لا تكونوا كغثاء السيل

مصطفى أحمد البيطار
لا تكونوا كغثاء السيل

مصطفى أحمد البيطار

[email protected]

قال الله تعالى ( كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلوا عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم مالم تكونوا تعلمون )

تأملت هذه الآية من كتاب الله . ثم نظرت في تعداد المسلمين بالعالم هذه الأيام فوجدتهم أصحاب ضجيج وعجيج يصم الآذان, ولكن لا يميل هذا العدد الهائل كفة الميزان بشعرة واحده هذه الأيام بعد أن كان المسلمون أصحابَ القول والفعل بالأمس ,وان كان عددهم قليل ولكن كان وزنهم ثقيل في كفة الميزان بوجودهم لأنهم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.

ما بال أمتي الآن لا تحرك ساكنا. فارتعتً وأشفقتُ على هذه الحال المؤسفة ثم تأملت هذه الآية الكريمة لعلي أجد فيها ما يفرج عن نفسي وكربتي فوجدت أن القادة والرجال في عصرنا الحاضر غير متوفرين. بل إن كانوا فهم مغيبين في زنازين الطغاة.. أو مبعدين ...

والذين يتربعون على عرش الحكم هم غير حكماء ,ولا يتصفون بصفة شمائل القادة وان وجد فيهم البعض فأنه مسيرمن قبل أعداء الإسلام..

فشمائل القادة هي ذكاء يحي النفوذ ويحوط القوة ويمد العزيمة بعدة النجاح ويأخذ بقول الله تعالى ( واعدوا لهم ما استطعتم من قوة) ولم يبين ما هي القوه ؟؟فهي مطلقة تصلح لكل زمان ومكان ليبقى الاستعداد والإعداد قائما حتى قيام الساعة .

والذكاء هو لمعة تكشف ظلمات الغيوم المتلبدة في سماء الواقع, وتفتح الطريق إلى النجاة والظفر... والذكاء لا يكفي بدون خُلق ٍكريم لأن الشيطان أشد مخلوقات الله ذكاء ويستخدمه في تدمير الكون وبني الإنسان. كما يفعل الآن المتكبرون في الأرض من صليبين , ويهود.. يعيثوا في الأرض فساداً.

والقائد الفذ المفتقد في عصرنا الحاضر هو الذي يعرف كيف يصدر؟؟ قبل أن يرد وكيف يمضي إذا تشعبت الطرق أمامه ؟؟ ,وضغطت عليه الحوادث مستعجلة ..فهنا تتجلي الحكمة والذكاء لأنهما ملاك الشخصية ا للامعه فتصدر عن رأي سديد وذكاء نفاذ.

والحكمة أساس شخصية الرجل الفرد.. فكيف بها في من هو يدير أمور امة أو شعب.. أو دولة...

وليس شرطا أن يكون الحكيم صاحب قدرة علمية نظريه ,ولا متمتعا في صنوف العلوم العالية...( فأسامة ابن زيد) رضي الله تعالى عنه  كان قائدا فذا اختاره رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسوس كبار الصحابة في محاربة الروم .في بلاد الشام

فنرى الآن ممن يتسلمون ويديرون الشؤون الكبرى هم أناس من هذا الطراز قد زادتهم الحكمة العاملة الذكاء الوقاد أكثر مما أسعفهم التبحر في العلوم والتوسع في المعرفة .

لو تأملنا كتاب الله في الرعيل الأول من صحابة رسول الله.. كيف اعد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم رجال القادة الأفذاذ؟؟؟ لوجدنا أنهم استطاعوا بفترة وجيزة من الزمن أن يكونوا خير امة أخرجت للناس علما أنهم ليسوا بالمقارنة مع حضارة الروم, والفرس, وإنما آتاهم الله الحكمة والذكاء والإخلاص والإيمان.

حيث قال الله تعالى ( يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يتذكر إلا أولوا الألباب )

(ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ) ( وقال أيضا :( ولقد أتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة ) والحكمة كلها خير.

فيا امة الإسلام يا من كثر عددكم وقل حكماؤهم وزاد سفهاؤهم أما ترون عظة الله في كتابه لقد بعث الله في العرب من الأميين رسولا منهم أميا مثلهم لكنه كان قائدا للحق فزكاهم وعلمهم الكتاب والحكمة فكانوا المجاهدين بأنفسهم وأموالهم ,والذي لم يستطع أن يجاهد بماله يصعب عليه تقديم نفسه. لقد توجوا حضارة الإسلام و بنوا أركان دولته في الشرق والغرب   لقد استطاعت هذه الفئة القليلة أن تقود العالم إلى طريق السلام والإسلام حتى عم الخير جميع العباد والبلاد.

أما اليوم فتسلم زمام الأمور قوم يقولون , ولا يفعلون, ويدورون ولا يقدمون

فيا شباب الإسلام .. ليس صاحب الفضيلة.. هو الذي يتعلم الفضيلة ويعلمها.. بل الذي يؤمن بها , ويلتزمها.. ويضحي من أجلها.. عليكم بالتدبير الحكيم ,والتقدير الفطن . لتحدثوا في الوجود أثرا وتتموا في الحياة عملاً نافعاً  . أنتم القادة والسادة

كونوا ربانين حكماء وأعيدوا مجدكم الراحل .. ولا تكونوا إمعة .. وتبع لكل ناعق

كفاكم قرآنكم الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.. وجربوه ولو مرة واحدة... لقد تبعتم الشرق والغرب ..فما وجدتم إلا الذل والهوان .. لقد ضيعتم العباد والبلاد ...بإتباعكم لنظريات خرقاء ولبستم ثوبا لم يفصل عليكم .. وإنا تبعتم أعداءكم شبراً بشبر وذراعا.. بذراع... حتى لو دخلوا جحر ضب لتبعتموهم

 اللهم ارزق شباب الإسلام الحكمة وفصل الخطاب..