الهجرة والإقلاع الحضاري للأمة الإسلامية
د. موسى الإبراهيم
قال الله تعالى:{إلا تنصروه فقد نصره الله إذا أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول الصاحبة لا تحزن إن الله معنا}([1]).
إن الإسلام العظيم هو رسالة الله العالمية والخالدة لإنقاذ الناس وتكريمهم، وهو المنهج الرباني الذي لن تفلح البشرية ولن تجد الراحة والسعادة إلا في رحابه وتحت مظلته الجميلة الحانية.
- لقد أرسل الله عز وجل محمداً % بهذا الدين واقتضت حكمته تعالى أن يكون ظهور هذا الدين وانتشاره وفق سننه الكونية الثابتة.
{والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}. {إن تنصروا الله ينصركم}.
- فلم يتمكن الدين في الأرض حتى بذل المسلمون الثمن الذي يستحقه ذلك العطاء الرباني، ولم يكن مجرد وجود الرسول % على رأس القافلة رائداً للركب ليعجل من الأمر شيئاً أو ليغير سنة الله في الإصلاح والتغيير. {إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم}.
ولما دفع المسلمين الثمن وبذلوا الجهد المستطاع وخلصت نفوسهم لله تعالى. وتعالوا على الجراح والآلام وصبروا على الشدة والفتن والإيذاء في الله وقدموا كل ما يملكون نصرة لدين الله، حتى هجروا الأهل والأوطان، وطابت نفوسهم، واطمئنت في الغربة قلوبهم اعتماداً على المفهوم الأرقى للوطن وأنه حيث تعلو فيه كلمة الله ويرتفع فوق ربوعه الآذان. ولـما خلصت نفوسهم من حظ نفوسهم عندها جاء النصر والتمكين وأذن الله للمستضعفين فجعلهم أئمة وجعلهم الوارثين وكانت البداية يوم الهجرة!!