الخاطرة 39 .. خرافة سكان الفضاء
خواطر من الكون المجاور
من منا لم يسمع خبر عن ظهور أطباق طائرة في مكان ما وفي مختلف بلاد العالم ، ومن منا لم يسمع عن حادثة إختطاف شخص ما من مخلوقات غريبة أتت من كواكب أخرى وهبطت على سطح اﻷرض ، ومن منا لم يسمع بعض آراء المفكرين وزعمهم بأن الكثير من اﻵثار التاريخية العريقة كالأهرامات مثلا بأنها ليست من صنع اﻹنسان ولكنها من صنع مخلوقات الفضاء ، و
من منا لم يقرأ رواية أو شاهد فيلما تتحدث قصته عن قدوم مخلوقات من الفضاء الخارجي إلى اﻷرض كفيلم سوبرمان وإيتي ، وحرب النجوم وعشرات اﻷفلام اﻷخرى ، وربما الكثير منا شاهد هذه اﻷفلام وسمع وتابع هذه اﻷحداث عن اﻷطباق الطائرة ومخلوقات الفضاء من باب التسلية دون أن يحاول تحليل عناصرها في ذهنه ليصل إلى قرار واضح جدا وهو : هل فعلا توجد مخلوقات واعية وحضارية عدا اﻹنسان في هذا الكون ؟ وإذا كانت موجودة فعلا هل أتت إلى كوكبنا وفعلت بعض ما يقال عنها حقا ؟
من يقرأ في الكتب والمجلات والمقالات المعروضة في عالم الإنترنت سيقف حائرا بالفعل لانه سيجد أن الإثباتات التي يقدمها بعض الباحثون والتي تؤكد على وجود مخلوقات واعية غير اﻹنسان في كواكب أخرى وانها فعلا قد زارت كوكب اﻷرض لدراسة بيئته وكذلك لدراسة مخلوقاته ، سيجدها إثباتات علمية كافية ووافية لتقنع معظم القراء بمختلف مستوياتهم الثقافية. ولكنه من طرف آخر سيجد أيضا أن اﻵراء المناقضة والتي تعارض الرأي اﻷول هي أيضا آراء علمية كافية ووافية لتقنع معظم القراء ، وهذا يعني بأن البحث للوصول إلى إجابة مقنعة تماما بخصوص هذا الموضوع سيتوقف على ما يناسب القارئ نفسه ، فإذا كان القارئ يتمنى أن يوجد سكان فضاء عندها سيجد أن إثباتات المفكرين الذين يؤيدون وجود سكان فضاء هي اﻷقوى ،أما إذا كان القارئ في داخله لا يتمنى وجود سكان فضاء عندها سيجد أن إثباتات الذين يرفضون صحة وجود سكان الفضاء هي اﻷقوى. وستبقى صحة فكرة وجود أو عدم وجود سكان فضاء أمر نسبي يختلف من شخص إلى آخر. لذلك في هذه المقالة سنحاول أن نبحث في موضوع سكان الفضاء بنظرة فلسفية وليس نظرة علمية مادية كما ينظر إليه معظم العلماء والمفكرين حتى اﻵن. فمشكلة عصرنا الحالي الحقيقية وكما ذكرنا في المقالات السابقة هي أن آراء العلماء ونظرياتهم معظمها تعتمد قاعدة علمية مادية ذات إثباتات قد تكون مقبولة ماديا ، ولكنها ضعيفة روحيا لذلك فهي تسمح لنسبة كبيرة من المفكرين برفضها رفضا قاطعا.
منذ ولادة اﻹنسانية أرسل الله اﻷنبياء والمرشدين لمساعدة البشر في التطور الروحي والمادي ليشعر اﻹنسان بأنه يختلف عن بقية المخلوقات وأن سبب وجود هذا اﻹختلاف هو أن اﻹنسان يحوي في داخله جزء من روح الله وهذا ما جعله يإستمرار يتطور بسرعة فائقة مقارنة مع تطور المخلوقات اﻷخرى ، وكان مع ظهور كل نبي تدخل اﻹنسانية بمرحلة جديدة في تطورها ، وكان المرشدين يقومون بدورهم لإظهار وتقوية جميع عناصر هذه المرحلة من التطور ، فنجد بعض المرشدين وتحت أفكار من وحي الله يحولون ما هو المقصود من دور الأنبياء إلى أساطير تساعد على فهم نوعية كل مرحلة في تطور اﻹنسانية ، لذلك نرى ظهور أساطير تتكلم عن أشخاص لهم قوة خارقة سواء كقوة فكرية أو كقوة جسدية ،وكان جميع هؤلاء الذين يتمتعون بمثل هذه القوى الخارقة هم في الحقيقة أنبياء وهبهم الله الحكمة والحماية اﻹلهية ليقوموا بنشر تعاليم رسالتهم التي أوحى الله لهم بها، وكان دور بعض المرشدين هو توحيد تلك الحكمة وتلك الحماية اﻹلهية لينسبوها إلى بطل أسطورتهم ، لذلك كان أبطال اﻷساطير عبارة عن أشخاص لهم قوة جبارة يستخدموها في محاربة الظلم والفساد ليعيش أفراد الشعب في مجتمع تسوده العدالة والمساوة والمحبة.
على هذا المبدأ سارت اﻹنسانية في تطورها الروحي واﻹجتماعي على مر آلاف السنين ، من جهة كانت الديانات تلعب دورها في التطور الروحي ، ومن جهة ثانية كانت اﻷساطير تلعب دورها في التطور المادي للمجتمع ، ورغم أن التطور على الصعيدين الروحي والمادي كان يسير بخطوات بطيئة ولكنه كان يسير على قدم وساق تماما كما خططت له الحكمة اﻹلهية.
لا بد هنا أن نشير بأن هناك كثير من الدجالين إدعوا النبوة ، وكذلك هناك كثير من اﻷساطير ألفها مشعوذون وليس لأساطيرهم أية علاقة لا باﻷنبياء ولا بالحكمة اﻹلهية. ومع إستلام هؤلاء الدجالين عجلة قيادة فكر أفراد كان المجتمع يدخل في عصر اﻹنحطاط تماما كما يحصل في عصرنا الحاضر . لذلك على اﻹنسان أن يتحقق بشكل دائم عن كل معلومة سواء في الدين أو في اﻷساطير أو في العلوم المختلفة عن مصدرها فيما إذا كان من رجل دين جاهل أم مشعوذ هدفه مصلحته الشخصية فقط.
في القرن التاسع عشر وصل التطور الروحي للإنسانية إلى مرحلة جديدة تختلف نوعيا عن جميع مراحل التطور التي مرت بها اﻹنسانية منذ خمسة آلاف عام ، بعض المفكرين شعروا بهذا التحول النوعي الكبير الذي ستدخله الإنسانية ولكن للأسف رغم محاولتهم التعبير عنه لم ينجحوا في توضيحه بشكل مفهوم حتى يعلم العلماء المعنى الحقيقي لهذا التغيير في نوعية التطور، وبسبب فشلهم أدى إلى ظهور آراء ونظريات عديدة حاولت أن تحدث نوعا من العمى الروحي في الطبقة المفكرة لكي لا ترى حقيقة ما يحدث ( تحدثنا عن هذا الموضوع في الخاطرة 28 : خدعة قرن الـ 19 ) . وطبعا هذه اﻵراء والنظريات ذات النظرة المادية الفقيرة إستطاعت أن تكوًن القاعدة اﻷساسية في المنهج العلمي الذي يدرس به في جميع مدارس وجامعات العالم ليصبح العمى الروحي أكبر مشكلة يعاني منها مثقفي العصر الحديث بجميع فروع علومهم بدون أي إستثناء على اﻹطلاق.
في النصف الثاني من القرن التاسع عشر كان من المفروض أن يحدث في تطور اﻹنسانية تماما كما حصل في تطور الحياة قبل 600 مليون عام أي في بداية العصر الجيولوجي الكامبري ، حيث نجد ظهور فجائي لعدد كبير من الكائنات الحية المعقدة التركيب البنائي في جسمها وهذا ما جعل تفسير ظهورها الفجائي هذا من أكبر ألغاز تطور الحياة ، وبسبب عدم فهم هذه الظاهرة الغريبة نجد معظم العلماء اليوم يؤمنون بصحة نظرية دارون في تطور الحياة ، ولكن من يستطيع تفسير هذه الظاهرة يعلم تماما بمدى سطحية و سذاجة نظرية دارون مقارنة لما يحدث حقيقة في المخطط اﻹلهي لتطور الحياة واﻹنسان. ( نظرية التطور الفجائي في تطور الحياة سنتكلم عنها في مقالة مقبلة إن شاء الله)
إن ما حدث في تلك الحقبة الجيولوجية ليس إلا عملية إتحاد روحي بين عدة كائنات حية بسيطة مختلفة لتعطي كائن حي يتمتع بجميع تلك الصفات التي كانت موجودة في في هذه الكائنات الحية البسيطة التي نتج عنها ،هذه العملية لا يمكن إدراكها بالمنهج العلمي الحديث ﻷنه ذو مستوى سطحي فقير يعتمد على الفيزياء الكلاسيكية ، ولكن من يفهم قوانين الفيزياء الكمية سيجد أن عملية اﻹتحاد الروحي لتكوين روح أكبر هي عملية مقبولة ويمكن أن تحدث ضمن ظروف معينة . لذلك ليس من الصدفة أن الشخص الذي جاء بعلم الفيزياء الكمية ( العالم ماكس بلانك ) ولد قبل ظهور نظرية دارون بأشهر قليلة. وليس من الصدفة بأنه عندما ظهرت نظرية داروين ولد في تلك الفترة فن جديد إسمه (فن السينما ) فهذا الفن ظهر تماما كما ظهر اﻹنسان وكما ظهرت تلك الكائنات المعقدة ﻷول مرة قبل 600 مليون عام. ففن السينما لم ينتج مثلا عن تطور فن الرسم ،أو عن تطور فن الموسيقى ، أو فن النحت أو الرواية أو أي فن آخر ، ولكنه نتج عن توحيد جميع أنواع الفنون ، ففن السينما يستخدم فن الرواية والموسيقى والتصوير ( الرسم ) والتمثيل و. و.. لينتج عمل فني قائم بذاته له طريقته الخاصة في التعبير الروحي ويختلف عن جميع الفنون اﻷخرى ، لذلك فإن إعتبار فن السينما بأنه الفن السابع كمصطلح معترف به عالميا ليس إلا دليلا يؤكد أن ثقافة مفكري العصر الحديث هي ثقافة سطحية ليس لها المقدرة على رؤية مضمون اﻷحداث واﻷشياء.
في عصر يعاني علماءه و مفكريه من العمى الروحي ، من الطبيعي أن تصبح قصص الكتب المقدسة واﻷساطير قصصا خرافية لا تحوي أي مضمون ، وبالتالي من الطبيعي أن يظهر الدجالون والمشعوذون ليقوموا بتأليف وصنع قصص خرافية بدلا منها لتملأ الفراغ الروحي في اﻹنسان ، والمشكلة اﻷكبر في عصرنا الحديث هو أن العلماء أنفسهم هم من بدأ في ترويج هذه الخرافات بإثباتاتهم العلمية المادية لتنتقل إلى معظم أفراد المجتمع على مختلف مستوياتهم العلمية.
ما حدث في بداية العصر الحديث هو أن اﻹتحاد الذي وجب أن يحدث بشكل شامل ( روحيا وماديا ) حصل وللأسف على الصعيد المادي فقط، لذلك القفزات الكبيرة التي حققتها العلوم المادية في تقدم التكنولوجيا والطب وغيرها أبهرت عقول معظم العلماء والمفكرين وعمتهم من رؤية حقيقة ما يحدث من إنحطاط على الصعيد الروحي، حيث كانت نتيجة هذا اﻹنحطاط الروحي هو تفكك الروابط بين اﻷفراد وهذا ما أدى إلى تقوية الشعور بـ ( اﻷنا ) ، فكل إنسان راح يبحث عن مصلحته الشخصية فقط دون أن يهمه شيئا عن نتيجة أعماله على سلوك اﻵخرين وخاصة على اﻷطفال والشباب ، وهذا ما جعل غريزة حب الذات تتغلب على عاطفة الشعور بآلام اﻵخرين في الكثير من أفراد المجتمع ليتحول بشكل تدريجي إلى مجتمع متوحش ، حيث نجد أن الدول العظمى تنهش في خيرات بلاد الشعوب المتخلفة ،فاليوم حسب اﻹحصائيات اﻷخيرة نجد أن 80% من خيرات الكرة اﻷرضية يستهلكها 20% من سكان العالم وهم شعوب الدول المتقدمة ، وهذا ما جعل الكثير من سكان شعوب الدول المتخلفة بسب الفقر أو بسبب فساد حكامها أن تهاجر إلى البلدان المتقدمة لتعيش هناك كأفراد من الفئة الثانية أو الثالثة ، وهكذا بدلا من أن يحدث اﻹتحاد الروحي بين الشعوب المختلفة ، حدث إتحاد مادي ، جسدي بين أفراد شعوب العالم ، فنجد في كثير من المناطق في المدن الغربية كل حي منه يتكلمون لغة مختلفة عن اللغة اﻷصلية لسكان البلد وكأن المنطقة يعيش فيها مجموعات مختلفة أتت من مختلف مناطق العالم وكل حي له عصاباته التي تتحكم في مصير الحي بأكمله. وهكذا بدلا من أن يحدث اﻹتحاد بين أرواح أفراد سكان اﻷرض بمختلف عروقهم ودياناتهم ولغاتهم لنحصل على جيل جديد يتمتع بقوى خارقة سامية أرقى بكثير من قوى اﻹنسان القديم ، للأسف حدث تقارب جسدي كان نتيجته ظهور العنصرية والحقد بين أفراد السكان اﻷصليين وأفراد السكان المهاجرين. كل طرف يحقد على الطرف اﻵخر لا شيء يجمع بينهم ولكن هناك آلاف اﻷشياء التي تفرق بينهم.
إ ذا لم نأخذ هذه الناحية في بحثنا عن حقيقة وجود أو عدم وجود سكان الفضاء ، فإننا لن نصل إلى إجابة مقنعة تسمح لنا فهم مضمون هذا الموضوع وسبب ظهوره بهذه الشدة في القرن اﻷخير . فإيمان اﻹنسان بظاهرة ( سكان الفضاء ) يكشف لنا بكل وضوح عن حقيقة القاعدة الفكرية التي وصل إليها إنسان العصر الحديث، أو بكلام آخر يكشف لنا عن مدى التدهور الذي حصل في نوعية إيمان اﻹنسان المعاصر.
إن تدهور اﻹدراك الروحي الذي حصل في بداية القرن العشرين بفضل آراء دارون وماركس وأميل زولا وبول سيزان والنظرية النسبية كمنطق فلسفي وغيرهم ، أدى إلى تشويه مفهوم تلك القوة الخارقة التي وصفها الله ( ولقد خلقنا اﻹنسان في أحسن تقويم ) التي كانت يجب أن تظهر في اﻹنسان الحديث ولكن هذه المرة كتكوين روحي ، فذهب العديد من المفكرين وحاولوا التعبير عنها بطريقة مضللة وبسبب نمو غريزة حب الذات فيهم تم التعبير عنها بطريقة مشوهة ، لذلك كانت النتيجة البدائية لهذا الشعور هو محاولة تشويه الماضي ليخلق نموذجا جديدا عن القوى الخارقة، وهكذا بدلا من اﻷنبياء ، وأبطال اﻷساطير كما أوحى الله لهم بها ظهرت شخصيات جديدة لتحل محل هؤلاء اﻷنبياء واﻷبطال في قلوب الناس ، وبنفس الوقت لتسد حاجة روح اﻹنسان في التعبير عن تلك القوى الخارقة التي تكمن في داخله ، ومن هذه اﻹحساسات المزيفة الجديدة ظهرت فكرة إمكانية السفر عبر الزمن وكذلك فكرة وجود سكان الفضاء.
فكرة " وجود مخلوقات فضائية " لم تولد بشكل فجائي ولكن بشكل تدريجي ضمن مخطط كان هدفه - كما ذكرنا - تشويه قصص اﻷنبياء في عقول اﻷطفال والشباب، فكما يذكر العالم الفلكي كارل سيغان بأن بداية ظهور فكرة وجود مخلوقات في كواكب أو عوالم أخرى حدثت في نهاية القرن التاسع عشر مع العالم الفلكي اﻹيطالي جيوفاني سكياربلي فأثناء رصده لكوكب المريخ من عام 1877 إلى عام 1882 ذكر بأنه رأى أقنية منتشرة على سطحه وقد بدت له هذه اﻷقنية فيما بعد بأنها تامة اﻹستقامة مما يعطي إحتمال بنائها من قبل مخلوقات ذكية تسكن كوكب المريخ، وقد سمى هذه اﻷقنية canali والتي تعني في اللغة اﻹيطالية أقنية أو ممرات ، ولكن مع ترجمتها إلى اﻹنجليزية تحول معنها إلى canals والتي تعني شبكة نظام محكم من القنوات المائية، وهذا ما دفع الرجل الثري اﻷمريكي برسيفال لوييل والذي كان له هواية شديدة في رصد الكواكب والنجوم إلى إنشاء مرصد بتقنية عالية جدا لمراقبة المريخ ،وفي عام 1894 توصل لوييل من خلال رسوماته لسطح المريخ ( الصورة ) بصحة إعتقاد الفلكي جيوفاني ، فذهب ونشر عام 1895 كتابا يؤكد من خلال صفحاته على وجود مخلوقات ذكية تسكن كوكب المريخ.
هذه الفكرة أثارت ضجة في تلك الفترة ، وألهمت مؤلف الرويات العلمية الخيالية اﻹنكليزي ( هربرت جورج ويلز ) ليكتب رواية خيالية جديدة بعنوان (حرب العوالم ) التي تتكلم عن صراع يحدث بين سكان اﻷرض وسكان المريخ. هذه الرواية ألهمت بدورها عشرات كتاب القصص إلى تأليف قصص خيالية يدور موضوعها عن حروب تنشأ بين مخلوقات فضائية تهاجم كوكب اﻷرض. ومعظم هذه القصص التي ظهرت في النصف اﻷول من القرن العشرين كانت تظهر على شكل قصص مرسومة في المجلات ، وهكذا بدأ أبطال قصص" المخلوقات الفضائية " تدخل عقول اﻷطفال لتحل مكان اﻷنبياء وأبطال اﻷساطير القديمة ، يقول كارل ساغان وهو يصف شعوره عندما كان طفلا " في الليل عندما كنت أقف في الحقول ، كنت أنظر إلى السماء فاتحا ذراعي عاليا أتوسل إلى سكان كوكب المريخ أن يأتوا ويأخذوني إليهم ، ولكن لم أنجح أبدا في تحقيق حلمي هذا "
ما حدث مع كارل ساغان وهو طفل حدث مع العديد من أطفال الدول الغربية في تلك الفترة ،فبدلا من أن ينظر الطفل إلى السماء ليشعر وكأنه ينظر إلى الله ليطلب منه المساعدة في النجاح في إمتحانات المدرسة مثلا أو في شفاء أمه المريضة أو أي شخص آخر عزيز عليه ، راح الطفل ينظر إلى السماء ويراقب تللك النقاط المضيئة فلعل أحدها تكون مركبة فضائية من كوكب آخر ، ليشير إليها بيده لعل تلك المخلوقات الغريبة تراه فتهبط إليه لتأخذه معها ولتمنحه شيئا من قوتها الخارقة لتجعله مختلفا تماما عن بقية أصدقائه ومعارفه. وللأسف بعض هؤلاء اﻷطفال عندما كبروا تخصصوا في علم الفلك لتحقيق حلمهم الطفولي ، كارل ساغان نفسه والذي بعد أبحاثه الطويلة التي أكدت له أن كوكب المريخ لا يصلح للحياة، وأن اﻷرض لم يزرها أي مخلوقات فضائية نهائيا وأن جميع تلك القصص التي تتحدث عن اﻷطباق الطائرة وعن مخلوقات خضراء قصيرة القامة وعن الإختطافات التي يقومون بها ليست إلا خرافات وليس لها أي قاعدة علمية. ولكن ومع ذلك نجده بأنه لم يتخلى عن حلمه ، وظل يعتقد أنه في هذا الكون الفسيح يجب أن توجد مخلوقات ذكية غير اﻹنسان ، لذلك نراه قد ساهم في إرسال رسالة فضائية تعلن فيها بأن مرسله من مخلوقات تسكن الكوكب الثالث من المجموعة الشمسية ومع الرسالة رسمة توضح شكل اﻹنسان رجل وإمرأة (كما توضح الصورة )
كثير من علماء الفلك الذين يحترمون أنفسهم ويعتبرون أن الحقيقة فوق كل شيء ، لهم نفس رأي كارل ساغان ، ولكن المشكلة العظمى هي أن اﻹنسان المعاصر قد تحول إلى كائن عديم الضمير ، يتطلع بإستمرار إلى السرعة في كسب المال والمجد والشهرة ، وهذا ما جعل الكثير من العلماء من أجل تحقيق مصالحهم الشخصية الذهاب ومحاولة إثبات العكس، فموضوع وجود مخلوقات فضائية تزور الكرة اﻷرضية كل فترة وفترة يعتبر موضوع مشوق جدا ويجذب إنتباه اﻵخرين لذلك حاولوا إستغلاله في تحقيق مصالحهم الشخصية ،وللأسف عدا عن هذا فإن التقدم التكنولوجي قد سهل عليهم في إمكانية التلاعب في الصور وفي مقاطع الفيديو ليضعوا فيها كل ما يريدونه وبالشكل الذي يريدونه ﻹثبات صحة آرائهم الكاذبة ، في هذه الظروف الجديدة أصبحت محاولة إثبات وجود مخلوقات فضائية على سطح اﻷرض أسهل بكثير من قبل لذلك تزايد عددها كثيرا في الفترة اﻷخيرة.
ولكن من يبحث في اﻷمور بنظرة فلسفية يمكنه كشف نقاط الضعف في جميع تلك اﻹثباتات التي يقدمها أولئك الذين يروجون مثل هذه الخرافات بهدف تشويه مفهوم وسبب وجود اﻹنسان على سطح اﻷرض في عقول الشباب ليعيشوا بفكر عشوائي دون هدف ودون عقيدة........يتبع.في اﻹسبوع القادم إن شاءالله