خواطر مهجر قسري-1

د. عبد الله السوري

خواطر مهجر قسري

1

د. عبد الله السوري

[email protected]

قال تعالى (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً ) الأحزاب .

ومن استعراض سيرته $ نجد  كما يقول الشيخ سعيد حوى في الأساس في السيرة ، وكذلك الدكتور منير الغضبان في المنهج الحركي للسيرة  يقولان ماخلاصته :

كان الهدف الأساس من الهجرة إلى الحبشة هو توفير رصيد من الجماعة المسلمة يستطيع مواصلة الدعوة إلى الله ؛ إذا قضِيَ على الجماعة المسلمة في مكة المكرمة ، أو المدينة المنورة ، وبقي هذا الرصيد حتى أمن المسلمون بعد صلح الحديبية وصارت لهم شوكة ، فرجع جعفر رضي الله عنه ومن معه من الحبشة لدى عودة المسلمين منتصرين في غزوة خيبر .

جاء في الأساس في السنة وفقهها للشيخ سعيد حوى يرحمه الله ( 1/257) : (( قال الدكتور السباعي يرحمه الله : إن على الداعية إذا وجد جماعته في خطر على حياتهم ...أن يهيأ لهم مكاناً يأمنون فيه من عدوان المبطلين ...فإنهم إن كانوا قلة استطاع المبطلون أن يقضوا عليهم قضاء مبرماً ، فيتخلصوا من دعوتهم ، وفي وجودهم في مكان آمن ضمان لاستمرار الدعوة وانتشارها )) .

ويقول الدكتور منير الغضبان في المنهج الحركي للسيرة النبوية ( 1/66) :

تحت عنوان : البحث عن مكان آمن للدعوة وقاعدة جديدة للانطلاق (( ...وهذا ما أشار إليه صاحب الظلال يرحمه الله ... ولقد سبق الاتجاه إلى يثرب ، لتكون قاعدة جديدة للدعوة عدة اتجاهات سبقها الاتجاه إلى الحبشة ، حيث هاجر إليها كثير من المؤمنين الأوائل ، والقول أنهم هاجروا إليها لمجرد النجاة بأنفسهم لايستند إلى قرائن قوية، فلو كان الأمر كذلك لهاجر أقل الناس جاهاً وقوة ومنعة من المسلمين، غير أن الأمر كان على الضد من هذا ، فالموالي المستضعفون لم يهاجروا ، إنما هاجر رجال ذوو عصبيات لهم من عصبياتهم   في بيئة قبلية  مايعصمهم من الأذى ، وكان عدد القرشيين يؤلف غالبية المهاجرين منهم جعفر بن أبي طالب ، وأبوه وفتيان من هاشم يحمون النبي $ ومنهم الزبير بن العوام ، وعبد الرحمن بن عوف ، وأبو سلمة المخزومي ، وعثمان بن عفان الأموي ، وهاجرت نساء من أشرف بيوتات مكة ، مثل أم حبيبة بنت أبي سفيان ، زعيم الجاهلية ، ...ولاينفي احتمال أن تكون الهجرة إلى الحبشة للبحث عن قاعدة حرة أو آمنة للدعوة الجديدة )) .

ويضيف الدكتور منير الغضبان على ماقاله سيد يرحمه الله : (( فلم نعلم أن رسول الله $ قد بعث في طلب مهاجرة الحبشة حتى مضت هجرة يثرب وبدر وأحد والخندق والحديبية ، وعندما بعث رسول الله $ عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي يطلب عودة المسلمين ، التقى الضمري بعمرو بن العاص فاراً من مكة يبحث عن لجوء سياسي في الحبشة بعد أن أدرك ابن العاص أن سقوط مكة بيد المسلمين بات وشيكاً ...

لقد بقيت يثرب معرضة لاجتياح كاسح من قريش خمس سنوات كان آخرها عشرة آلاف مقاتل جاءوا في غزوة الأحزاب ليقضوا على شأفة المسلمين في المدينة ... وبعد صلح الحديبية اطمأن الرسول $ إلى أن المدينة صارت قاعدة آمنة للمسلمين ، وانتهى خطر اجتياحها من المشركين ، عندئذ بعث يطلب المهاجرين من الحبشة ، ولم يعد ثمة ضرورة لهذه القاعدة الاحتياطية التي كان من الممكن أن يلجأ إليها رسول الله $ لو سقطت يثرب في يد العدو ....وفعلاً وصل المهاجرون من الحبشة بعد فتح خيبر )).