يا عيد
يا عيد
عبد الله الطنطاوي
ها أنتذا تعود يا عيد، والطواغيت ما يزالون يجثمون على صدور أبناء الشعب السوري الأبي ا لحضاري .
يكتمون أنفاسه ،ويزجون بأحراره في أقباء السجون والمعتقلات ، والأمهات والزوجات والأخوات والبنات ، والآباء والإخوة والأبناء ،ينتظرون لحظات الفرج ، عودة الأحبة الذين يقبعون في أعماق السجون منذ أكثر من ربع قرن ،يبدو أنها لا تساوي شيئا عند دارس طب العيون في بلاد الحضارة والنور .. في بريطانيا المتمدنة التي أعياها هذا القادم من بلاد علم شعبها البشرية كيف تمسك القلم وتخط الحروف .
إن هؤلاء المعذبين ينتظرون الفرج على أيدي كل الناس ما عدا يد طبيب العين الذي يزعم له الزاعمون أنه عاش في الغرب المتحضر ، وأنه عاد لينشر الديمقراطية في شعب همجي لا يستحق إلا أن يكون من العبيد .
وهؤلاء العبيد …ينتظرون الفرج ..لحظات الفرج ، حين تحطم القيود والأغلال على رؤؤس الجلادين الصغار والكبار ؛ فالأطفال والأيتام ومن في حكمهم ,والأرامل والأيامى ومن في حكمهن ,يتضرعون إلى العلي القدير أن يعجل بسقوط هذا النظام الفاسد ’وقد سمعت أسرة كاملة تبتهل إلى الله بخشوع ودموع قبيل الإفطار ،ان ينزل عقابه المدمر بهذا النظام ،وكان دعاؤها هذه الكلمات :
(
اللهم دمر نظام أسد ودمر عليه )تكرر هذا الدعاء مرات ومرات حتى يؤذن المؤذنون
ولم أكن أملك دموعي ،وأنا أستمع إلى هذا الدعاء الرعيب ،وكان لساني يؤمن على دعائهم هذا القاصم ،ويردد:
اللهم دمرهم ودمر عليهم ولا تبق منهم أحدا .
يا عيد
تعود والوطن الحبيب في خطر….في خطر يحدق به من كل جانب ،و الصبية من العسكر لاهون عابثون غارقون في صراعاتهم على السلطة والنفوذ، من اجل النهب والسلب حتى لم يبقوا من ثروات الوطن شيئا ،والعبث بأمن الناس ، والعدوان على الأشقاء في كل مكان ،شرقا وغربا وجنوبا وشمالا ، ولكنهم يمدون للعدو أيديهم الملطخة بدماء الشعب والأشقاء ، ليرضى العدو عنهم ،وما هو براض عنهم بعد أن استنفد أغراضه منهم ، ويريد التخلص من عار تسليطهم على رقاب هذا الشعب المظلوم منذ أكثر من أربعين عاما لقاء قمع الشعب وقتل أحراره وتسليم جولانه ، يدا بيد ،في خيانة لن ينساها العرب على الزمان ،وسيقول التاريخ كلمته في حقبة حكمهم:
(
سلط الأمريكان على الشعب السوري عصابات من القتلة واللصوص واستمر حكمهم اثنين وأربعين عاما ارتكبوا خلالها أقسى أنواع الجرائم ،ونشروا الفساد ،ومكنوا للصهاينة في فلسطين ثم ثار الشعب السوري الحر ، وتمكن من تحرير نفسه من أولئك الأوغاد )يا عيد
الشعب والأمة وسائر الأحرار يتطلعون إلى سقوط هؤلاء الساقطين في قاع الجحيم قبل أن تغادرنا فهل إلى ذلك من سبيل