نثريات من أمسنا المقبل

إسماعيل خليل الحسن

إسماعيل خليل الحسن

[email protected]

المكان

* في هذا المكان:

أبرزوا رأسي و فتحت عيني لأول مرة، رأيت أشباحا مرعبة جعلتني أصرخ من شدة الخوف, كان بينها رأس أبي و أمي و أهلي و أصحاب وخلق آخرون.

* في هذا المكان:

  خطوت خطوتي الأولى وكنت أسقط فتضمني الأرض إلى حضنها.

* في هذا المكان:

اقتحمت الصفوف وتعلمت في المدارس لكي أنسى جهلي الذي أتيت به من ذلك الكهف المظلم المغلق.

* في هذا المكان:

عرفت قصص حب فاشلة, و مغامرات نسائية ناقصة.

*في هذا المكان:

تلقيت أول إهانة, وأول صفعة من شرطي, وأول زلّة قدم إلى معتقل مظلم مغلق.

 *في هذا المكان:

تزوجت و خلّفت معذّبين جددا.

*هذا المكان:

أحبه و أحن إليه ..

لكنّه فشل أن يكون وطنا!!!! 

 

الجوع

 الجوع يحصد البشر, مضى فضيلة الشيخ إلى العاصمة منذ أيام ولم يعد, كانت الجنازات تترى. ينتظر الناس, كل يوم جنازة أو أكثر, ويترقبون الترياق الذي سيجلبه فضيلته لهم.

عاد فضيلته ليلا, لم يجرؤ أحد على اقتحام خلوته, لما حل به من متاعب السفر, و إلى الضحى كان الناس يحتشدون في الطريق بين بيته و المسجد, صلى الضحى و توابعها في البيت, تناول فطوره ولبس جبته و العمامة, و خرج يشق صفوف الناس, إلى أن اعتلى المنبر.

كان صمته يحبس الأنفاس والعيون المتعبة المملقة مصوّبة إلى شفتيه.

حمد الله و صلى على رسوله وكافة المرسلين وأثنى على آله و صحبه البررة الميامين و قال:

أما بعد

فقد تلقيت وعودا من المقام العالي بالنظر إلى مأساتكم, والأهم من ذلك أنني استطعت إقناع فضيلة مفتي الديار بإصدار فتوى ضرورية لكم في مثل هذه الأيام العصيبة, لقد صار بإمكانكم أن تأكلوا من لحوم موتاكم لكن من غير شبع!!