على شاطئ بحر غزة
(من يوميات امرأة محاصرة)
سما حسن - فلسطين
المكان الوحيد الذي نلجأ إليه في الصيف هو البحر، وبحر غزة من أجمل المناطق التي يمكن أن ترى فيها جمال وروعة وهدوء البحر الأبيض المتوسط، ربما شاهدت البحر ذاته في أماكن عديدة من الدول العربية المجاورة، ولكنني لم أشعر بجماله كما أشعر وأنا اجلس على الشاطيء وصغاري يلهون في المياه الزرقاء حولي…..
ربما السبب الآخر أنني في وطني ، وكل شيء في الوطن يعشق………..
قبل ثلاث سنوات وقبل فرض الحصار على غزة، امضيت قرابة الشهرين في الاسكندرية، ولكنني لم أشعر برغبة في الجلوس إلى الشاطيء وقراءة كتابي المفضل كما اشعر على شاطيء بحر غزتي الحبيبة……….
على شاطيء بحر غزة تستطيع أن تشعر أن البحر هذا هو من أملاكك، وربما شهوة الامتلاك في النفس البشرية هي ما يبعث السعادة على النفس، وأنا حين أتخيل أن هذا الجمال هو من أملاكي، والتي خصني بها الله سبحانه وتعالى أشعر بسعادة كبيرة لا تقارن إلا بسعادتي وصغاري حولي يتقافزون في الماء تارة، ويهرعون إلى تارة أخرى طلبا لبعض الشطائر اللذيذة التي أعددتها في البيت مسبقا…………….
الوحدة على شاطيء البحر تطلق الخيال حقا، وتتذكر المقولة الشعبية عن الماء والخضرة والوجه الحسن، وبأن هذه الأشياء الثلاثة من دواعي السعادة واكتمالها في الحياة، وأنا على شاطيء البحر انطلق خيالي الذي لا زال يحلم بأشياء بعيدة، ولكنني كنت أفيق على صرخات صغيرتي وهي تشكو مناكفة شقيقها الأكبر لها، أو على أصوات النسوة المجاورات لي تحت المظلة القريبة واللواتي كن يتناقشن عن المحشي وأحسن طريقة لطهوه “بفراخ أم بلحمة”
الخيال الجميل والذي ينطلق على البحر ويخرج من قمقمه بحاجة إليك………..
هكذا كتبت بقلم الرصاص الذي وجدته في حقيبتي ولا أدري كيف وصل لها
كتبته على غلاف ديوان شعر نزار” أحبك والبقية تأتي”
وأنا أحبك ياغزة فهل تأتي البقية؟
الحرية والاستقلال وزوال الحصار والوحدة الوطنية؟
كله أمنيات كتبتها بوريقة صغيرة، ووضعتها في زجاجة مياه غازية فارغة، وألقيت بها مع الأمواج إلى من يهمه الأمر
أو إلى من سيجدها بعد زمن لا يعرفه إلا الله….