الحلُّ الجذريُّ

الحلُّ الجذريُّ

شيماء محمد توفيق الحداد

[email protected]

ألَّفتُهُ في السَّادسة عشرة من عمري.

تأمَّلْتُ في مشكلاتِ العالمِ الإسلاميِّ وَويلاتهِ فخنقتني العَبرةُ، سمعتُ أحاديثَ بعضِ النِّساءِ عنْ همومهنَّ وَآلامهنَّ فضاقتْ عليَّ نفسي رِثاءً لحالهنَّ، ألفيتُ المصائبَ كثيرةً وَالحياةَ عسيرةً، شعرتُ بأنَّ كلَّ إنسانٍ في الدُّنيا يعاني وَيشقى؛ إذ لا تلمحُ بريقاً يتوهَّجُ في عينٍ، وَلا ابتسامةً تلمعُ على ثغرٍ، وَلا نضارةً تشرقُ على وجهٍ، وَلا بشاشةً تزيِّنُ مُحَيَّا، وَلا سروراً يرتعُ في قلبٍ، وَلا حيويَّةً تفيضُ في جسدٍ، وَلا رونقاً يميِّزُ يوماً، وَلا بهجةً ترفلُ بثوبِ عيدٍ........ إلا فيما ندرَ.

العيونُ قدْ خبا ضياؤها الَّذي اقتبستْ منْ نورهِ الدُّموعِ، وَالوجهُ شاحبٌ مكتئبٌ قدِ امتصَّتِ رحيقَ بهائهِ الهمومُ، وَالجسدُ ذاوٍ ذابلٌ قدْ هوتْ عليهِ الكروبُ بمطارقها العنيفةِ وَغادرتْهُ عليلاً مريضاً أوْ لبثتْ فيهِ تعزِّيهِ عنْ أوجاعهِ بتجريعهِ المزيدَ!، وَالقلبُ أضحى مستقرّاً لكلِّ مصابٍ سدَّ منهُ مكانَ الجروحِ، وَالسَّعادةُ باتتْ حلماً لا يُنالُ، وَالنَّاسُ أمسوا أحياءً دونَ حياةٍ وَموتى دونَ موتٍ، وَالفرحُ نافسَ المجوهراتِ في الغلاءِ وَالنُّدرةِ، وَالسُّرورُ ضاهى النُّجومَ في البُعدِ وَالمنعةِ. فلماذا كلُّ هذا يا تُرى؟!.. إنَّ اللهَ تعالى لمْ يخلقْنا لنتعذَّبَ وَنتألَّمَ، لكنَّ بعضَ الصِّعابِ تأتي تَتْرى وَتبدو وَكأنَّها بلا حلٍّ....

وَعندَ هذهِ الجملةِ الَّتي حطَّتْ على خاطري وثبتُ فجأةً وَهتفتُ: بلْ هناكَ حلٌّ!.. هناكَ حلٌّ!.. وَإنَّهُ لَلْحلُّ الجذريُّ الَّذي سيستأصلُ شأفةَ الألمِ وَسيكسرُ شوكةَ الأحزانِ، إنَّهُ دواءُ كلِّ مشكلةٍ وَمعضلةٍ مهما كانتْ، وَمصيبةٍ وَمصابٍ مهما تعاظما.

إنَّ النَّاسَ تعاني وَتكابدُ لبعدها عنهُ وَغفلتها عنْ قوَّةِ مفعولهِ رغمَ أنَّهُ.... قريبٌ، وَقريبٌ جدّاً..

وَهرعتُ إلى مكانهِ منْ مكتبتنا، وقفتُ تُجاههُ بإجلالٍ؛ كانَ هناكَ.. في الرَّفِّ الأوَّلِ يمكثُ في وقارٍ وَحكمةٍ؛ القرآن الكريم وكتب الصحاح الستة، تناولتُها جميعاً، قلَّبتُها واحداً واحداً، يا لروعةِ ما حوتْ منْ فِكَرٍ وَعلومٍ وَزادٍ روحيٍّ وَحياتيٍّ، دينيٍّ وَدنيويٍّ!.. أعدتُها وَأنا أردِّدُ: {اليَومَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دينَاً} وَ (تَرَكْتُ فيكم ما إنْ تمسَّكتُم بهِ لنْ تضلُّوا بعدي أبداً؛ كتابُ اللهِ وَسُنَّتي[1]).. نعم، الكتابُ وَالسُّنَّةُ.. ماتَ محمَّد الإنسان وَبقيَ محمَّد الرِّسالة حيّاً مدى الدَّهرِ، وَاللهُ – جلَّ شأنُهُ – حيٌّ لا يموتُ، وَالقرآنُ الكريمُ خالدٌ خلودَ الحقِّ دائمٌ دوامَ الفضائلِ ثابتٌ ثباتَ الحقيقةِ ماضٍ مضيَّ العدلِ، وَالشَّرُّ طويلٌ طولَ الكذبِ (!) صادقٌ صدقَ المشعوذينَ (!) لهُ ضررُ الخمرِ وَتأثيرُ السُّمِّ وَوفاءُ اليهودِ (!).. إذاً فنحنُ لمْ نخسرْ شيئاً، وَلنْ نخسرَ أبداً ما دامَ الحلُّ الجذريُّ بينَ أيدينا وَما دمنا مسلمينَ، وَلنْ تكونَ هناكَ ثمَّةُ مشكلةٍ مستعصيةٍ أمامَ هذا الحلِّ المبينِ القاطعِ الفصلِ.

لماذا يا شعوبَ الأرضِ لمْ تلجوا بإسلامِ؟!            لماذا  وَالحياةُ  الآنَ قدْ زخرتْ بآلامِ؟!

جموعُ النَّاسِ لمْ تعرفْ  هناءً أوْ مسرَّاتِ             لأنَّ الفِسْقَ أعماها، فعانتْ منْ مشقَّاتِ

              

[1]  أو كما قالَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.