وجع سؤال...
ربا زيدان
سألتك ليلتها..ما أنا لك؟؟
كان سؤالي غنجا..رقيقا، يحمل في طياته ورود شوق تلامس وجنتيك..كان سؤالا، أدرك اجابته..وأشعر بحلاوة صوتك عند نطقه..كان دعوة غرام، وليس حقا بسؤال..
وانتظرتك...انتظرت انفراج شفتيك عن أحد الأجوبة المحببة التي كنت أتوقعها..وبداخلي فضول انثى لمعرفة كنية الحب الجديدة التي ستنتشي أسماعي بها هذه المرة.
وصمت...وطال صمتك، ولم أكترث...كان قلبي يلتصق بدفقات فؤادك، ويداك ترسلان شلالات دفء في خصلات شعري، وأناملك الغالية تعبث بوجنتي..ما همًني انا ان انت أطلت الاجابة!!؟
وانتظرت...وأخذت ألهو بأزرار قميصك المذهبة..وأمسك لساني عن أن يردد بخفوت جميع أسماء الهوى التي لطالما تلقفتها أذناي...
وصمت... وطال صمتك، ومازلت أنا مغمضة الأعين، أرنو اليك بشغف اسطوري، وافتش عن طرق ألتحم بها بنبضك أكثر فأكثر...
وازداد سؤالي غنجا..وامتلاء اصرارا، وانت تصمت.
وتتوتر الأنامل...وأشعرأنا باختلاف وقعها على خدي...
فأنظر، أنظر اليك..لأرى مشهدا لطالما أغناني عن سواه..أتامل وجهك الغالي، وفي عيني تساؤل مكتوم..وقلق لا مبرر.
أفتح أنا عيني..لأرى مقلتيك، جوهرتا روحي ومصباحي عمري،، وتجذبني مواسم الصفاء المترقرق فيهما..ويبهرني ذاك الأنف المنحوت بمهارة، وتغريني تلك الشامة الملتصقة بالفك...
وأنت....لا تتكلم، وانا يشتعل خوفي، رغم أني بين يديك..ازداد تشبثا بساعديك,أرنو اليك..اسمع صوتي يتردد، ذات السؤال.. لكنني لا أسمع دلالا هذه المرة، أسمع رجاء، أسمع سؤالا لست متأكدة من اجابته...ليس الآن...
وتلتصق كفاك بوجنتي، وأرى انعكاس صورتي يحتلهما، وأراني..وأنشغل لثوان بتأمل تلك العينين، عيناي ....في مقلتيك..
ولكأنني أتذكر فجأة أن اجابة لسؤالي لم أسمع بعد..وأراك ، وأصمت هذه المرة...
ولكأنني ما عادت بي رغبة في سماع الاجابة، ولا أدري لم...
وتتكلم أنت، وانا..لا أدري أن حصلت على اجابة ام لا.
"غصة.."...."أنت لي غصة".....
ولكأن حواسي تتعطل عن الفهم آنذاك، ولكأن جميع المفردات تبدو بلا معنى..واذ بي اعود أعواما كثيرة الى الوراء ، لأتشكل طفلة تلهو بالكلمات..تصنعها من أحرف ، طفلة تحبو على دروب القراءة من جديد..
ولكأنك سبرت غوري..ولكأنك شعرت بحيرتي..ولكأنك أدركت أنني لا بد سمعت..ولا بد فهمت.. وأنني لا بد لم أفهم...
"أتعلمين ماهي الغصة؟؟"
وأوجه نظري اليك، بعينين دامعتين هذه المرة..ولا تنتظر أنت ردا..فعهدك بي أن أصمت حين أنت تتكلم، ولقد عرفت أنني صمت ، فقط لأستنشق كلماتك بصورة أفضل..
"الغصة هي شدة الألم..هي رغبة قاتلة لم تلبى..هي شوق محموم..وحرمان أبدي.."
وترتسم على زاوية فمي ابتسامة..رغما عني أبتسم..لأنني عرفت أن الأجزاء الأخرى من الوصف ما هي الا احساسك انت بالكلمة..وتعريفك الشخصي للمفهوم..
وأبتسم، اذ أنني أدركت أنك امتصصت عاداتي حتى النخاع، وبت ترى الأشياء بوجهة نظر خاصة..وتصدر تعريفات مختلفة لأشياء بات الناس يحفطون مكنونها دون شعور..يحفظون ما كتب عنها في الكتب المدرسية والنواميس الثابتة...
وتمتزج بابتسامتي دمعة..لا أعلم كيف انطلقت، وكيف تدحرجت حتى وصلت شفتي..
وأدرك الأجابة... اجابتك..
ولا أستطيع أن أواصل التحديق في وجهك، وينغلق جفناي على جمرتين، وأدفن رأسي في صدرك...
وأفكر..
أحزينة أنا لأنني سمعت جوابا لم أعهده. لم أتوقعه؟؟ ألوصفك اياي بالألم القاهر أتألم؟؟ ألتعابير وجهك الموجوعة؟
أسعيدة أنا؟ لسماع أجمل كلمة غزل لامست قلبي قبل أن تلامس اذني ؟ ألتأكيدك لي أنت تحبني حتى الألم؟؟
أم مجروحة أنا؟ لأن لوصفك هذا دلالات عدة ، تجاهلت سحري وفتنتي وذكائي..وتركزت حول ارتباطك المؤلم بي...
"غصة أنا..." وجدت نفسي أتمتم وأبتعد..وأنت تدفعني بشدة الى صدرك..
وتهمس...
" منحتك وصفا خلابا، لا يقدر على الاعتراف به أيا كان..قد تكونين غصة أبدية، لكن خبريني..أأسررت لك يوما بأنني أهوى حياة بلا وجع؟"
ولمحت أنا دمعة أخرى تنسكب ، لتلهب وجنتي..بل دمعتان.. بل...وتوقفت عن العد.