هكذا .. فلنربي أولادنا في الغرب

د.مصطفى عبد الرحمن

هكذا .. فلنرب أولادنا في الغرب

د.مصطفى عبد الرحمن 

لم يخيل الي ان اقضي كل هذه السنوات الطوال في الغرب ... والكثير منكم كذلك ... لكن شاء الله غير ما اردنا ... وقضى غير ما املنا ... وقدر غير ما حلمنا وتخيلنا.

وفي كل مرة كنت اشعر فيها ان الظروف تسوقني- والله يشهد- مجبرا لامخيرا على استمرار الاقامة المزمن في الغرب ... كان يلح علي السؤال الذي يؤرق كل واحد فيكم ... هل ساستطيع ان احافظ على عقيدة الاولاد ؟  ... وان استطعت وحققت بعضا من النجاح في ذلك ... هل سانجح في الحفاظ على اخلاقهم وقيمهم وعاداتهم ؟... ثم ماذا عن مستقبلهم ...علمهم ثم عملهم...  اسئلة محيرة مقلقة تجول في خاطر كل منا ليل نهار ذهابا وايابا دون ان ترسو على بر من القناعة او ان تودي الى قرار مطمئن...

فتحت كل كتب مكتبتي ... وفتشت في كل مقالات العلماء والادباء والنفسانيين والاجتماعيين ... لكن لم اجد والله ما يمكن ان يدلني على الطريق الذي ياخذ بعين الاعتبار خصوصية وجودنا في الغرب والذي اذا سلكته مشيت باولادي الى بر الامان الذي احلمه لهم ان نزل  قدرالله فينا مطابقا لقضائه ... واكملنا بقية العمر في هذه الديار. مالعمل ؟ ... قولوا لي بحق الله مالعمل؟...

الخص لكم هنا بعض ماكتب واضيف اليه بشيء من عندي  من باب التذكرة فقط لامن باب المجيء بشئ جديد ...

 

أولاً : في بناء العقيدة :

 

1. لابد من ترسيخ فكرة وجود الله تعالى)ترسيخا للفطرة في مرحلة الصغر ثم تفكيرا وبرهانا واقتناعا فيما بعد( ...

2. لابد من زرع حب الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام في نفوس اولادنا قبل ان يعلق حب زيدان وحديدان في قلوبهم او ينال مصروعادونا من اعجابهم   ) ثم تعميقها فيما بعد بقراءة السيرة وقصص الصحابة(.

3.   ثم حب القران )قراءته وتقديسه في مرحلة اولى  ثم  تدبره وفهمه في مرحلة تالية( ...

4. ثم حب الاسلام )والذي سياتي محصلة للايمان بالله وحب الرسول وحب القران( وانه ديننا الذي ننتمي اليه بكل فخر واعتزاز... مع تبيان لماذا نحن بحاجة الى ان نعتنق هذا الدين... كل هذا حتى لايظهر فيهم لاسمح الله  (جهلان رشدي) اخر...ولا (تفنيصة نسرين) جديدة ...

 

ثانياً : في بناء العبادة :

 

1.   لابد من تعويد الطفل الصلاة منذ عمر مبكر كعادة ثم ان نشرح له لماذا نصلي فيما بعد .

2.   تعويده الصوم تدريجيا ثم ان نشرح له لماذا نصوم وماهي فوائد الصيام.

3.   ثم ما معنى الزكاة وكيف تعود على المجتمع بالتكافل .

4.   ثم ان نستغل فترة الحج لنشرح لهم ماهو الحج وما هي فوائده ولماذا نذهب الى الديار المقدسة.

 

ثالثاً : في البناء الخلقي :

 

1. احترام الاب والام كي يتاصل حبكما في قلبه فلايهجركما عند شبابه كما هي العادة في ثقافة اهل هذه البلاد .

2. احترامالمعلم كي يساهم ابناؤنا في عودة التوازن المفقود في العلاقة المتدهورة بين التلميذ والاستاذ في هذا البلد  .

3.   احترام الجار كي يشعر هذا المجتمع الذي نحيا بين اكنافه ان لدينا مانقدمه له .

4. توقيرالكباروالعطف على الصغار وهذه ان استطعنا ان نجعلها في ممارسات اولادنا اليومية لسحر هذا المجتمع باخلاقنا وقيمنا.

5.   اللطف وحسن التعامل مع الحيوان وهذه قد تروق لاهل هذه المجتمعات الغربية .

6.   الصدق وهذه من الركائز الخلقية الاساسية في فلسفتنا.

7. الامانة لنحاول قلب مفاهيم هذا المجتمع عن ديننا واخلاقنا التي شوهها البعض منا عبر فترة طويلة من الاقامة في هذا المجتمع.  

 

رابعاً : في البناء الاجتماعي :

 

1. اصطحاب الطفل الى مجالس الكبار لبناء شخصيتهم الاجتماعية وهذه ضرورة يحتمها الوجود في المهجر حيث ان اجتماع الطفل بعمه او خاله او اقربائه معدوم فاصطحابك ابنك الى هذه اللقاءات النادرة اصلا يساعده في تكميل بعض جوانب شخصيته الاجتماعية .

2. القاء بعض المسؤولية على الطفل لقضاء بعض الحاجيات ليتعود منذ نعومة اظفاره الاعتماد على نفسه والذي يكرسه وجوده فيما بعد في هذا الجتمع بعيدا عمن يستطيع مساعدته والوقوف الى جانبه .

3.   تكوين مجموعة من الاصدقاء من حوله حتى يعوضه ذلك عن بعده عن الاهل والاحباب. 

 

 

4. اصطحابهم الى حضور الحفلات المشروعة والمضبوطة والمتميزة عن غيرها والتي يكون فيها حكما نوع من الاختلاط المنضبط والمحتشم والمؤدب ليتعرفوا على خصوصياتنا واخلاقنا  ولاباس من اعطائهم دورا في تنظيم هذه الحفلات فتيانا وفتيات وكذلك ادارتها .

5. العمل على تبادل الزيارات بين اولادنا وكذلك المبيت عند بعضهم البعض . قضية هامة ارى ان لها اكثر من فائدة .

6. تشجيعهم على الاحتكاك بالاخرين من ابناء هذا البلد وتكوين صداقات مع احترام خصوصياتهم والمحافظة على خصوصياتنا .

7. حضهم على  تكوين جمعيات خاصة بهم يمارسون من خلالها هواياتهم ويناقشون شؤونهم ولاباس ان تكون مشتركة مع اصدقائهم من ابناء هذا البلد .

8. ولا ننسى ان نعلم اولادنا حب الاخرين واحترام دياناتهم وعقائدهم وفتح الحوار معهم .لاان يكونوا كم تربىالكثير منا متزمتين منغلقين اوبالتعبير الطبي مصابين بالسكيزوفرينيا الاجتماعية.

 

خامساً : في البناء العلمي الابداعي :

 

1.   يجب تعليمهم مفاتيح المستقبل الثلاث : تعلم العربية مفتاح اطفالنا الى ديننا وتاريخنا وحضارتنا والانكليزية مفتاح اطفالنا اليوم الى العالم والعلم والمعرفة فمن لايتقن الانكليزية حاليا كالمتعلم الجاهل. واتقان الكومبيتروالانترنت لمحاولة محو الامية التكنولوجية المخيفة المصابة بها امتنا في حاضرنا المظلم هذا... عل اولادنا يشاركون في صناعة الحضارة والمدنية في المستقبل... لاكما هو حالنا اليوم نستهلك ونستهلك ما صنعه الاخرون دون ان يكون لنا اية مشاركة في صنع الحاضر....

2.   توجيه الطفل وفق ميوله ومواهبهلاوفق مانريد نحن كما فعل اباؤنا في معظمنا .

3.  تربيته تربية ابداعية تثمر منه مبدعا مكتشفا... لاتربية تقليدية تودي به الى باحث عن وظيفة... نريد ان نرى من اصلابنا كل سنة احمد زويل جديد وكل سنة اسم عربي على الاقل يرصع مجالس تسليم جائزة نوبل...

4.  واخيرا... تذكيره دائما بتاريخ امته المشرق وعلمائنا الافذاذ لاليجتر الماضي كما نفعل نحن انما ليزيد ذلك من ثقته بنفسه ودينه وتاريخه .

 

هذا كل مالدي احببت ان اذكربه نفسي اولا ثم اذكركم به وان اضعه بين ايديكم لمزيد من النقاش والتحليل والتفكير فالمشكلة لم تتكامل فصول حلولها بعد ولن تتكامل بمحاضرة او محاضرتين ولا لقاء او لقاءين ولا حتى بسنة او سنتين  ... السلام عليكم

         

* محاضرة ألقيت في اللقاء الدوري (للمدرسة العربية ـ الفرنسية في باريس) L’Ecole Franco – Arabe de

 Paris وذلك في باريس بتاريخ 17 مارس/ آذار 2001.

** ثم ألقيت ثانية بعد شيء من التجديد والإضافة في اللقاء الدوري (لجمعية ابن سينا الطبية في فرنسا) Association Médicale Avicenne de France  وذلك في باريس بتاريخ 10 يناير/ كانون الثاني 2004.