حمار الشيخ
حمار الشيخ "3"
مين فرعنك يا فرعون
جميل السلحوت
[email protected]
عندما يقودني حظي العاثر بان اسير في شوارع قرانا واحياء بعض مدننا،اشعر براحة تامة
عندما أرى الأبنية المقامة على حرمات الشوارع فتزيدها ضيقا على ضيق،مع ان السيارات
المارة تزعجني، وتكاد تقضي علي وعلى حماري،خصوصا اذا ما التقت سيارتان ولا مجال
لمرورهما بقربنا .ويساعدني بالنجاة أن حماري غير معتاد على السيارات،فينجفل هاربا ،
مع ان نجاتنا تكون عادة على حساب شيخ هرم او امرأة او طفل يسير على رصيف غير واضح
المعالم،وفي كل الأحوال فان المتضرر يضع اللوم على سائقي السيارات ،واذا ما حاول
احدهم ان يلومني لاصطدام حماري به،فانه لا يلبث ان يتراجع عندما اساله غاضبا:هل
المذنب انت ام الحمار؟؟ فينصرف خائبا وباسما لأنه لا يريد ان يقترن مع حمار في
خصومة،وهذه من فوائد الحمير التي لا يعلمها من لم يعودوا يقتنون الحمير.
اما
سبب راحتي للأبنية المقامة على حرمات الشوارع فهي تنبع من طموحاتي بأن ازدياد
العمران بهذه الطريقة سيغلق الشوارع كليا،وستبقى طرقات للمشاة وللدواب ومن ضمنها
ابو صابر،وبالتالي سنعود الى ماض عريق اعتز به انا شخصيا،لأنني لا انتظر مستقبلا لم
يأت بعد.
وتزداد فرحتي عندما ارى ابنية من عدة طوابق واضيف اليها طوابق زيادة عن المسموح به
في رخص البناء،لأن بناة هذه الابنية يبيعونها بأسعار ارخص من المتعارف عليه لعدم
تقيدهم بمواصفات البناء والترخيص،وهكذا سأشتري شقة رخيصة الثمن،ولا يهمني احتمالات
انهيارها لايماني بأن الاعمار بيد الله سبحانه وتعالى،ولايماني بالقضاء والقدر خيره
وشره ولأنه لن يصيبني الا ما كتبه الله لي.
علما بأن لهذه الابنية فوائد اخرى لانها لا تخصص مرآبا لسيارات ساكنيها،وبالتالي
فانهم سيضعونها في الشارع ويغلقونه،وهكذا سأستطيع وحماري ان نتجول فيها كيفما وانّى
شئنا دون ازعاج، كما ان لها فوائد اخرى لا يعلمها الا المساهمون في تلويث البيئة
امثال محسوبكم،وهي ان هذه الابنية تقام في مناطق لا مجاري فيها، وبالتالي فان حفرة
الامتصاص –اجلكم الله- تفيض منذ شهرها الاول، فتنتشر الحشرات بأنواعها المختلفة كما
تنتشر الفئران والجرذ،والروائح الكريهة وهكذا فان الموت مع الجماعة فرج، ولن يستطيع
احد ان يتهم حماري بالمسؤولية عن هذا التلوث لان حظيرته تصبح في هكذا حالة هي
الاكثر نظافة.واذا ما حاول احدهم ان يحتج على الوضع،فان جوابي جاهز وهو انني سأقول
له "اعلى ما في خيلك شد واركب" لأنه لا يوجد من يعاقبني تماما مثلما لا يوجد من
يعاقب المعتدين على حرمات الشوارع وارواح البشر،فنحن على مقولة "قالوا لفرعون من
فرعنك؟؟ فأجاب:لم اجد من يردني".