الجدار الحُر
الجدار الحُر
هديل العابد
هناك حيث تنتحر الكلمات بكل بساطة وروعة خلف نظراتي وابتسامة المستهزئين والعابرين مررت في شارع وأنا امعن النظر إلى الحائط كان هناك جدار مكتوب عليه (( سنبقى احرار رغم كل شيء )) ومرسوم بجانب هذه الكلمات القليلة ذات المعنى الواضح سلاسل وعلم بلدي أمعنت النظر وسافرت في دنيا هذه الحروف القليلة واوشكت ابكي بمرارة على معناها ومر في ذاكرتي هناك اني طالبة تذكرت في جامعتي حائط صغير موجود في كل الجامعات في بلدي يدعى _ الجدار الحُر_ تذكرت انه كان يعبر عن الديقراطية وعن القرارات التي نتخذها نحن الطلاب وكل شيء كان يدور خلف كتب الدراسة تذكرت كيف كنت أقف بعناية لأقرأ واستفسر ما فيه وكيف أن الكل يمرون من حولي وينظرون إلي و كأنهم يقولون لي بأعينهم أليس لديك اهتمام أفضل من هذا مارسي شيْ مفيد وأعدت النظر إلى الحائط أمامي وكيف أن هذا الحائط يشبه الجدار الحُر ولا يجد من يقرئه او يتمعن في معناه وكيف انه من كتب هذه الكلمات لا يجد من يسمعه ويفهمه لدرجة اراد ان يلفت انتباه الناس لما في مخيلتهِ حتى لو عن طريق حائط في طريق عابر ورأيتُ كيف ان الناس في بلدي يتجاهلون عمداً هذه الأمور والتفاصيل الصغيرة وذات المعاني الكبيرة ورأيت الناس حين تمر بهذا الحائط وكأنها تمشي في طريق غريب تجتازهُ لأول مرة فتكون موجهة نظرها إلى نهاية الشارع لمعرفة ما في نهايته لتعبر هذا الطريق الغريب دون ان تلتفت إلى جدران هذا الشارع وما حولها لأنها وبكل بساطة غير مهتمة اصلا إلا لما في مخيلتها وهكذا تنتحر الكلمات دوماً على كل جدار حر ينطق بالحرية ويحمل أروع الكلمات رغم أنها قليلة جداً لكنها معبرة اكثر من ان يتصور من يمر بها دون عناية أو انتباه وان كل الأشخاص يجعلون عقولهم كصندوق مغلق لا يستوعب ما حوله ولكن مهتم فقط بالحفاظ على ما في داخله وتأملت نفسي كيف اني كبرت واستوعبت ان هناك على هذا الجدار وخلف هذه الكلمات البسيطة ثمة زاوية تطلق منها كلمة جميلة تدعى الحرية لن ينتبه اليها ابناء بلدي ويلاحضها المحتلون حين تطأ اقدامهم ارضي فيحاولون الحول دون وصول معناها الى كل ابناء بلدي مع انهم كلهم لديهم عالماً من الحرية لو فسح له المجال لغطى اكبر مساحة من الكرة الأرضية بدل ان يقف هناك في الزاوية مغمض الأجفان ومحافظاً على الصندوق الموصد بأحكام في رأسهِ