قدوة القيادة في الإسلام
د. فواز القاسم / سورية
إن واحدة من أكثر السنن ثباتاً واطراداً في تاريخ الدعوات والرسالات ، هي سنة الابتلاء والفتنة .
فلا يوجد نبي من الأنبياء إلا وتعرض في حياته لنوع من الابتلاء أو أكثر ، وذلك ابتداءً من سيدنا آدم ، وحتى سيدنا محمد ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .
* فمنهم من تعرض لفتنة التحريق ، كسيدنا إبراهيم عليه السلام .
قال تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم (( قالوا حرِّقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين ، قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم )).الأنبياء(70) .
* ومنهم من تعرض لفتنة التغريق ، كسيدنا يونس عليه السلام .
قال تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم (( وإن يونس لمن المرسلين ، إذ أبق إلى الفلك المشحون ، فساهم فكان من المدحَضين ، فالتقمه الحوت وهو مليم ، فلولا أن كان من المسبِّحين ، للبث في بطنه إلى يوم يبعثون )) الصافات (139) .
* ومنهم من تعرض لفتنة السجن ، كسيدنا يوسف عليه السلام .
قال تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم (( ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجنُنَّه حتى حين)) يوسف (35)
* ومنهم من تعرض لفتنة المرض ، كسيدنا أيوب عليه السلام .
قال تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم (( وأيوب إذ نادى ربه أني مسنيَ الضرُّ وأنت أرحم الراحمين ، فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر ، وآتيناه أهله ومثلهم معهم ، رحمة من عندنا ، وذكرى للعابدين )) الأنبياء (83) .
* ومنهم من تعرض لفتنة اليسر والغنى ، كسيدنا داود وسيدنا سليمان عليهما السلام .
قال تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم (( وورث سليمانُ داودَ ، وقال يا أيها الناس عُلمنا منطق الطير ، وأُوتينا من كل شيء ، إنَّ هذا لهو الفضل المبين )) النمل (16) .
* ومنهم من تعرض لفتنة القتل ، كسيدنا يحيى ، وسيدنا زكريا عليهما السلام ، وغيرهما .
قال تعالى متحدثاً عن بني إسرائيل : بسم الله الرحمن الرحيم
(( وضُربتْ عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله ، ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ، ويقتلون النبيين بغير الحق ، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون )) . البقرة (61) .
* ومنهم من أوذي في نفسه ، كسيدنا يعقوب الذي عمي ، وسيدنا عيسى الذي حاول المجرمون صلبه ، عليهما السلام .
قال تعالى عن الأول : (( وتولى عنهم وقال يا أسفى على يوسف ، وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم )) يوسف ( 84 ) .
وقال عن الثاني : (( …وما قتلوه وما صلبوه ، ولكن شُبِّه لهم..
بل رفعه الله إليه ، وكان الله عزيزاً حكيماً )) النساء (155) .
* ومنهم من أوذي في عِرضه ، كسيدنا إبراهيم عليه السلام ، يوم راود ملكُ مصر زوجتَه سارّة ، عن نفسها لولا أن حفظها الله منه .
* ومنهم من فُتـن في ولده وفلذة كبده ، كسيدنا إبراهيم أيضاً ، الذي أمره الله بذبح ولده إسماعيل بيده ، عليهما السلام ، قال تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم (( فلما بلغ معه السعيَ قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك ، فانظر ما ذا ترى . قال يا أبت افعل ما تؤمر ، ستجدني إن شاء الله من الصابرين ))
الصافات (110) .
وسيدنا نوح عليه السلام ، الذي رأى غرق ولده بعينه .
قال تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم (( ونادى نوحٌ ابنه وكان في معزل ، يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين . قال سآوي إلى جبل يعصمُني من الماء . قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم . وحال بينهما الموج فكان من المغرقين )) هود (45) .
* ولا يوجد نبي أو مرسل صلوات الله عليهم ، إلا وتعرض لنوع من السخرية والتكذيب من قومه .
* كما لا يوجد واحد منهم إلا وكانت له نوع من الهجرة عن وطنه .
* وهناك من تعرض منهم لأكثر من نوع من الابتلاء ، وجمعت له أكثر من فتنة .
كسيدنا إبراهيم عليه السلام ، الذي جمعت له فتنة الحرق بالنار ، وفتنة الهجرة ، وفتنة ذبح الولد ، وفتنة تهديد العرض والشرف .. إلخ .!!
وسيدنا يوسف عليه السلام ، الذي جمعت له فتنة الجب ، وفتنة الرق ، وفتنة الجنس ، وفتنة الحبس ، وفتنة الهجرة ، وفتنة الغربة ، ثم توِّج ذلك كله بفتنة الملك والحكم .
وسيدنا أيوب عليه السلام ، الذي جمع الله له فتنة المرض ، وفتنة الفقر ، وفتنة فراق الأهل والأحباب .
وهكذا … فلم يكن هناك نبي من الأنبياء ، ولا رسول من المرسلين ، إلا وكانت له نوع فتنة ، أو ابتلاء ، أو أكثر ، ليكونوا في صبرهم عليها ، وتحملها ، قدوة لأتباعهم من بعدهم .
فلقد أورد ابن كثير قال : روى ليث عن مجاهد قال :
( إن الله يحتجُّ يوم القيامة بسليمان عليه السلام على الأغنياء ، وبيوسف عليه السلام على الأرقاء ، وبأيوب عليه السلام على أهل البلاء ) قصص الأنبياء (245).
وإن أول ما يلفت نظر المتأمل ، حين يقف على هذه الحقائق من سيرة الأنبياء الكرام ، سلام الله عليهم ، ويسأل : فيم هذا العذاب الذي لقيه هؤلاء الأنبياء الكرام ، وهم أحباب الله وأصفياؤه .!؟
ولماذا لم يعصمهم الله عزّ وجل ، وهم جنوده ، وأحبابه ، يدعون إلى دينه ، ويجاهدون في سبيله .!؟
والجواب : أن أول صفة للإنسان في هذه الأرض ، هي صفة العبودية والتكليف ، أي أنه مطالب من قبل الله عز وجل بحمل ما فيه كلفة ومشقّة .
ويعتبر أمر الدعوة إلى الإسلام ، وحمل رسالته ، والجهاد لإعلاء كلمته ، من أهم متعلقات هذا التكليف .
والتكليف نفسه من أهم مستلزمات العبودية لله تعالى . إذ لا معنى للعبودية لله تعالى ، إن لم يكن ثمة تكليف .
وعبودية الإنسان لله تعالى ضرورة من ضرورات إنسانيّته ..
ولا معنى لإيمان المرء أيضاً ، إن لم يحقق في ذاته صفة العبودية ، ولذلك فقد استلزمت العبوديةُ التكليفَ ، واستلزم التكليفُ تحملَ المشاق ، ومجاهدة النفس والأهواء …
من أجل ذلك كان واجب المؤمنين في هذه الدنيا تحقيق أمرين اثنين :
الأول : التمسك بالإسلام ، والدعوة إليه ، وإقامة المجتمع الإسلامي الصحيح على أساسه .
والثاني : سلوك كل السبل مهما كانت شاقة ، واقتحام كل المخاطر مهما كانت عظيمة ، وبذل المهج والأموال _ عند الضرورة _ لتحقيق هذه الأهداف العظيمة ، والوصول إلى هذه الغايات النبيلة .
أي ان الله عز وجل ، عبّدنا بالغاية النبيلة ، وعبّدنا بالوسائل الموصلة إليها كذلك .
ولو شاء الله لجعل السبيل الموصلة إلى إقامة المجتمع الإسلامي ، بعد الإيمان به ، سهلة معبدة . ولكن السير في هذه السبيل ، لا يدل ، حينئذ ، على شيء من عبودية السالكين لله عز وجل فيها ، ولأمكن حينئذ ، أن يلتقي على هذه الجادة ، المؤمن والمنافق ، والصادق والكاذب ، ولا يتمحّص الواحد منهم عن الآخر.
وإذاً ، فإن ما يلاقيه المؤمنون والمجاهدون وأصحاب المباديء العالية ، من الأذى والابتلاء ، في سبيل دينهم ومبادئهم وأوطانهم ، إنما هو سنة إلهية في الدعوات منذ فجر التاريخ ، تقتضيها حكم ثلاث :
الأولى : صفة العبودية لله ، مصداقاً لقوله تعالى : (( وما خلقت الجنَّ والإنسَ إلا ليعبدون )) الذاريات (56)
والثانية : صفة التكليف المتفرعة عن صفة العبودية ، فما من مسلم أو مسلمة ، إلا وهو مكلف من قبل الله عز وجل ، بتحقيق شرعة الإسلام في نفسه ، وتحقيق نظام الإسلام في مجتمعه ، مهما تحمل في سبيل ذلك من العنت والمشقة ، وإلا لما تحقق معنى العبودية والتكليف .
والثالثة : إظهار صدق الصادقين ، وكذب الكاذبين . فلو ترك الناس لدعوى الإسلام ، ومحبة الله تعالى ، وعشق المباديء العالية ، على ألسنتهم فقط ، لاستوى في ذلك الصادق والكاذب ، والمؤمن والمنافق ، ولكن الفتنة والابتلاء ، هما الميزان الذي يميز الفريقين . وصدق الله إذ يقول في محكم تنزيله : بسم الله الرحمن الرحيم (( ألم . أحسب الناس أن يُتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يُفتنون ، ولقد فتنّا الذين من قبلهم ، فليعلمنَّ الله الذين صدقوا ، وليعلمنَّ الكاذبين )) العنكبوت (1) .
ويقول : (( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ، ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين )) آل عمران (143) .
لما كانت سنّة الله مع جميع أنبيائه وأصفيائه ، هي التمحيص والابتلاء ، ولما كان محمد صلى الله عليه وسلم ، أحد أعضاء ذلك الموكب المبارك ، وواحداً من ذلك الرهط الكريم ، ولم يكن بدعاً من الرسل _ وإن كان خاتمهم وأفضلهم _ لذلك فقد جرى عليه من سنن الابتلاء ما جرى على من سبقه من إخوانه ، بل زيد له فيها على قدر محبة الله له ، ورفعه لمقامه .
روى الترمذي وابن ماجة ، عن سعد بن أبي وقاص ، قال : قلت يا رسول الله : أي الناس أشد بلاءً .؟
قال : (( أشد الناس بلاءً الأنبياءُ ، ثم الأمثلُ فالأمثل ، يُبتلى العبدُ على حسب دينه ، فإن كان دينُه صلباً ، اشتد بلاؤُه ، وإن كان في دينه رقة ، ابتلي على حسب دينه ، فما يبرح البلاءُ بالعبد حتى يتركَه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة )).
ولقد شاءت إرادة الله أن تسلط على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم _ قبل البعثة وبعدها _ أنواعاً عجيبة من الابتلاءات والمحن ، ليكون في صبره عليها وتحملها ، قدوة للدعاة والقادة والمسلمين من بعده .
ولعل من أبرزها :
1ـ ابتلاء اليتم ، وموت الأحباب :
فلقد ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم _و هو حبيب الله ومصطفاه ، والمرشح لقيادة خير أمة أخرجت للناس _ يتيماً .. فقد مات أبوه عبد الله ، وأمُّه حامل به لشهرين .
ثم لم تلبث أُمه آمنة أن ماتت هي الأخرى ، وعمره لا يتجاوز السنوات الست .
ثم لم يلبث جده وكافله عبد المطلب ، أن مات هو أيضاً ، وعمره لا يتجاوز ثماني سنوات .
فعاش طفولته كلها بعيداً عن حنان الأم ، وعطف الأب ، وحدب الجد . واستقبل التكليف الرباني بصفاء اليتم وشفافية الوحدة . كما ابتلاه الله بموت أولاده الذكور دون الإناث ، حتى سماه المشركون الأبتر ، وذلك إمعاناً في السخرية منه .!
وما إن حل العام العاشر من بعثته الشريفة ، حتى توفى الله زوجته خديجة رضي الله عنها ، وألحق بها عمَّه أبا طالب بعد أقل من شهرين من نفس العام …ولقد كانت خديجة رضي الله عنها كما قال ابن هشام : وزير صدق على الإسلام ، يشكو إليها الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويجد عندها أنسه وسلواه .
أما أبو طالب ، فقد كان عضداً وحرزاً في أمره ، وكان ناصراً له على قومه ..
يقول ابن هشام : فلما هلك أبو طالب ، نالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأذى ما لم تكن تطمع به في حياته ، كل ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم صابر، محتسب ، راض بقضاء الله ، لا يزيد على أن يقول: (( حسبنا الله ونعم الوكيل ، وإنا لله وإنا اليه راجعون ، ولا نقول إلا ما يرضي الله )) .
2ـ ابتلاء الفقر وشظف العيش :
لقد عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حياته فقيراً كادحاً متقشفاً ، بعيداً عن حياة البذخ والترف والإسراف ، فهو لم يشبع من خبز البر حتى قُبض ، وكان ينام على الحصير فيؤثر في جنبه .!
وكان يباشر أسباب رزقه بنفسه . فكان يرعى الغنم ، كما روى البخاري عنه قال : ((كنت أرعى الغنم على قراريط لأهل مكة )) . ويشتغل بالتجارة ، فلقد سافر إلى الشام مرتين في الأقل لأغراض التجارة ، مرةً مع عمه أبي طالب وكان له من العمر اثنتا عشرة سنة ، ومرة لوحده مضارباً بأموال خديجة (رض ) ، وهو في الخامسة والعشرين من العمر.
3ـ الأذى والابتلاء من المشركين :
لقد تعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مع إخوانه المؤمنين في المرحلة المكية ، إلى أصناف من الأذى والابتلاء من قبل المشركين ، بما لا يصبر عليه إلا الصفوة من البشر ، سواء كان أذىً معنوياً ، أو ماديّاً . فمن الأذى المعنوي : السخرية من العقيدة ، ومنع أداء الشعائر التعبدية ، فلقد منع المشركون الرسولَ صلى الله عليه وسلم ، من أن يجاهر بعبادته ، وضيّقوا عليه وعلى أصحابه في ذلك حتى ألجؤوهم الى شعاب الجبال .
ومن الأذى فتنة التهديد ، فلقد مارس المشركون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كل وسيلة لثنيه عن تبليغ دعوة ربه، ومن جملة هذه الأساليب ، التهديد له ولأصحابه ، ولعمه أبي طالب الذي كان يحميه ، على الرغم من أنه كان على دين قومه .
ومن الوسائل التي جربوها أيضاً ، فتنة الإغراء ، فلقد عرض عليه المشركون أن يسوّدوه عليهم ، ويزوّجوه أجمل أبكارهم ، ويعطوه من المال حتى يكون أغناهم ، ولا يقطعون أمراً دونه ، ولكنه رفض كل هذه العروض ، وقال لهم : (( يا قوم .. والله ما بي ما تقولون ، وما جئت بما جئتكم به أطلب أموالكم ، ولا الشرف فيكم ، ولا الملك عليكم ، ولكن الله بعثني إليكم رسولاً ، وأنزل علي كتاباً ، وأمرني أن أكون لكم بشيراً ونذيراً، فبلغتكم رسالات ربي ، ونصحت لكم ، فان تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة ، وإن تردوه عليَّ ، أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم)) .
ومنها الحرب النفسية والإعلامية ، فلقد سلطت الجاهلية على رسول الله صلى الله عليه وسلم حرباً نفسية وإعلامية هائلة . فقد اتهموه بأنه كاهن ، واتهموه بأنه مجنون ، واتهموه بأنه شاعر ، وساحر ، الخ .!
كل ذلك و رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مظهر لأمر الله لايستخفي به . مبادلُهم بما يكرهون من عيب دينهم ، واعتزال أوثانهم ، وفراقه إياهم على كفرهم.
وكان كلما مرّ بهم غمزوه ببعض القول حتى يُرى ذلك في وجهه . قال ابن هشام حدثني بعض أهل العلم : إن أشد ما لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم من قريش ، أنه خرج يوماً فلم يلقه أحد من الناس إلا كذبه وآذاه ، لاحرٌّ ولاعبد ، فرجع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الى منزله ، فتدثّر من شدة ما أصابه ، فأنزل الله عليه : (( يا أيها المدثر، قم فانذر ))المدّثر(1).
ثم بلغت القِحّةُ والنذالة ببعض المشركين ، أن يتجرؤوا فيبصقوا في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقد روى ابن هشام فقال : كان أُبيّ بن خلف وعقبة بن أبي معيط ، صديقين متصافيين ، حسناً ما بينهما ، وحدث أن جلس عقبة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فاستمع منه ، فبلغ ذلك أُبيّاً ، فأتى عقبة فقال : ألم يبلغني أنك جالست محمداً وسمعت منه.!؟ قال بلى .
قال : وجهي من وجهك حرام أن أكلمك ، إن أنت جلست إليه أو سمعت منه ، أو لم تأته فتـتفل في وجهه .
ففعل ذلك عدوُّ الله عقبة بن أبي مُعيط لعنه الله .!
فأنزل الله فيهما : (( ويوم يعضُّ الظالم على يديه ، يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً ، يا ويلتا ليتني لــم أتخذ فلاناً خليلاً ، لقــد أضلني عـن الذكر بعــد إذ جاءني ، وكان الشيطان للإنسان خذولاً)) الفرقان(27). هشام1 (361 ).
ومن أشكال الأذى المادي الذي تعرض له رسول الله صلى الله عليه وسلم : الأذى البدني ، فلقد تعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في حياته الدعوية إلى أصناف من الأذى البدني لا يصبر عليها إلا أصحاب المبادىء ، مثل : القاء التراب على رأسه الشريف ، وإلقاء رحم الشاة على ظهره وهو يصلي ، أو رميها في برمته ، أو محاولات خنقه ، واغتياله ، أو حصاره وتجويعه مع أصحابه وآل بيته ، رضوان الله عليهم .
وبهذا يكون الرسول الكريم ، صلى الله عليه وسلم ، قد تعرَّض في حياته الشريفة ، لكل أشكال الأذى والفتنة والابتلاء ، وكان قدوة لأمته في الصبر على البلاء ، وتحمل ألوان الأذى ، وأشكال الفتنة ، من أجل دينه ، وعقيدته ، ومبادئه .
فحري بالعراقيين المجاهدين ، وهم يتصدّون للطاغوت الأمريكي الظالم ، المتسلط على رقاب البشرية اليوم، ويعانون ما يعانون ، من أجل دينهم ، ومبادئهم ، وقرارهم الوطني ، واستقلالهم ، أن يستمروا بالاقتداء بهؤلاء الرسل الكرام ، صلوات الله وسلامه عليهم _ كما هم عليه الآن _ وأن يتأسوا بأخلاقهم وأخلاق أصحابهم ، وينسجوا على منوالهم ، ويسيروا على نهجهم ..
وليكن عزاؤهم قول الله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم (( إن يمسسكم قرحٌ فقد مسَّ القومَ قرحٌ مثلُه ، وتلك الأيامُ نداولها بين الناس ، ولِيعلمَ اللهُ الذين آمنوا ويتَّخذَ منكم شهداء ، والله لا يحبُّ الظالمين ، ولِيُمَحِّصَ اللهُ الذين آمنوا ويمحق الكافرين )) آل عمران ( 140) صدق الله العظيم .