حدوتة المخيم
الأديب الفلسطيني/ عادل عبد القادر الهور
وتسير قافلة من الشجون يتقدمها الشوق ويتخللها الأمل ،تقتحم علينا بحاضرها لتخاطب فينا الماضي ...تقتحم الذكريات ..تقتحم المخيم .. تتفقد منه الأزقة والشوارع
، والحجارة والتراب ... .
سحابة من الأحاسيس الفياضة .. طوفان من المشاعر ..الملتهبة .. وبحر من الصمت
تحيط شواطئه بجنبات المخيم
كثير من القصص والعبارات والخواطر ..وقليل من السلاح .
كل ذلك تراه في عيني ذلك الطفل ،وفي أغصان تلك الشجرة .
كل ذلك تقرأه بأناملك حينما تلامس حبيبات من الرمل على أرض هذا الوطن الصغير.. تلك الحبيبات التي تروي لنا حدوتة المخيم ...
قصة اللقاء .. وقصة الرحيل
بارودة قديمة وطلقات فارغة ودماء على شجرة قريبة ودماء على قطعة من القماش ،وثياب شهيد
دماء على حجر ودماء على سلاح .
صورة من الماضي وصورة من الحاضر ..
شجرة وتراب أرض وسماء .. ماء ودماء قبر ورثاء .
طفل يلعب في المكان بين زهور حمراء يجري ويمرح ويعلق في خاصرته أشياء ، كلما غلبه التعب مضى إلى تلك الشجرة وجلس أمام ذلك القبر وأخذ بتلك الأشياء وضمها إلى صدره وقبلها وهدأت عليها نفسه فنام... ومن بين أنامله ظهرت تلك الأشياء ،فيها بعض الطلقات وفيها بعض الحلقات ، في كل حلقة صورة حجرية حمراء ..
عجوز يسير في أول الطريق يدق بعصاه التراب ويدك برجليه السراب ...، وجهه معرًق كشجرة الزيتون القديمة .ز
يقترب إلينا ويسير نحونا .. نظراته عتاب ، وخطواته حساب .
وعلى عاتقه بارودة قديمة كخارطة الوطن المنسي وفي خاصرته نفس الأشياء .. حلقات .. وطلقات ، وفي عينيه تقرأ أسماء . في كل يوم يأتي إلى تلك الشجرة ويجلس أمام ذلك القبر ويسجل أسماء .