فذلكات انتفاضية(5)
فَذلكاتٌ* انتفاضيّة (5)
(من وحي انتفاضة الأقصى المبارك ، التي تدخل عامها الخامس)
بقلم :
الدكتور محمد بسام يوسف
(11)
حصاد (نعمة) السلام الأميركية الصهيونية : البيان السرّي !..
لقد حقق عرّابو (السلام) من العُربان ، بمن فيهم وفد سلطة (الإمبراطورية الفلسطينية المستقلّة العظمى) ، إنجازاً باهراً عظيماً ، بتمكّنهم من تعديل بعض ما جاء في البيان الختامي الأصلي للمؤتمر السلاميّ ، الذي أعدّته وزارة الخارجية (الإسرا - أميركية) بزعامة اليهودية العجوز (مادلين أولبرايت) ، بعد أن وقّع على البيان المذكور كلٌ من : صانع السلام (المظلوم) (يهود بن صهيون) ، وراعي العملية السلمية (النـزيه) العادل غير المنحاز (أميركة بنت صهيون) .. بتأييدٍ واضح من (الذنب الأوروبيّ) (ذيل بن صهيون) ، ممثل الاتحاد الأوروبي (الحُرّ) جداً !..
( تنويه هام : صهيون ورد هنا اسماً مؤنّثاً !.. فلا يخطرنّ على بال أحدٍ منكم أنه اسم مذكّر !.. وهي -أي السيدة صهيون- الأمّ الرؤوم للثلاثة المذكورين ، لأنّ اليهودي ينسب إلى أمه وليس إلى أبيه حسب العقيدة التلمودية .. لذا اقتضى التنويه ) !..
أما البيان المعدَّل في صيغته النهائية فيقول :
[ إنّ المؤتمر يدعو الطرفين ، لإيقاف موجات العنف الدمويّ ، وعلى الإرهابيّ (محمد رامي الدرّة) أن يتوقّف عن الموت !.. وعلى أبيه أن يعمل على تصفيح جلده الغضّ ، ليتمكّن من حماية أطفاله في مراتٍ قادمة ، من الرصاص الطائش ، الذي تطلقه مخلوقات قادمة من كوكب ( المريخ ) ، لغزو الكرة الأرضية ، وعلى الاثنين (محمد رامي الدرّة ، وأبيه) أن يقدّما خالص الاعتذار للجنرال (إيغور إيلند) ، ، لاتهامه (زوراً) بإطلاق النار عليهما مع جنوده الأشاوس ، بشكلٍ متواصلٍ طوال خمسٍ وأربعين دقيقة !.. وعلى المصوّر الصحفي الفلسطيني (طلال أبو رحمة) ، تسليم نفسه إلى أقرب محكمةٍ (عادلةٍ) إسرائيلية أو أميركية ، لتتمكّن من إعدامه ، بعد أن تقف على الحقيقة كاملةً ، خاصةً فيما يتعلّق بنوع (الكاميرا) التي يحملها ، إذ يُشَكّ أنها من النوع المشبوه المعادي لـ (الساميّة) !.. وعلى كلّ الإرهابيين ، الذين يستخدمون الحجارة (النوويّة) و(الكيماويّة) و(البيولوجيّة) ، ضد ضحايا جيش (الدفاع) الإسرائيلي ، الذي يسعى لتحقيق السلام المتّفق عليه في (طابا) و(وادي عربة) و(أوسلو) ، باستخدامه كلّ الوسائل الإنسانية الحضارية ، بما فيها الرصاص المطّاطي (المنفجر) المحرّم دولياً !.. على أولئك الإرهابيين المتخلّفين ، أن يكشفوا عن صدورهم وعيونهم جيداً ، لأنّ ارتداءهم القمصان القطنية الصيفية والنظارات العينية أحياناً ، يعيق اختراق رصاصات السلام (الأميركية) الصنع لأجسادهم وعيونهم !.. وعلى كلّ الذين تتجاوز أعمارهم الثانية عشرة ، ألا يخرجوا إلى الشوارع ، ويُسمَح لمن تتجاوز أعمارهم السبعين عاماً .. ونصف .. أن يخرجوا ، إذا كان خروجهم بقصد التعرّض لرحمة أبطال جيش الدفاع الإسرائيلي!.. وعلى كلّ أبناء الشعب الفلسطيني ، أن يكفّوا عن المطالبة بإنهاء ما يسمّونه (افتراءً) : الاحتلال اليهودي الاستيطاني لأرضهم ، وأن يكفّوا عن مقاومة المستوطنين اليهود ، المستَوْردين من كلّ أصقاع الأرض خصّيصاً لنشر التقدّم والازدهار والأمان في فلسطين .
إنّ المؤتمر عاتب بشدّة على الحشرات من العرب ، المقتَلَعين من أرضهم بالقوّة وبمعاهدات السلام ، الذين لا يراعون تقاليد الضيافة التي كفلتها كلّ شرائع الغرب والأميركيين واليهود والشرعية الدولية ، منذ بزوغ فجر التقدّم والقِيَم السامية للنظام العالميّ الجديد !.. وعلى زعماء (السلطة الفلسطينية المستقلّة للغاية) ألا يكتفوا باعتقال (صانعي الإرهاب)، الذين يصنّعونه بما لا يتفق مع المقاييس والمواصفات النوعية الإرهابية الأميركية والصهيونية (إيزو/2004) ، من المنظّمات الأصولية مثل : (حماس) و(الجهاد الإسلامي) .. بل عليهم إعدامهم فور إلقاء القبض عليهم ، ثم تقطيع أجسادهم، وإهداؤها إلى أبطال جيش (الدفاع) الإسرائيليّ والكونغرس الأميركيّ .. مع الانتباه إلى عدم تفريغ أشلائهم من الدماء ، ليتمكّن مستلموها من التمتّع بـ(مصّ) دمائهم ، حرصاً على معاني الحرية والعدل والإحسان وحقوق الإنسان !..
وعلى كلّ الدول العربية ، لا سيما تلك المجاورة للدولة العبرية -رمز الحرية والسلام والأمن والديمقراطية- أن تستمرّ بالنضال التلفزيوني ، وبكلّ القنوات الفضائية ، بما في ذلك محطّات الـ (إف-إم)!.. ولا مانع من ممارسة النضال على صفحات الصحف اليومية والأسبوعية ، أو اعتماد طريقة الخطابات (الرنّانة)، على أن لا تُستخدم العبارات غير الحضارية ، التي تبدأ عادةً بالكلمات : نُدين ، نُطالب ، نَدعو ، نُحذّر ، .. أو ما شابه !.. وعلى مؤتمر القمّة العربية المقبل ، أن يتخذ كلّ الإجراءات الكفيلة ، بقطع : النفط والمال وحالات التبرّع بالدم والغذاء والماء .. والهواء ، عن الإرهابيين من حَمَلَة الحجر (النوويّ) !.. ولا مانع من إطلاق عبارات التنديد والاستغاثة والاستكانة (أو الاستخذاء) ، التي تستخدمها عادةً الجامعة العربية ، ضد القتل والعنف والإجرام والإرهاب ، من غير تسمية الفاعلين !..
إنّ المؤتمر يشيد بالسيد (آرئيل شارون) ، ويشدّ على يديه ، لصموده واعتماده سياسة ضبط النفس ، حين تعرّضه للشتم والاعتداء ، خلال زيارته الدينية المقدّسة لـ (هيكل سليمان) !.. وبهذه المناسبة يؤكّد المؤتمر ، على أنّ المسجد الأقصى لا وجود له في التاريخ ، إلا في أوهام الإرهابيين الأصوليين ومخيّلتهم المريضة، خاصةً أولئك الذين قُتِلوا أثناء دفاع حرّاس السيد (شارون) عنه ، في ساحة (الهيكل) .. علماً بأنّ المؤتمر لا يمانع في أن يصلي الأصوليون في ما يسمى (بالمسجد الأقصى) الأصلي ، الذي يقع في إحدى جُزُرِ أميركة اللاتينية ، وهي حقيقة تاريخية موثقة بوثائق أصلية ، في متحف (اللوفر) ، والبيت الأبيض الأميركي !..
السلام على الضحايا العزّل ، إلا من الإيمان اليهوديّ والقنابل (العنقودية) والرصاص (المنفجر) وطائرات (إف16) وطائرات (الأباتشي) الأميركية ، من صنّاع السلام الأماجد في جيش (الدفاع) الإسرائيلي، ومن ضيوف المستوطنات الحرّة الأبيّة .. وعاشت فلسطين ، دولة عِبْـريّة يهوديّة من البحر إلى النهرَيْن ، وبالعكس !.. (ملحوظة : النهران هما : النيل والفرات) ] !.. ا.هـ
(12)
للذكرى فحسب : سوق عُكاظ / 2000م !..
لن يستطيع الشعب العربي من المحيط إلى الخليج ، أن يخفيَ ارتياحه العميق ، أو أن يقفَ حائلاً ، أمام براكين (النشوة) ، التي تخترقه من مفرق عزّه وفخاره ، إلى أخمص دمه وكرامته !.. بمناسبة ذلك البيان الهادر، والقرارات (المرعبة) التي كانت (تتزحلق) من بين شفتي (الأمين العام) ، المرتجفتين غيظاً ، وحباً أبدياً ، لعملية السلام، التي سبّبت لنا كلّ هذا الأمن والتقدّم والازدهار والرخاء والظفر والمستقبل الزاهر .. خاصةً لأولئك الأطفال الذين يُسحَقون ، ويُطحَنون .. بدبّابات (مدريد) و(أوسلو) و(شرْم الشيخ) ، ثم تُصنَع من عجينة دمائهم ورماد أجسادهم ، حمائم بيضاء ، وأغصان زيتون ، تعويضاً عن أسراب الحمام الأبيض ، الذي هاجر مع أول هديرٍ ، انبعث من طائرات (الأباتشي) السلاميّة ، وعن مئات أشجار الزيتون ، التي أبادها (ضيوفنا) الكرام ، القادمون من كلّ فجٍّ عميقٍ ، للتعبير لنا عن حبّهم وتقديرهم ووفائهم .. لحكمتنا ، وعقلانيتنا ، وواقعيّتنا .. المنتصرة على كلّ أشكال التخلّف ، والجهل ، والمقاومة ، وحب الشهادة ، والجهاد ، والتحرير ، والكفاح والنضال بكل مقاساته ودرجاته !..
هاهو ذا قطار الجهاد ينطلق من أروِقَة التعامل مع (الواقع) ، وصالونات فنّ (الحكمة) ، وهاهي ذي جحافل (صلاح الدين) و(المعتصم) ، تكذّب كلّ قَالَةِ السوء ، والبهتان التشويشيّ !.. فالعلاقات مع بني صهيون ، على مختلف أشكالها وأنواعها وألوانها ، أصبحت جزءاً من التاريخ الماضي !.. وشريان النفط .. أُقفِلَت كلّ صنابيره ، وأُوقِفَت كلّ مضخاته التي تضخّه باتجاه العم (سام) وأقرانه !.. وآلاف المليارات من الدولارات .. سُحِبَت من بنوك أوروبة .. وأميركة .. وكوكب الزهرة .. والمريخ !.. وقوطِعَت كلّ أشكال البضائع والمعاملات والتجارة مع أبناء العمّ (الساميين) ، ومع مَن يدعمهم أو ينقذهم ، بعد أن نغرقهم في البحر ، ونجعلهم أثراً بعد عيْن !..
أما جيوشنا الجرّارة .. بعدّتها وعتادها ، فمن (الحكمة) ادّخارها ليومٍ أسود ، قد نتعرّض فيه لهجومٍ من مخلوقات الفضاء ، التي يحذّرنا منها عباقرة (هوليوود) ورجال (الأوسكار) ، ولنا أن نستلهم ذلك من تجربة (حَفْر الباطن) ، وما سبقها وما تبعها !..
أما (سوق عكاظ النثري) ، الذي شاهدناه في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر ، فلم يكن شيئاً يُذكَر ، أمام (سوق عكاظٍ السرّي) الذي أهلك حرْث (شارون) ونسله مع أقرانه وأبنائه وأحفاده وأجداده .. وسلاّف سلاّفه .. وكلّ أهله !.. وليس كل الذي نراه بأعيننا ، ونسمعه بآذاننا ، ونحسّه بمشاعرنا .. إلا تمويهاً ، وخُدعة حرب ، وبعض خُدَع السلم !.. وعلى هذا ، فلا مبرّر لأن تهدر شوارع الأوطان ، بطولها وعرضها وارتفاعها ، إلا .. نعم إلا .. بمقدار ما ينفّس الاحتقان ، ويعيد برمجة (الحكمة) ، ويوقف أسباب (الدوخة والصداع والدُّوار) !..
وما التصريحات الصادرة باسم ابن العمّة (صهيون) بأنَّ [ الحكمة انتصرت في العالم العربي ] ، وبأنّ [ قراراتنا وبياننا الختامي ، كان إشارة تحذيرٍ موجهةٍ إلى الفلسطينيين (وليس إلى الصهاينة المحتلين) ] .. إلا دليل قاطع على نجاح (خدعتنا) !.. أليس (السلم خُدعة) ؟!.. وما على أطفالنا الذين يغرزون عيونهم في (الرصاص المطاطيّ المنفجر) ، إلا أن يطمئنّوا !.. فالجحافل قادمة لا محالة ، ألا تسمعون هديرها ؟!..أبشروا بالجنّة ، فقد خصّصنا لكم صندوقين : أحدهما يتكفّل بمصاريف موتكم وجنائزكم وثمن دمائكم ، والثاني يختصّ بتزيين قبوركم ومقابركم ، وكلّ الطرق المؤدّية إليها ، وفق أحدث ما توصّل إليه عِلْم (العمّ السّامّ) ، من فنون حفظ التراث ، والحفاظ على الأرض اللازمة ، لتشييد مقابركم التراثية !.. فكلّ مقبرةٍ وأنتم بخير !.. وكلّ مؤتمرٍ وأنتم بألف خير !.. والعَوَضُ على الله .. والتعويضُ على (صندوق الأقصى) الجديد !.. وصندوق (وكالة الغَوْث) المفلس !.. وصناديق الأدوية .. والأغذية .. والأحذية ، المرسَلة بواسطة شاحنات الصمود والتصدّي ، عبر مهرجاناتٍ احتفاليةٍ خطابيةٍ مدوّيةٍ ، وعبر غابات (الكاميرات) التلفزيونية والفيديوية والتذكارية !.. وكفى الله المؤمنين القتال والنِزال ، والسِجال والنضال .. والمرارة ، والكبد ، والطحال !..
لو أنّ ( جريراً ) حيٌّ يُرزَق إلى يومنا هذا ، لأقلع عن التغزّل بـ (العيون) ، لانشغاله بالتغزّل بـ (الأنوف) قائلاً :
إنّ الأنوفَ التي في رأسها (خَوَرٌ) ذَبَحْنَنَـا ثم لم يَقْـبِرنَ مـَوْتـانـا
يتبع إن شاء الله
* الفَذْلَكَة - كما ورد في المعجم الوسيط - تعني : [ مُجْمَلُ ما فُصِّلَ وخُلاصَتُهُ ] ، وهي [ لفظة محدَثة ].