شاعر في حلم ملهمتي
شاعر في حلم ملهمتي
مصطفى أحمد البيطار
أ أنت عبير يتندى ؟ بهفهفة النسيم عند الغروب ، مع الأصيل قبل الشروق ؟ مع بزوغ الفجر فوق براعم الورد ؟ على هام الزهور منتشرا أريجه على طول المدى ؟
أم أنت كوكب دُرِّيّ يتناثر لألآؤه على مُهَجِ النفوس لتسعدا ؟ أ أنت ورد برياض فاح شَذَا عبيره للعاشقين ، للبلبل الصداح فغردا ؟
أم أنت دُرٌّ في أصدافه ؟ أم لؤلؤة في جيد غادة حسناء تتيه فتونًا بين جمان وعسجدا ؟
هل أنت غصن بان يميس زهوًا بين الحور الحسان بربوة غناء متفردا ؟ أم أنت سراب لظمآن حُبٍّ بين أطلال الحبيبة هائمًا مترددا ؟ أم أنت عصفورة فقدت أليفها في غابة ملتفة تنادي مِن على كل فَنَن : يا تائها يا مبعدا ؟
أ أنت دِيمة تَسقِي بهتونها عشبًا أخضر لظبي مشرد ؟ لله درك يا فاتنتي رميت القلب من قوس حاجب بسهم طرفك فأدميت الكبدا .
مهلاً ؛ أنت الطبيب المداوي ، وأنت العُوَّدُ.
أتتركين من ذاب صبابة بهواك بلا إسعاف بالعراء ممددا ؟ أسرت العقل والقلب معًا ، وأضنيت الجسم بطول سهر ، أ أنت الحبيب ، أم العزول الذي توعدا ؟
بسمة من طرفك الوسنان يبعث الأمل مجددا ، رحيق ثغرك بلسم ، ورُضَابُه شهد يَبُلُّ الصدى ، أميطي اللثام عن لمعان برق من لألاء خدك المتورد ، عبير أنفاسك عنبر يفوح من كل معبر تعيرينه ، ويبقى له عبق على طول المدى ، وذوائب شعرك المهفهف المسبل بلا ضفائر يستر ضياء وجهك المتهللا .
أنا يا ساكنة الفؤاد خبير بِدَلِّ الغيد الحسان الخُرُد([1]) ، لي قلب خافق عند الحبيب له صدى ، أنا في سكون الليل يا حياتي أعكف على قرآن ربي مجودا ، وتارة راكعًا ساجدًا متهجدا ، لا أذل إبائي بخيانة غدر ، أو بخلوة لا أراقب فيها الواحد الأحدا .
أتدري يا صاحبي؟ كل الذي وصفته لك كان في المنام حلمًا لشاعر عبقري ، له في الحياة فري كفري الرجال ، في النثر ، في الوصف لا يباريه من أقرانه أحد .
([1]) الأبكار.