مَن أنا يا وطن ؟
مَن أنا يا وطن ؟
ويصا البنا
مَن أنا هذا سؤال صعب وغريب يقوله العظماء وأصحاب المواقع الاليكترونية ليعرضوا السيرة الذاتية الخاصة بهم أما أنا فعندما اسأل نفسي من أنا؟ أجد نفسي أمام سؤال محير جداً ليس له جواب واضح، فأنا أشبه الغالبية العظمى من شباب وطننا إنسان عادي بسيط وجد نفسه في الحياة بدون دخل منه في ذلك فهذه إرادة الله، طفل عادي لم يعش طفولته بسبب ضغوط الحياة وظروفها وهذا أيضاً طبيعي، فلم يعد الفقراء أطفال بل يحملون المسئولية.
منذ الطفولة وجدت نفسي في حياة أحلم أن أكون فيها شيئاً. طالما حلمت أن أعيش وأتزوج وأنجب ويكون لي بيت مستقل وحياة خاصة ملكي وحدي ومشروع صغير أنفق منه على عائلتي الصغيرة، وأن أساعد إخوتي وأن يفرح قلب أمي وأبي وأعوّضهم عن زمن الحرمان... وهذا أيضاً عادي فهو حلم كل الشباب.
ودارت الأيام والدوائر وأنا أكافح وأتنقل من مكان لمكان ومن عمل لأخر وأعرف هذا وذاك، واشتري كتب كيف تصبح مليونيراً؟، كيف تصبح رجل أعمال ناجح؟، ولكني وجدت أن هذه الكتب تتكلم عن أناس آخرون أو وطن أخر أو عالم ليس عالمنا!!
وجدت أنني مظلوم في عالم غريب، لست أعلم لماذا أنا فيه؟ ولماذا يقسوا عليّ؟ وجدت أشخاص يتعبون ويكدّون ويعملون ونتيجة كل ذلك بالكاد يستطيعوا أن يوفروا المستلزمات الضرورية للحياة!! ووجدت أيضاً على الجانب الأخر قوم يتمتعون ويمرحون ويكسبون دون تعب أو مجهود يُذكر يا لها من مفارقة عجيبة!! وحياة لا أستطيع أن أفهمها فاتجهت إلى الفلسفة وقرأت أنه لا يوجد فقراء بل يوجد أغبياء وقرأت أيضاً إذا كنت فليسوفاً فأنت فقير فلم تشفي غليلي الفلسفة لأن أبطالها غالباً لا يملكون من أمرهم شيئاً فاخذوا يبررون ظروفهم فذهبت إلى التأمل.
وكنت قد قرأت وأذكر أني قرأت لأن القراءة هي ملاذي الوحيد للهروب من الواقع، أن تشخيص المرض هو نصف العلاج ولو اعتبرنا أن ما أمرْ به في حياتي هو مشكلة أو مرض فكان لابد من تشخيص له فأخذت ورقة وقلم وبدأت اكتب وأنا كلي أمل أن أخرج من دوامة الفشل الذي أتنقل به ويلازمني أكثر من ظلي لا الظل يفارقنا ونحن بعيداً عن مصدر الضوء، أما الفقر فهو داء أشبهه بالسرطان والإيدز لا نجاة منه إلا بمعجزة والمعجزات لا تحدث لمن ينتظر حدوثها،،، نعود للتأمل وتشخيص المرض عرفت أن البطالة والغلاء وانعدام الفرص الحقيقية التي تجعل الإنسان يحب عمله ويبدع فيه هي سبب رئيسي للمشكلة، فوطني عاجز عن أن يوفر لي فرصة عمل أو مصدر رزق فكل كلام الحكومات كلام في كلام ولا يوجد تنفيذ!!! فعندما يتكلمون في القنوات الفضائية عن الإنجازات وفرص العمل والمشاريع العملاقة أحاول أن أتأكد أنهم يتكلمون عن وطني الذي أعيش فيه أم أنهم يتكلمون عن وطن أخر.
هذه مشكلة كافة الشباب أو الغالبية العظمى الضياع نعم وفي المقابل أننا مطالبون بالانتماء كيف أنتمي إلى وطن لا يوفر لي أبسط مقومات الحياة الكريمة؟؟!! ولكني أرجع لأقول إن الحكومات ليست هي الوطن فالحكومة عاجزة حتى عن الدفاع عن مواطنيها خارج الوطن فهم يعذبون بماء النار!! ولكنا لا نستطيع أن نتكلم لأنهم أولياء النعم على الجميع وقد اشترونا بأموالهم.
أحبك يا وطني رغم كل شيء... أعشقك وأتمنى أن أراك أفضل الأوطان... ولكني أخشى عليك ممن يحكمونك ومِن مَن لا يعرفون أصلك الجميل.... ومِن مَن يشوهون صورتك ومِن مَن يتربصون لك وأنت قاهر الغزاة... أحبك يا وطن لم أجد فيه نفسي.... ولكن حتماً ستأتي ساعة وتخرج مثل الجبار لتثأر لكرامتك من هؤلاء جميعاً ولعلي الآن عرفت مَن أنا