يوم فقدت روحي

ليلى زيرق

[email protected]

كان يوم فقده مفاجأة غير منتظرة رغم مرضه الشديد،فالألم لم يبرحه لسنوات،عندما اسمع أنينه تتفجر فيا منابع الحزن حارة جدا، كنا ننام في سبات عميق وهو يتخبط بين  يدي  الوجع على كل الجهات.

أنين وآهات ,,,أكياس الدواء في كل مكان،انقطاع في الشهية للأكل والحياة !!

هذا الرجل لم يبخل عليا منذ أن رأي عيوني بأي شيء مهما كان حتى اسم ابنته المتوفاة.

فقد وهبني اسم ابنته وأورثني نصيبها من الحنان والدفء والرعاية،كنت ابنته حيث أنها غابت ورجعت هكذا كان يُشعر كل من حوله.

لم أحب رجلا كما أحببته على الإطلاق حتى والدي الذي أهواه لم ينل نصيبا من هذا الحب،الذي لم يكن يسبب له أي من مشاعر الغيرة بل كان يشعر بالفرح العارم لعلاقتنا.

عرفته في البيت والمدرسة والدكان والسفر،كان يأخذني معه لكل مكان،رأيت الدنيا وعرفتها بعينيه،حتى لما افتتح دكانا صغيرا عينني المحاسب فيها لشدة حبه لي وثقته.

صنع شخصيتي وصقل مواهبي وله الفضل كشخص في أن جعلني فتاة قوية في كل شيء حتى في مشاعري.

جدي؛عندما ذهبت للمقبرة لزيارته لم أجده هناك،قلت لهم هيا بنا نذهب ونبحث عنه في مكان آخر !!

من غير المنطقي أن يموت هذا الحب ويدفن هنا، لم أجد في هذا المكان الخاوي إلا رزم من التراب وبعض الحجارة وأسماء هنا وهناك..وأناس يتباكون مر الفراق !!

من الذي يصدق أن الحنان دفن والأمان والرعاية والأبوة تحت كمشه تراب؟

كم هي الحياة سخيفة كم هي دنيئة لا تفي لمن وفى ولا تحض من حضن.

منذ أربع سنوات,,كما أنها اليوم كنت احضر له العشاء وكان قد أفاق من غيبوبته ،ذهبت لجواره وبكيت،،قالت جدتي:" لا تبكي انه حي".

قلت لها :"دعيني ابكيه أمام عينيه من ذا الذي يخبره بحرقتي بعدما يرحل؟" فبكى معي وكان أخر يوم احكي والمسه وأتجرع حنانه.

عند المغرب احتضر جدي ..انقطع حبل الحياة به بين يداي فلعنت العجز.

مات في ربيع لم يزهر وكان صيفا حارا لا يشبه إلا النار..مرض ومات ومرضت به ولم أشف

مات وتركني وحيدة بين إخوتي وأهلي ..مات وبحثت عنه طويلا حتى في المكان الذي دفن فيه ولم أجده.

مات ذلك الرجل الذي وهبني لذة الحياة وبفقده فقدتها..مات ومات كل ربيع بعده فلن يزهر

مات فلم تعوضني العصافير بصوته ولا الشمس بطلته ولا النسيم العليل بدفء حضنه

مات وخلدته في الروح كأثر روماني لا تمحيه السنون.

رحمك الله يا من رحمتني.