وا معتصماه
وا معتصماه
غازي المهر
كيف يهدأ بال من يحمل قلبا بين أضلعه وكيف تصفو حياته ؟
وكيف له أن يتجاهل استغاثة امرأة مسلمة أسيرة بين براثن الروم ، فقد صدمت صرخة تجاوزت كل المسافات قلب المعتصم فأيقظت نخوته العربية الإسلامية التي أوشكت على السبات العميق فقد كانت مجرد (وا معتصماه ) الشرارة التي أشعلت حماس المعتصم وأحرقت عرش ملك الروم . هب المعتصم للدفاع عن الشرف العربي المسلم الذي لطخه الأعداء ، وما تردد لحظة في إعلان حالة الجهاد فقرر اختراقهم فسأل عن أمنع حصونهم فأشاروا عليه بعمورية التي ما تجرأ أحد على الاقتراب منها ودك حصونها ، فقرر المضي إليها بتحد وإصرار ليثأر من أعداء الإسلام ويمسح العار عن جبهة الأمة الإسلامية لتكون فتح عمورية من معاركنا الحاسمة وقد سطرتها كتب التاريخ والأدب بحروف تلمع إباء .
رفض الذل خليفة وأبى النوم وأعراض المسلمات تنتهك وتغتصب فقام من فوره وأعلن النفير العام فاقبل إليه المسلمون وقد خاب الرجاء منهم لولا حزمه وعزمه في توحيد الصفوف لمجابهة الأعداء وهكذا الشعوب إن لم تجد من يجمعها فلا حول لها ولا قوة .
ولحرصه الشديد على رد الكرامة العربية وليلهب حماسة المسلمين قرر خوض المعركة بنفسه ، مما يؤكد صدق إعلانه للجهاد وعزمه على الانتصار ، والعودة بالأسيرات المسلمات بعزة وكرامة ، وعندما علم ملك الروم بتجهيز المعتصم للجيش الإسلامي كتب إليه يهدده .
إلا أن المعتصم وقد اختط طريق عظماء تاريخنا الإسلامي أمثال خالد بن الوليد وسعد بن وقاص والقادة الأولين الذين فتحوا بلاد فارس والروم تحت شعار ( حب الموت وكره الحياة ) رد على كتابه قائلا : (
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد فقد قرأت كتابك ، وسمعت خطابك والجواب ما ترى لا ما تسمع ، وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار.
لم يشجب صاحبنا ولم يتوسل شفقتهم ولم يكن أمامه إلا التحرك السريع إلى عقر دارهم فأوقع فيهم شر هزيمة وانتصر عليهم انتصارا عظيما سطره التاريخ ليكون علامة على النخوة الإسلامية التي لا يمكن أن تخبو يوما .
استغاثة واحدة كافية لاستفزاز النخوة في خليفة مثل المعتصم . ونحن اليوم نسمع ونشاهد استغاثات وصرخات وعويل النساء والأطفال والشيوخ في فلسطين والعراق لكن لقد أسمعت من ناديت حيا .