الحزب الفرعوني القاروني
الحزب الفرعوني
القاروني
بقلم: الدكتور جابر قميحة
معذرة يا قارئي العزيز, لا تحرجني بسؤالي عن عدد الأحزاب المصرية وأسمائها, لأنني
واقع في الخطأ لا محالة, ولكن في مصر حزبا أعرف اسمه ومسماه جيدا, إنه «الحزب
الفرعوني القاروني». فهو حزب له وجوده المتجذر الأصيل, وهو حزب لا يستطيع أن ينكر
وجوده أحد, وهو حزب لم يكن- ولن يكون- في حاجة إلي اعتراف من لجنة الأحزاب, لأنه
أكبر وأقدر من أن يحتاج إلي مثل هذه الموافقة أو ذلك الاعتراف, فهو واقع موجود..
موجود حتي لو صدر ألف قرار سيادي بأنه حزب «مزعوم, أو محظور, أو تعوزه الشرعية,
أو.. أو..».
وهو حزب له شعاره, وبرنامجه, ومبادئه, وعلي العضو أن يحفظها عن ظهر قلب, ويأخذ نفسه
بها في حياته العملية. وقد سجل كل اولئك فيما يسمي «اللائحة الماسية» وأنقل للقاريء
ما جاء فيها حرفيا:
أولا:
المرجعية: لا مرجعية للحزب إلا سيرة فرعون موسي العظيم, وسيرة السيد الأعز:
قارون.
ثانيا: الشعار: للحزب شعاران: الأول فرعوني: وهو: أليس لي ملك مصر, وهذه الأنهار تجري
من تحتي? والثاني: قاروني, وهو: إنما أوتيته علي علم عندي.
(
تفسير: اتخذ الحزب سيرة الجليل العظيم فرعون موسي, والسيد الرفيع قارون
مرجعية وحيدة لأعضائه, لأنهما أثري أهل عصرهما, فكان لهما شرف التملك والحيازة
والهيمنة, فالأول كان مالكا لمصر بكل أراضيها وأنهارها, وضحي بنفسه غرقا في سبيل
مبادئه, والثاني كان مالكا لكنوز الأرض, مما يعجز العقل والنظر عن حصره, ولم يستسلم
لأصوات السوقة والرجعيين, وآثر علي الاستسلام أن يخسف به, وبماله, وبداره الأرض.
وكان للعظيمين الجليلين من الزخارف والبهارج والترف ما يفوق الوصف, وما ذهلت -وما
زالت تذهل- له الأجيال علي مدار التاريخ.
...
ثالثا: المباديء والقواعد:
1- عضوية الحزب مفتوحة لمن لا تقل ثروته عن عشرين مليونا من الجنيهات, وعلي المتقدم
لنيل شرف العضوية أن يقدم «للجنة القبول» المستندات التي تثبت ذلك, وعليه كذلك
اقامة ثلاث حفلات باذخة لمائة عضو من الحزب لاثبات قدرته علي التحلي بالاسراف
والتبذير والبذخ.
2- لا علاقة للحزب بالسياسة والوطنية والقومية وما يسمي بالجهاد والمقاومة
والتحرير, ولا إيمان له إلا بالقومية الفرعونية القارونية.
3- انطلاقا من القاعدةالقارونية يؤمن الحزب بأن ملكية المال ليست استخلافا «كما
يقول الظلاميون» ولكنها حق خالص دائم ثابت لأصحاب المواهب الاستثمارية من أعضاء
حزبنا.
4- مصادر الثروة يجب أن تظل سرا مكتوما لا يعرفه إلا مالكها, ومن ثم لا يعترف
الأعضاء بما يسمي بقانون «من أين لك هذا»? فمثل هذا القانون لا يحاسب به إلا
«الطبقات الدون» من الموظفين, وصغار الملاك.
5- يؤمن الحزب بأن «الغاية تبرر الوسيلة», وذلك لإزالة العقبات التي تقف في طريق
انمائنا للثروة, ومن وسائلنا في ذلك : «إعلانات الترحيب بالوزراء والمحافظين الجدد»
بعبارات أكبر منهم بكثير (وهذا يسميه العوام نفاقا).
ومن ذلك «الهدايا القيمة» و«التليين» و«التظريف» مما يسميه العامة والرجعيون رشوة.
ومن ذلك حفلات «العشاء الراقص» للشخصيات الكبيرة النافذة, مما يسميه الرجعيون
الجهلة مجونا وفجورا.
6- تحقيقا لمعطيات «العولمة» يجب أن يكون في حفلات الزفاف تمثيل لأكبر عدد من الدول
فيما يتعلق بمفردات الحفل المستوردة: فلحم الكانجرو من سويسرا, والطواوس من
النرويج, والجبن من هولندا, والكافيار من روسيا, وثوب الزفاف من باريس, وفريق
الموسيقي والغناء من إيطاليا. وهذا علي سبيل التمثيل لا الحصر والتثبيت.
7- علي الأعضاء ألا يدعوا لحفلاتهم - وخصوصا حفلات الزفاف - إلا من يطمئنون لولائهم
أو صمتهم وعدم التشنيع عليهم (لقطة مقتطعة: يلمح البند السابق إلي حضور المدعو
«حمدي قنديل» حفل الزفاف الذي أقامه الأخ العضو (ك.م.ل), وخرج يعبر عن غيظه وحقده
بسبب عشرة آلاف جنيه من الذهب نثرت علي أقدام العروسين).
8- من حق العضو أن يرشح نفسه للمجالس النيابية, وعليه أن يتبع كل الطرق والوسائل
لتحقيق النجاح, ومنها ما ذكرناه في البند الخامس علي سبيل التمثيل لا الحصر.
9- علي الأعضاء أن يقوا أنفسهم وأهليهم وأبناءهم شر العلوم والثقافات الدينية,
ومباديء الإخوان المسلمين, وأن يرتبطوا دائما بالقيم الغربية, وألا يلحقوا أبناءهم
إلا بالمدارس الأجنبية.
10- علي الأعضاء أن يقضوا بشتي الطرق علي دعاوي الحقدة والحاسدين بأن الترف
والمترفين يجرون الأمة إلي الخراب.
11- تحقيقا للتآلف ووحدة الفكر والسلوك الحزبي, وتفاديا لنظرات «الطبقة الدون»
وحقدها علي الأعضاء كان لزاما عليهم – بصفة تدريجية - اقامة «مستوطنات» فاخرة
لسكانهم في مناطق منعزلة بعيدة عن المناطق المعهودة التي يقيم بها الآخرون.
12- علي كل عضو - من أجل التمثل والاقتداء - أن يقرأ ويستوعب كل صفحة من إنجيل
الحزب الموسوم باسم
«قاموس
التبذير الفرعوني والترف القاروني»
ومن النماذج الطيبة الفخمة في هذا الكتاب الجامع:
أ- سيرة العظيم الأفخم الأخ الأمير «خمروية بن أحمد بن طولون» الذي كان - من
رفاهيته - لا يلبس الثوب إلا مرة واحدة, ولا يركب الحصان إلا مرة واحدة, وجهز ابنته
«قطر الندي» بجهاز لم يعرف التاريخ مثله (ص122-152).
ب- تفاصيل الليلة الحمراء الحلوة التي عاشها أحد الكبار ودفع «للأوروبية الحسناء»
فيها مائة ألف دولار, ونظم الحاقد «عمر أبو ريشة» فيها قصيدة ساخرة, يقول في
ختامها:
هكذا تقتحم القدس علي
غاصبيها هكذا تسترجع(ص422)
ج- تفاصيل الأيام الملاح في زفاف «كبير» في بلد عربي, ومنها:
- استوردت عشرة ملايين «لمبة» كهربية ملونة من هولندا لتزيين الشوارع.
- حملت الطائرات من أمريكا ملايين العلب والمعدات من ثريات ورايات وقناديل, مليوني
صاروخ زينة ..صنعت خصيصا لتطلق الزغاريد وتغريد البلابل.
- استيراد المشروبات والمشهيات والمطوحات (المسكرات) من بريطانيا واسكتلندا.
- استحضار أساتذة المطبخ الفرنسي, ومشاهير الجرسونات والميترات والمطابخ
الالكترونية (من باريس).
- ومن بلجيكا وسويسرا وألمانيا شحنت مئات الألوف من المقاعد والأسرة والأراجيح
والديكورات, وعشرات من فرق الرقص والغناء والسيرك ووالت ديزني والجلاجلا.
- الهدايا التي أهديت للعروس من العريس قيمتها قرابة 15 مليون دولار. وأحد الكبار
الذين حضروا حفل الزفاف أهدي «سميرة توفيق» - المغنية الأردنية - سيارة مرسيدس
حمراء. وقد استمر الفرح سبعة أيام بلياليها (لقطة مقتطعة: كتب حاقد اسمه إبراهيم
الورداني ينتقد ما أسماه إسرافا وذلك في صحيفة الجمهورية 24/4/1981) (636-640).
13- يعتمد تقييم العضو علي السلوك العملي التطبيقي للمبادئ السابقة.