لماذا لا نكون أنقياء
زكريا إبراهيم العمري
كلية الإعلام - جامعة اليرموك
وانتفض كالطير المذبوح وهو يشعر بأن كرامته قد طعنت في الصميم بل أنها طحنت أمام عجلة ظالمة عندما قيل له .. انت غشاش فهو لم يتعود سماع هذه الكلمة أنها رهيبة لا تطيقها نفسه التي ما إعتادت إلا أن تكون نقية مخلصة لكل من تربطها به اي صلة مهما كانت فقد إعتاد ان يجعل الإخلاص في العمل جزأ لا ينفصل عن ضميره وان يكون إخلاصه لأصدقائه أسمى من كل مصلحة وأنبل من أية غاية لقد وضع حاجزا وسدا منيعين يفصلانه عن كل ما في الدنيا من زيف ورياء وخديعة ومع ذلك وجد من يقول ... أنت غشاش .
لعله اتهام جائر ظالم أم لعل تصرفات قام بها بلا قصد يبدو كذلك ولكن هل في ارتكاب خطأ في التطوير او التقدير ما يرد الاتهام بالغش تلك الكلمة الفضيعة اللعينة وصمت الرجل على مضض وهو يشعر بالطعنة تسحق كل كيانه .
ترى كم نصادف في حياتنا اناسا ظلمهم المجتمع او ظلمناهم نحن عندما نقيم تصرفاتهم على ضوء واقع غير صحيح او بميزان غير عادل تتحكم فيه الاهواء وتسيره المصلحية دائمة الشك ومغالية الحذر .
وكم من اناس يقدمون انفسهم قرابين بلا ثمن وبلا أمل في مصلحة او منفعة أنانية ومع ذلك رحنا نغلق تصرفاتهم بما تمليه علينا الشكوك وانعدام الطيبة والسمو .
ولماذا قيل لمثل ذلك الرجل المتفاني ... انت غشاش .. وهو الذي لم يعرف الغش في حياته لماذا نصور الخطأ على أنه غش ..؟؟
بل الأدهى من كل ذلك نصور الطيبة والابتسامة على أنها وسيلة خديعة وسبيل تزوير لماذا لا نكون أنقياء وننظر على أنهم أنقياء ..؟؟