رسائل إلى القمر4

ياسين سليماني

[email protected]

في كثير من الأحايين أكون مشدودا إلى حزن عميق يكاد يهرب بقلبي إلى غابات العدم، فإذا السماء السماء تكفهّر، وإذا الغربان تنعق، وإذا الرياح تزأر... فيكون من بين يدي حزن، ومن خلفي حزن، ولا مهرب منه إلاّ إليك.

   فأسارع إلى الرسائل التي بعثت بها إليّ، أقرأ منها أسرار البقاء السعيد، فتصبّ في قلبي مائ يُبرِد حرارة قلبي المحموم، وأرى وجهك الوضّاح بين الحروف والكلمات، بثغر باسم يحمل الحياة كلّها، وبعبارات أسمعها فيُخّيل إليّ أنّ ملكا كريما يحدّثني.

لكأنّي - حين أقرأ كلماتك – واقف بين يديّ نبيّ نبيل رحيم تعانق روحه روحي لتشكّلا منظرا قلّ أن يوجد مثيل له في هذا الزمن.

أراك الآن من خلال رسائلك جالسا هناك على مكتبك بعد أو أوصدت الباب جيّدا، فتأخذ ورقة وقلما وترفع رأسك إلى الصورة الكبيرة التي جمعتنا، والتي علّقتها على الحائط مقابلة لمكتبك لتنظر إليها دائما كما أخبرتني، فتتحدّث إلى صورتي كأنّي أمامك، وتسجّل ما تقوله على ورقة فتبعث بها إليّ.

أشمّ عطرك – من خلال حروفك الزاهية – كأنّي بين المروج البديعة أسير، فأقطف زهزرا وزهورا تُسكر روحي فتجعلها تترنّح بين السعادة وبين الشوق.

الحنين يصيح في داخلي، فيهتزّ له الفؤاد وجميع الجوانح الجوانح، لتنشد كلّها أغنية واحدة أوّلها: أحبّك، وآخرها: أحبّك.

هناك دوما شيء يخيفني من الغد، وعبثا حاولت أن أتخّطى هذا الخوف -على المستقبل- بشيء من الأمل، لكنّي مهما أردت قتله ودفنه في قبر النسيان إلاّ أنّه يعود من جديد.

وتظلّ الإبتسامة الشيء الوحيد الذي لا يفارقني كما عاهدتك آخر مرّة برغم كلّ العواصف والرعود، لعلّ الإبتسامة تكون بداية لضحكات سعادة طويلة لا تنتهي