ضيفٌ كريم

مرام شاهين

شاءت الأقدارُ أن نُغادرَ المنازل ، أن نبتعدَ عن الأهل و الأصدقاء ، أن نعيشَ لا نملكُ البنَّ نُقدّمهُ إذا ما الجارُ أرادَ الزّيارة ..

يكتوينا الحزنُ .. يعصفُ في ليالينا الصيفيّةِ الخاليةِ من النّسيم

هل الفصولُ تتناوبُ عند السُّعداء فقط ؟ و وتُحيلُ الشّتاءَ مندوباً عنها في بيوتِ الخاويةِ بطونهم ، تخيفهُم أصواتُ الرّياحِ اللاموجودة ، و ظلامُ الدُّنيا في ليالٍ مُقمِرة ؟

لماذا تلتحفُنا الوداعاتُ كلّما قررنا المُضيّ مع الأحباب ؟

لماذا ترمينا المسافاتُ .. شرقاً و غرباً .. تفصلُنا الخيام ، كأشواكٍ تُدمي الطّفل إذ همَّ بالرّكضِ بينَ مساحات الشّجر ، غير مدركٍ لوجودِ الخطَر !

في تلكَ الأجواءِ الرّماديّةِ فاقدةِ الوِراد

يُطلُّ علينا لا يهتمُّ لقلّةِ المالِ أو سوءِ الحال !

يغمرُنا هلالُه بالنّور ، في الوقتِ الّذي لا نملكُ فيه أيَّ سراجٍ يُحيي طقوسَ استقبالِه كما يُحييها الأغنياء ..

و هل الغِنى في امتلاكِ النّور أو الأسرجةِ أو الشّمع ؟

هل أصحابُ الثّريّاتِ الفارهة وحدَهم من يستمتعونَ بتناول الفَطورِ واختلاف الأطعمة ؟

وحدَهُ ( رمضان ) من يجيبُ بـ ( لا )

و يأتينا ضيفاً وقوراً لا يهتمُّ بلباقةِ مظهرنا إذا ما استقبلناهُ من أمامِ باب خيمتنا القُماشيّ بأخرقةٍ مُرقّعة

وحدَهُ ( رمضان ) كريمُ الخِصال ، يحملُ بين يديهِ مغفرةً و استجابة

يسمعُ قرقعةَ الأمعاءِ إذا ما احتكّت لا تجدُ غذاءً ، يسمعُ بكاء الأمّ إذا ما ناجت الله عزّوجل ، تسألهُ الصّبرَ تسألهُ العطاءَ و الرضا ..

يُغني الجميعَ بلذّةٍ روحيّةٍ تُضاهي طعمَ اللحمِ يتناثرُ على موائدِ القصور

يُساوي أبناءَ الأرضِ بفرحةِ العيد ..

بمسابقةِ الفوزِ بالغُفرانِ ، بالجنان ، ينالُها الأكثرُ إيماناً ، في زمنٍ يُشترى فيه كل شيء .. إلا الإيمان

رمضان .. ضيفٌ كريم .. من ربٍّ كريم ..

كُن لأهلِ بلادي أمناً وسلاماً ، و ارتواءً بعد طولِ عطَش ..