ماذا أضفت للحياة؟
ماذا أضفت للحياة؟
السيد شعيب
باحث في الفلسفة الإسلامية
خلق الله تعالى الإنسان ليكون خليفته في أرضه وحامل رسالته وأمينا له على كونه لذلك أعطى له مقومات الاستخلاف البدنية والعقلية والنفسية فماذا فعل بعد؟ من الناس من أضاف إلى الحياة من فكره فكرا ومن عقله إبداعا ومنهم من أضاف إليها من عرقه وشيد بيديه حضارة ما زالت آثارها شاهدة على عطاء إنساني رفيع ومنهم من صنع أمما وربي أجيالا وأصلح شعوبا فهؤلاء بحق هم الحقيقون بالإنسانية والجديرون بالاستخلاف...وعلى النقيض من ذلك من الناس من خرب ودمر وأشقى وأفسد فأخذ أخذ من الحياة جمالها ومن الكون بهجته ومن الفطرة نقائها "فكل يعمل على شاكلته" ومن بين هؤلاء وألئك من عاش لنفسه وعمل لذاته فقط فمات فما درى به أحد وما بكت عليه السماء والأرض لأنه لم يضف للحياة شيئا بل كان زائدا عليها هؤلاء هم أصناف الناس إزاء الحياة وتجاه الإنسانية فإلى أي فريق تنتمي أنت ؟ هل عشت لنفسك فقط وسهرت على إشباع ملذاتها وأخذت من الحياة جمالها ومتاعها ولم تعط لها شيئا؟ أم توقفت عن العطاء وقلت "ليس في الإمكان أبدع مما كان" و "ما ترك السابق للاحق شيئا" أم أنك أحد المحسوبين على الإنسانية الزائدين على الحياة؟ أم إنك أحد صناع الحياة خالدي الذكر باقيي الأثر؟...إلخ
إن قيمة الإنسان الحقيقية في ذاته وما يحمل بين جنبيه من أفكار جادة وأطروحات بناءة تخدم الإنسانية وتقيم نهضتها وتشيد حضارتها يقول الرافعي رحمه الله: أيها الحي إذا كانت الحياة هنا فلا تكن أنت هناك أي الحياة في ذاتك الداخلية وقانون كمالها فإذا استطعت أن تخرج للأرض معنى سماويا من ذاتك فهذا هو الجديد دائما في الإنسانية وأنت بذلك عائش في القريب القريب من الروح وأنت به شئ إلهي وإذا لم تستطع وعشت في دمك وأعصابك فهذا هو القديم دائما في الحيوانية وأنت بذلك عائش في البعيد البعيد من النفس وأنت به شيء أرضي كالحجر والتراب".
فاربأ بنفسك أن تكون حجرا أو ترابا ولا تعجز فإن العجز آفة الضعفاء والقاعدين وقديما قال الشاعر:
وما البأس إلا حمل نفسٍ على السرى . . . وما العجز إلا نومةٌ وتشمس