رسائل إلى القمر
رسائل إلى القمر
2
ياسين سليماني
[email protected]
ماذا أستطيع أن أقول ؟ وعيناي تمطران دون توقّف، وسيل أحزاني جرف
جوارحي إلى غابات التيه، لا أزال أسبح في بحر الشجون، فهذه عادتي، وهذه عادة
الأيّام معي.
يتسلّى بي القدر، فيضحكني لحظة، ويبكيني سنينا، ينسيني المآسي حينا
وينقشها في ذاكرتي أحايين......، ينبت زهرة في صحراء حياتي ولا يلبث أن يقتلعها
ليزرع مكانها أشواكا تجرح قلبي العليل فتدميه، فلا يستطيع القيام من فراش
الهمّ.
أأقول لك وداعا ؟ أم إلى اللقاء ؟ وأنا أعرف أنّ اللقاء لن يكون إلاّ
بعد أن تتجرّع كؤوس العذاب المريرة ونسير في طًرق الانتظار المديدة...
زرتك ثلاث مرات فقط، لم أرتو من بحر حبّك، لم أشبع من فاكهة كلماتك
العذبة...
ما أقلّ هذه اللقاءات، مرّت كلمح البصر، لم نكد نلتقي حتى افترقنا.
يقتلني الحزن حبيبي، يضعني في مقصلة الحسرة، يأتيني من بين يديّ ومن
خلفي ومن كلّ مكان، فإذا أنا أفترش الأحزان وألتحف الشجون وآكل المآسي، وأشرب
الكُربات.
عزيز عليّ أن نفترق، فلا - والله – لا تصدّق الابتسامة التي رأيتني
بها عند توديعك، لقد كنت أكذب عليك كي لا تحمل همّا أكثر ممّا تحمله، أمّا وقد
وصلت الآن إلى انجلترا والتفتّ إلى حياتك هناك من جديد فلا أستطيع كتمان ذلك
عنك.
تمنّيت لو كنت كتابا تأخذه معك في حقائبك تقرؤه من حين لآخر، أو دفترا
تكتب فيه ما شئت، نعم، تمنّيت ذلك، وإنّي أحسد الكتاب والدفتر لأنّهما أقرب
إليك منّي.
لا أستطيع أن أختم الرسالة إلاّ و الدموع تتساتل على خدّي... شوقي
إليك عظُم من أوّل يوم فراقك، فلا كنتُ ولا كانت حياتي إنْ لم أعش لحبّك مخلِصا
وفيّا.
قبلاتي.