة أن صفة العفة المطلقة في مريم العذراء التي أنجبت عيسى عليه الصلاة والسلام (دون تدخل أي رجل) كانت نتيجتها رفض عيسى لحمل السلاح بأي شكل من أشكله وأن تعاليمه إقتصرت فقط على المحبة والسلام.
للأسف ما يحدث في عصرنا الحاضر معاكس تماما لجهة التطور كما هو في المخطط اﻹلهي. ففي الدول الغربية نجد أن الفتاة عندما تبلغ من العمر ال14 أو 15 عاما ولم تخسر عذريتها تخجل أن تقول عن نفسها أنها لازالت عذراء، وكأن صفة العفة في هذا العصر صفحة قبيحة في الفتاة. لذلك من الطبيعي أن تكون مشكلة العنف في عصرنا من أكبر المشاكل التي تعاني منها المجتمعات الحديثة فصفة العفة مرتبطة بصفة السلام ولا يمكن الفصل بينهما، ولكن للأسف علماء تطور الحياة بفضل داروين وعلماء اﻹجتماع والتاريخ بفضل ماركس، ينظرون إلى قشور اﻷشياء واﻷحداث ولا يعلمون شيئا عن حقيقة ما يحدث في التطور الروحي للكون واﻹنسان.