ارفع راسك أيها الكلب

للكاتب الكوميدي الساخر والناقد الفلسطيني:

احمد حامد صرصور

[email protected]

الجزء الأول

بينما كنت اتجول في مدينة بيتح – تكفا ,الواقعة في اسرائيل . فهذه المدينة عبارة عن مركز تجاري , وخدمات, لقرى عرب ثمانية واربعين , المحيطة بها . ابحث عن ضالة لي ، راع انتباهي من بعيد , محل كتب على يافتته الكبيره,  "محلقه كلاب".

ما إن استوعبت حواسي المرئيه , والغير مرئيه , هذا الكلام , حتى اقفزت راسي الى الخلف , بحركه غير اراديه , متسائل باستغراب , عن مدى صحته.

صدرت من عقلي , اوامر طارئه , للارجل بان تسير , باقصى سرعه , في اتجاه المحل , لتقصي الحقائق, والتأكد من الخبر . وما هي الا ثوان معدوده , واذا  بي اقف امام زجاج العرض الكبير, المزخرف بصور كلاب  وقطط . وبينما عقلي مستمرا في الذهول , لمحت سيدة , على قسط كبير من الجمال , متالقه في ابهى زينتها من الثياب , الغير محتشمه . تحمل بين ذراعيها , بكل حنيه , كلبا .دخلت به لهذا المحل .

اقتربت من زجاج العرض , لمسافه تؤهل عيناي للرنو داخل المحل .

 ما إن دخلت هذه الفتاة المحل , حتى قام صاحبه من خلف مكتبه , متوجها صوبها , مع انحناءة ظهر للامام , وابتسامه جليه .

 في البدايه , لم افهم لمن هذا الترحيب , اهو للسيده , ام للكلب . لكن سرعان ما زال الشك , الذي ساورني لهنيه , وتبدل باليقين . فقد كان الترحيب للاخير , بعد إن قام هذا السيد , بالتمليس على راس الكلب , ومن ثم عناقه وتقبيله .

جاءت المساعدة  من اقصى المحل , تحجل في مشيتها , وكانت هي الاخرى , على قدر كبير من الجمال , لا يعيب اى فتاة، تلقف يداها الكلب , رافعة اياه الى اعلى , مع هزات خفيفه , ثم تخفضه الى فمها , مقبلة فاه , مدللة اياه , كالدلال الذي نداعب بت اطفالنا . كل ذلك يحدث وانأ في دهشة من امري .

اودعت المساعدة الكلب , حوض حمام مملوء بماء يتبخر. تناولت "شامبو" من افخر الانواع , وصبته على فروته . واخذت باصابعها تتزلج على شعره , تدلك بكل ما اوتيت من خفه , جلده.

مضت اكثر من ساعه , وانأ متمسمر في مكاني ,  تاخذني صفنه من النوع الثقيل ، ومما زاد الصفنه على صفنه , هو المناشف الفاخره , التي استعملت لتنشيف  فاقت وبرتها , وبرة شعر الكلب . كم تمنيت ان استعملها يوما .  

حملت المساعده الكلب بعد تجفيفه , ووضعته على طاولة قريبة , تشبه سريرا, في فندقٍ خمسة نجوم , حيث قدمت له وجبة غداء ، اتصور انها كانت فاخرة , لما رايته من تلذذ , ظهر على الكلب .

ما إن انتهي الكلب من تناول طعامه , واصاب قسطا من الراحة , حتى بدات المرحله الثانيه , وهي جزّ الشعر , والذي لم يكن عشوائيا كما اعتاد الحلاقون في قريتى. بل كان بالشعرة وبالتدقيق , حتى جعلوا منه اجمل ما يمكن . لو رأته كلبات القريه لانهالت عليه تقبيلا .

انتهت عمليه الحلاقه , والتي دامت ساعتين , ولم يردّ لصاحبته , الا بعد إن حصل على عدة قبل اخرى , من المالك ومساعدةه .

 اخرجت السيده ورقه  نقديه حمراء , من شنطة نقودها , ودفعت بها الى صاحب المحل. كانت من فئة المائتين شيقل , بحسب عملة اسرائيل .

اصابني من الذهول ما اصاب . وعندما عدت للقريه , احسست شعر راسي , فوجدت إنه  قد حقت عليه الحلاقة .  دخلت اول محلقه صادفتها , كان صاحبها عابس الوجهه. قلت له اريد حلاقه  الرأس . فرد علي وكأنه لا يراني . اجلس!!!!!!!!

جلست في كرسيه الغير مريح , ولف عنقي بمريول قبيح , اكل ولم يشرب عليه الدهر ، كدت اموت منه بالقهر, تظهر عليه علامات الاهتراء , كان لونه يوم من الايام ابيض , وكثرة الاوساخ حجبت الرؤيه عنه . وما هي الا دقيقتان , حتى انهي عمله , لم يثرثر فيها ,كباقي المزينين , ولم ينبس ببنت شفه .

ما ذاجرى للمزينين ؟ هداهم الله عن الثرثره.  

قلت له الحساب من فضلك , فقال ورقه خضراء. (عشرون شيقل) . سبحان الله هل هذا قدري كعربي في هذه ألدوله . الكلب اخذ من الوقت ساعتين , اما انا دقيقتين.الكلب تناول وجبه خلال الحلاقه , اما انا حرمت منها. الكلب تمتع باغلى "شامبو" ومناشف , اما انا بمريول مهتريء . الكلب دفع ورقه نقديه حمراء , ام انا دفعت ورقه نقديه خضراء0

الجزء الثاني

لم يرق لي هذا الوضع , فقلت للحلاق , هل لي بعقد صفقة معك. سازج لك بورقه نقديه حمراء, زياده على الخضراء , بشرط إن تحلق لي راسي من جديد , وتاخذ من الوقت ساعتين , او يزيد .تستعمل منا شف جديدة , و"شامبو" فاخر. فقاطعني الحلاق بقوله , وساقدم لك وجبة عشاء .

الغريب في الامر , إن الحلاق عادت له بسمته وثرثرته. وبعد إن انتهى من عمله قال : هل لي الامان إن صارحتك , وصدقتك الحديث . قلت له لك ذلك. قال: انا لم ار اغبى منك احد قط . فقلت له اجل . ولكن

اعلم ........ انني اشتريت عروبتي بورقه نقديه حمراء .  وسارفع راسي عاليا واقول انا عربي , افضل من الكلب !!!!!!!!