جلود الأفاعي

نجدت الاصفرى

[email protected]

تغمرنا فرحة غامرة كلما انبثق اسم لمجموعة معارضة جديدة تزين يرنامجها وتذوق مبدأها، ثم ما يلبث الحزن الشديد أن يلفنا ونحن نسمع البيانات يتراشق بها المؤسسون الاتهامات حتى كاد الياس ان يستولي على الشعب الطيب الذي يضع امله في مجموعة ثم يصاب بالخيبة في احلامه.. فما السبب؟

تتراجع المبادىء اليوم بسبب الخلل في القصد السامي والعمل النبيل والهدف الجليل الذي يجب ان يعتلي كل مشروع هدفه الصالح العام. فالمتنطعون الذين يحسنون الألفاظ ويجمّلون العبارات للقصد السيء بالكلام المعسول هو آفة الفشل وعلة الانهيار، فلم يعد الصالح العام هو بيت القصيد، بل أصبحت المنافع الشخصية هي الهدف الحقيقي؛ لذا تجد المتحاورين يختلفون حول الكلمة ومعناها حتى تصبح جملة ثم تصبح الجملة  مقالا، ويغدو المقال موسوعة فيتيه الأفراد في خضم الميدان وتضطرب بوصلة المشروع: أي اتجاه يسلكون وأي هدف يريدون؟ 

إن تبديل المواقف والمبادىء بتبدل الظروف هي التي جعلتنا نتساءل: كيف نصل، ومتى نصل، وماذا نحقق؟ 

متى يبلغ البنيان يوما تمامه          إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم 

في تراث

 هذه الأمة مواقف نكاد عندما نمر عليها مرور الكرام أن نفقد القدرة على فهمها؛ فهي لم تكن مجرد نظريات تحتمل الصواب او الخطأ، بل كانت حقائق واقعية وأساليب عملية لأناس حكموا وطبّقوا وانجزوا ما يفتخر به التاريخ.

فذاك الذي قدّم مشروع تعينه حاكما قائلا: أيها الناس.. لقد وليت عليكم ولست بخيركم؛ فإن احسنت فاعينوني، وإن أسأت فقوّموني.

وذاك الذي سئل من قبل ضيفه ( رسول واليه في الأمصار) عن سبب اطفائه للشمعة التي كانت تنير جلستهما ليلا؛ فقال: شمعة الناس لقضاياهم، فلما انتهى البحث في أمورهم لم يعد لنا حق استخدام شمعتهم! 

نريد اناسا يمتثلون بتلك النماذج؛ فيتجردون من أنانيتهم وينكرون الذات ويخلصون العمل في سبيل مصلحة عليا عليهم ان يؤمنوا بها ويضحوا من اجلها قبل أن يفكروا بمصالحهم الشخصية، لا أن يبدلوا جلودهم حسب الظروف ويلبسون لكل مناسبة لبوسها كالثعابين تبدل جلودها بما يتلاءم مع محيطها؛ فإن التاريخ يخلد الأعمال والمنجزات ولا تعنيه المصالح الآنية.