مجرد نملة

انتصار عباس

[email protected]

البيت خاو، مقعد وحيد تبقى، هو كل الأثاث، للنوم و الاستقبال و الحديقة والحياة، هو لذة الورود حين تلسع أشواكها عابري السبيل، هو النقش المتمرد خلف الأثواب، هو التراب بدايته ونهايته، هو الوهم اليقين، العبث الوجود، السؤال الجواب، تفاح حديثه تقطفه عيناها قبل أن يكون، وتعرف من أصابعه العيون التي صافحها وكم من العطر قد نفد ! خلع ثوبه يوما علّقه على أغصانها وما درى أن للأثواب قلوبا تُخلع معها، نملة مرّت بالدار أذهلتها الحكاية، تسللت بين الشقوق تقضم أطرافها، مد منقاره يبعد النملة عنها، راوغته طراوتها.

رأت النملة تتبختر على ظهره، امتد الجسد على الأرض يتربص الوحشة الصغيرة، زحف، مدَّ لسانه يشم الرائحة، انتفضت النملة   مذعورة،  وركضت  تدخل في الشقوق،  تقوقع الجسد، التف حول نفسه، لسعته الأرض بدفئها، سمع صوت ديكه يقترب،  شب واقفا كما كان، ترى الوحشة الصغيرة وهي تدور حول ديكها، فمها على وجهه، فمه على وجهها، يداعبها بمنقاره، يهتز جسدها الصغير بين يديه، نسمة رقيقه تمر، يرفع رأسه، يرى السؤال في عينيها، يخبرها أنها مجرد نملة، وأنه يشفق عليها ليس إلا، ينبش رأسه، كيف عرفت بوجود النملة وهو بالكاد  يراها! تتطاير الأوراق،  أعشاب صدره ملاذها،  ينتفض، يمدُّ بمنقاره، يلتقط النملة ويأكلها .

*  *  *     

   في متاهات الجسد وظله

 في الصباح يعشّب   قلبه

يقطف  كرز الشوق المطيب بالحياة ويجلس في المرآة  

عند الظهيرة يفترش جسده المملح بالتعب وينام

في المساء ينمل الدم بالرغبات

وفي الليل

في الليل

 يوسوس  الجسد بالحياة

في متاهات الجسد وظله      

يشتاق لصهيل امرأة  ...

يشتاق لصهيل امرأة

 يشتاق ..  يشتاق .. يشتاق   

لكن ....

 حطّبته الأيام   

*  *  *

تشابكت الأيدي مودعة، وبقيت الأصابع معلقة في الهواء ...

*    *      *

لم يعتد أن يشرب امرأة كاملة في لحظتين، لكنها اعتادت أن تشرب السنين برجل ...

*       *       *

إذ تمشي تقطف قلبه، وإذ تمضي تحجب عنه كل الرؤى ..

*         *       *

قلبه لها، أودعت قلبها لغيره .....

   *        *            *

حملت حقائبها وراحت الطريق تبتلعها، وخطى ما لبثت أن....  سحقتها الريح ....