القراءة غذاء الروح

بلال محمود القصاص

بلال محمود القصاص

باحث تاريخي

[email protected]

تعتبر من أهم مشاكلنا الحالية التي نعيشها، وهي أننا نعيش أزمة ثقافة حقيقية، سببها هو عدم نشأتنا على حب القراءة، بل إننا نفر منها كما يفر الصحيح من المجزوم، وكل ما يوجد في عقولنا من ثقافة هو عبارة عن ما تلقيناه أثناء فترة تعليمنا في المراحل الدراسية المختلفة، ولنضع في الاعتبار قلة جودة مناهج الدراسة في بلادنا.

إنه ويا للأسف إذا نظرت إلى أغلبية خريجي الجامعات في بلدنا تجد أنهم لا يعرفون إلا ما درسوه في كليتهم، حتى ما درسوه يبدءوا في نسيانه مع الوقت، مما يجعل كفاءة خريجي الجامعات لدينا لا تضاهي خريجي جامعات أخرى نظرا لاعتمادهم على ما درسوه فقط، والذي ينسوه مع الوقت كما قلنا، إن لدينا متعلمين وخريجي جامعات، وليس لدينا مثقفين، وشتان بين الأمرين.

[اقْرأ ما تُحِبْ، حتى تُحِبْ ما يُقْرَأ]

إنه من العجب أن تكون أول آية نزلت على رسول الله ^ هي اقرأ، وأكثر شيء ينفر منه المسلمون الآن، هو القراءة، ونحن لا نعرف ما سبب ذلك؟!!.

دائما يقال لمن يريد أن يحب القراءة أن يبدأ بقراءة ما يحب، فلو أن شخصا يحب الرياضة فليبدأ بقراءة المجلات والصحف الرياضية وكل ما يخص الرياضة، فلو أنه سار على قراءة الصحف والمجلات والكتب الرياضية خلال عام سوف يجد نفسه بعدها يتجه نحو قراءة مواضيع أخرى مهمة غير رياضية، ولو أن شخصا يحب  السياسة فليقرأ في السياسة، وهكذا من يحب التاريخ يقرأ في التاريخ ومن يحب الاقتصاد يقرأ في الاقتصاد...إلخ، حتى تؤدي بك قراءتك فيما تحب  إلى أن تقرأ بعد ذلك في مجالات أخرى وتحب القراءة.

إن هناك أزمة ثقافة حقيقة في مجتمعنا الحالي نتيجة عدم التشجيع على القراءة، حتى طرق التشجيع التي يتجه إليها المهتمين بهذا الأمر، تحتاج إلى مزيد من تضافر الجهود، حتى يتم التشجيع على القراءة، فمن طرق التشجيع البرامج الثقافية والاهتمام بنشر قنوات الثقافة فمثلا نجد أن قناة النيل الثقافية لا يبذل فيها مجهود مثل الذي يبذل على قنوات النيل ا لأخرى سواء الدراما أو لايف أو الكوميديا وقناة الأفلام، مما يجعل الكثيرين بل ومن المثقفين ينفرون من برامجها والتي لا تمثل لهم أية أهمية ولا أية إضافة، كما أنه  لا يوجد في القرى مثلا مكتبات عامة، اللهم إلا مكتبات المدارس ومكتبات مراكز الشباب والتي قلما تجد بها كتبا مفيدة، هذا إن وجدت بها كتب أصلا!!!!، فعلى أولي الأمر والمهتمين بالقراءة أن يزيدوا من جهودهم من خلال زيادة المكتبات داخل القرى والكفور والمدن الصغيرة لا داخل المدن الكبرى فقط، لأن المكتبات المهمة والكبرى لا توجد إلا بها، مما يؤدي إلى زيادة المشقة في الحصول على الكتب، فمثلا مكتبة مبارك العامة ـ والتي تعد من أهم المشاريع المهتمة بثقافة المجتمع  والتي تم افتتاحها في مارس 1995م ـ لا يوجد لها إلا ست فروع في مصر غير الفرع الرئيسي في الجيزة وفرع آخر في الزيتون والفرع الذي وضعت النية إلى إنشاؤه في الزاوية الحمراء، وثلاثة فروع تحت الإنشاء وثلاثة لازال التفكير جاري في إنشاءها وتعد الخطط الإنشائية لبنائها، وكلها توجد في أكبر مدن المحافظات، مما يوجد صعوبة بالغة لدى مواطني الأماكن البعيدة عن المحافظة في الاستفادة منها؛ علاوة على أن هناك محافظات لم يتم حتى الآن عقد النية على إنشاء مكتبات مماثلة بها،  هذا بالإضافة إلى أن دار الكتب القومية لا توجد إلا في القاهرة، ونحن ندعو السادة المسئولين للعمل على إنشاء فروع لمكتبة مبارك داخل المدن الصغيرة والقرى والكفور، كما ندعو مسئولي الإعلام إلى الاهتمام بقنوات الثقافة مثلما تهتم بالقنوات الأخرى، ولما لا طالما أن هناك نية منذ فترة نحو تشجيع القراءة، ونشر الثقافة في المجتمع، وذلك حتى يتم تشجيع المواطنين على القراءة، من خلال تسهيل وسائل القراءة لهم، مما سيؤدي إلى النهوض بمجتمعنا ثقافيا.