خواطر من الكون المجاور.. الخاطرة 93 : حقيقة سفينة نوح
في النصف الثاني من القرن التاسع بدأ كارل ماركس وكثير من الملحدين يبحثون في القصص المذكورة في الكتب المقدسة ليثبتوا أن الله غير موجود وأن هذه القصص ليست سوى عبارة عن قصص خرافية كتبها أشخاص بمستوى علمي ضعيف جدا ﻷنها تعارض نهائيا جميع الحقائق العلمية المكتشفة في الفترة اﻷخيرة. فذهبوا وألفوا كتب ومقالات تذكر إثباتات علمية تعارض صحة أحداث القصص الدينية. كارل ماركس وأتباعه نظروا إلى الكتب المقدسة نظرة مادية بحتة فكان فهمهم لمعاني آيات الكتب المقدسة فهم حرفي ، وللأسف الشديد راح علماء الدين وكثير من المفكرين وبإستخدام نفس تلك الرؤية المادية ﻹثبات أخطاء ماركس وأتباعه ، ولم يعلموا أن الخطأ ليس في أفكار ماركس ولكن الخطأ هو في طريقة البحث التي يستخدمها ماركس ، ﻷن الرؤية المادية عاجزة عن رؤية العلاقة بين الشكل والمضمون ،
حيث فهم هذه العلاقة هي التي تحدد سبب الوجود ، والكتب المقدسة تذكر اﻷشياء واﻷحداث بطريقة رمزية تسمح لكل عصر فهم الحدث بما يناسب مستوى معارفه وعلومه ليتابع تطوره بشكل صحيح نحو اﻷرقى بإستمرار.فعندما تذكر الكتب المقدسة أن الله خلق الكون والحياة في ستة أيام -مثلا - لا يعني هنا أن كل يوم يساوي 24 ساعة وأن قصة الخلق تمت في 144 ساعة ، ولكن هنا يعتبر اليوم رمز يعبر عن مرحلة ، وأن الرقم 6 نفسه يعبر عن نوعين من التطور : 3 مراحل تطور روحي و 3 مراحل تطور مادي. لذلك إذا أخذنا المعني الحرفي لآيات الكتب المقدسة ستفقد هذه الكتب عظمتها اﻹلهية وتتحول إلى كتب لا تنفع ولا تضر، وهذا يتعارض مع الواقع التاريخي ﻷن الديانات كانت أحد أهم أسباب ولادة الحضارات وإزدهارها رغم أن الكثير من مفكري العصر الحديث يحاولون عدم ذكر دور اﻷديان في تطور اﻹنسانية.
أحدى تلك القصص التي حاول الملحدين إستخدامها ﻹثبات تعارض الكتب المقدسة مع الحقائق العلمية الحديثة هي قصة طوفان نوح. فرغم محاولة العديد من علماء الدين إثبات خطأ آراء الملحدين ولكن إعتمادهم هم أيضا على نفس منطق ماركس المادي في البحث العلمي ، دفع الكثير من أولئك الذين يبحثون بصدق عن الحقيقة، إلى اﻹعتقاد بصحة آراء الملحدين وبالتالي اﻹبتعاد عن الدين أيضا. ﻷن إعتماد الرؤية المادية فقط يقود فعلا إلى اﻹيمان بعدم وجود الله وبطلان صحة الكتب المقدسة.
قبل أن نتكلم عن الرموز التي تستخدمها الكتب المقدسة في قصة الطوفان وسفينة نوح ، سنحاول في البداية أن نعرض رآي الملحدين والذي أقنع الكثير بعدم صحة هذه القصة :
القرآن الكريم لا يذكر أي تفاصيل عن الزمن الذي عاش به نوح ولا يذكر أيضا أي تفاصيل عن أبعاد السفينة أو عن ظروف الطوفان . لذلك معظم الباحثين يأخذون باﻷرقام التي يذكرها سفر التكوين ليستطيعوا تقييم اﻷمور في هذه القصة. أبعاد السفينة كما هي مذكورة في سفر التكوين في اﻹصحاح 6 هي ( الطول 300 ذراع ، العرض 50 ذراع ، اﻹرتفاع 30 ذراع ) هناك نوعين من الأذرع المستخدمة في كتب العهد القديم ، ذراع ملكي ويعادل (52،5 سم ) وذراع عادي ويعادل ( 45،8 سم ) ومعظم الباحثون يستخدمون الذراع العادي في قياس أبعاد الفلك وحسب هذا الذراع فإن أبعاده تعادل تقريبا ( الطول 138 متر، العرض 23 متر ، اﻹرتفاع 13،8 متر ) مؤلفة من ثلاث طبقات . وأمر الله نوح أن يحمل في هذه السفينة زوجا من جميع الحيوانات، وأخبره أن السماء ستمطر لمدة 40 يوما ، وأن المياه ستغمر اﻷرض وسيرتفع مستواها إلى 15 ذراع ( 7 امتار ) فوق الجبال الشامخة وأن الطوفان سيدوم لمدة 150 يوم.
حسب رأي الملحدين بأن قصة نوح كتبها إنسان يجهل طبيعة الكرة اﻷرضية وكذلك أنواع الحيوانات التي تعيش عليها ،فكاتب هذه القصة - حسب رأيهم - وضع أبعاد السفينة بحيث تكفي لحمل ذلك العدد من الحيوانات ( وما يكفيها من طعام ) التي تعيش في المنطقة التي يعرفها هذا اﻹنسان والتي عددها لا يتجاوز الـ1000 ، أو 2000 أو حتى الـ5000 نوع ، ولكن اليوم ومع تطور علم الحيوان ودراسة أنواعها ،وجدوا أن أنواع الثديات وحدها هي أكثر من 6000 نوع والطيور أكثر من 10000 نوع ، والزواحف يفوق الـ 2600 نوع ، والموضوع هنا ليس فقط في عدد هذه الحيوانات و أحجامها ، ولكن أيضا كمية الطعام والماء التي ستحتاجها هذه الحيوانات لتستطيع العيش داخل السفينة لمدة 150 يوم من أيام الطوفان.
فطالما أننا سننظر إلى قصة نوح برؤية مادية كما ينظر إليها الملحدين فيجب علينا ذكر أمور مادية هامة تتعلق بصفات الحيوانات ، الفيل مثلا يحتاج في غذائه إلى 200 كغ من النباتات و150 ليتر ماء يوميا ، وهناك نوعان من الفيلة اﻷفريقي والهندي أي أن سفينة نوح ستحمل داخلها أربع فيلة وهذا يعني بأنها بحاجة على اﻷقل إلى 90000 لتر ماء و 100000كغ نباتات لتتغذى عليها خلال مدة الطوفان ، وبشكل عام كل حيوان من الحيوانات التي ستعيش داخل السفينة لمدة 150 يوم سيحتاج على اﻷقل إلى 7 مرات من وزنه طعاما و7 مرات من وزنه ماء.
الملحدون حسبوا هذه اﻷحجام وهذه الكميات وقارنوها مع حجم السفينة فوجدوا أنه تتعارض مع نتائج حساباتهم ، وأن حجم السفينة لا يكفي لجميع هذه الحاجات حتى تستطيع هذه الحيوانات أن تبقى على قيد الحياة طوال مدة أيام الطوفان ، فهذه الحيوانات لن توضع في السفينة كما توضع أسماك السردين في علبة الكونسيرفا مضغوطة بعضها على بعض ، ولكن ستوضع بطريقة تسمح لها نوع من الحركة والتنفس بشكل طبيعي.
أما العلماء المؤمنين بصحة قصة طوفان نوح فذهبوا وقاموا ببعض التعديلات في التفسير فبدل زوج من كل نوع عدلوها إلى زوج من كل جنس وبدل حيوانات بالغة عدلوها بحيوانات صغيرة بالعمر لا تحتاج إلى كميات كبيرة من الغذاء ، فبدلا من أن يدخل السفينة مثلا فيل بالغ يصل وزنه 5000 كغ سيدخل فيل صغير وزنه 300-400 كغ. ولكن في مثل هذه التعديلات ستتعقد اﻷمور أكثر ، فمثلا كثير من الاجناس الموجودة في السفينة لا يمكن إنتاج أنواع منها في فترة زمنية قصيرة على سطح الأرض . فيوجد مثلا نوعين من الفيلة وهناك فروق كثيرة بين النوعين لا يمكن أن تحدث خلال فترة زمنية تعادل آلاف السنين ولكنها إحتاجت إلى ملايين السنين. ...وبما أننا نأخذ معلوماتنا من سفر التكوين ،فنجد أنه يذكر 7 أزواج من اﻷنواع الطاهرة وليس فقط زوج واحد كما يحاول علماء الدين في حساباتهم.
حسب دراسات الملحدين ، هناك أيضا تعارض في كمية مياه الطوفان ، اﻵية 20 من اﻹصحاح 7 من سفر التكوين تذكر ( خمس عشرة ذراعا في اﻹرتفاع تعاظمت المياه فتغطت الجبال) أي أن إرتفاع المياه وصل إلى 15 ذراع فوق أعلى الجبل على سطح اﻷرض ، وأعلى جبل هو قمة إفرست التي تصل إرتفاعها إلى (8880 ) متر ، وهذا يعني ان كمية مياه الطوفان كانت أضعاف كمية المياه الموجودة حاليا على سطح اﻷرض فمن أين اتت هذه الكميات الهائلة من المياه وأين إختفت بعد الطوافان ؟
العلماء المؤمنون أمام هذه المشكلة ذهبوا وعدلوا قصة نوح وقالوا أن طوفان نوح لم يحدث في جميع مناطق العالم ولكن في منطقة صغيرة من الكرة اﻷرضية وعلى اﻷكثر قد حدث في منطقة ما بين العراق و بلاد الشام وآسيا الصغرى ، ولكن هذا التعديل يعتبر تحريف لما ذكر في جميع الكتب المقدسة ، فسفر التكوين يذكر ( فقال الله لنوح نهاية كل بشر قد أتت أمامي ﻷن اﻷرض إمتلأت ظلما منهم ، فها أنا مهلكهم مع اﻷرض. ..) فكلمة بشر مقصود بها جميع شعوب العالم وليس فقط شعوب منطقة العراق وبلاد الشام.
بالنسبة إلى تاريخ حدوث الطوفان فكما ذكرنا قبل قليل أن القرآن لا يذكر أي تفاصيل ولكن بعض علماء المسلمين يضعون تاريخ الطوفان قبل 70-100 ألف عام ولا أدري على إي أسس تم إستخراج هذه اﻷرقام ﻷستطيع مناقشتها ، أما في الكتب المقدسة للعهد القديم فحسب اﻷرقام المذكورة فيها هناك إحتمالين ، اﻷول وهو أن نحسب تماما حسب الأرقام المذكورة في هذه الكتب مباشرة فعندها - حسب دراساتي - سيكون تاريخ حدوث الطوفان بدقة هو عام 2507 قبل الميلاد، أما إذا حسبنا الزمن حسب التقويم اليهودي سيكون تاريخ حدوث الطوفان عام 2105 قبل الميلاد. إذا بحثنا في الدراسات الجيولوجية لتاريخ اﻷرض سنجد أنه في تلك اﻷزمنة لم يحدث أي طوفان عالمي ولهذا السبب نجد جميع شعوب العالم القديمة لم تختفي و تابعت مسيرة حياتها بشكل إعتيادي بدون أي تغييرات مفاجئة. لا في مصر ولا في بلاد الشام ولا الهند ولا الصين.
بعض علماء الديانة اليهودية والمسيحية ذهبوا وعدلوا هذا التاريخ فوضعوا تاريخ الطوفان قبل أكثر من 3000 عام قبل الميلاد أي قبل ظهور الكتابة ، ولا أدري على أي أساس تم إستخراج هذا الرقم رغم أنه يتعارض نهائيا مع الأرقام المذكورة في التوراة. فحسب أرقام التوراة لو كان هذا الرقم صحيحا لكان آدم هو أيضا من ركاب سفينة نوح ﻷنه حسب التقويم اليهودي ولد عام 3761 قبل الميلاد و توفي عام 2831 قبل الميلاد ، وهذا يجعل جميع اﻷرقام المذكورة في التوراة على خطأ وعندها تصبح قصة نوح قصة غريبة عجيبة مليئة بالتناقضات طالما أنها تعتمد على الأرقام المذكورة في التوراة.
من يقوم بدراسة شاملة والتي تبحث في جميع العلوم المتعلقة بقصة نوح ( علم اﻹنسان، علم الجيولوجيا ، علم اﻵثار، ديانات. ..،) سيجد أن جميع آراء علماء الدين عن طوفان نوح بعيدة نهائيا عن الحقيقة ، فكما هو واضح تماما في التوراة والقرآن ، بأن الطوفان كان عالميا ، هذه الفكرة مباشرة تحدث نوع من التناقض لا يقبل به عقل أي إنسان ، فمهما حاولنا االتلاعب في مفهوم معنى كلمة إنسان فإن عمره على سطح اﻷرض لا يتجاوز الـ200 ألف عام ، والسؤال الذي يخطر على عقل كل إنسان له معارف في علم الحيوان هو :
- طالما أن الطوفان كان عالميا كيف إجتمعت جميع أنواع الثديات ذات الجيب ( كالكنغر ،وشيطان طشمانيا وغيرها ) في أستراليا وبعض الجزر التي حولها بالرغم من أن معظم هذه الحيوانات لا تجيد السباحة بشكل يسمح لها اﻹنتقال من جزيرة إلى أخرى قريبة منها؟ فلو أن هذه اﻷنواع كانت موجودة في سفينة نوح كان يجب أن تترك آثار عديدة في تلك المناطق التي تفصل بين أستراليا وجبل آرارات ، فحتى تنتقل هذه اﻷنواع من جبل آرارات إلى قارة أستراليا ستحتاج في طريقها إلى مرور مئات اﻷجيال منها أي أن أجيال عديدة منها ستموت على الطريق حتى تصل إلى أستراليا ، ولكانت تركت هياكلها العظمية في شمال سوريا والعراق وإيران والهند والصين. ..، ولكن مثل هذا لم يحصل ﻷن جميع هذه اﻷنواع إنعزلت عن العالم منذ ملايين السنين وظلت هناك حتى اليوم ، وهذا يعني أن أستراليا لم تتأثر نهائيا بطوفان نوح ﻷن طوفان نوح في الحقيقة هو قصة رمزية ، وكل عالم ديني يبحث في معانيها الحرفية ليؤكد على صحتها سيحقق العكس تماما وسيجعل أولئك الذين يبحثون عن الحقيقة بصدق يبتعدون عن الدين والكتب المقدسة ، ﻷن معلوماتهم ستكون تناقض للحقائق العلمية التي توصل إليها العلماء في العصر الحديث وهذا ما حصل فعلا في الـ150 سنة اﻷخيرة .
قصة نوح يجب أن يتم تفسيرها من خلال نظرة شاملة ( روحية ومادية ) فهي مكتوبة بطريقة تلائم جميع العصور وهذه القصة كما يفسرها اليوم علماء الدين وكما نراها في اﻷفلام السينمائية تصلح للأطفال وكذلك للإنسان الذي مستوى معارفه تعادل مستوى معارف إنسان عاش قبل إكتشاف قارة أمريكا ، عندما كان العالم القديم متصل ببعضه البعض عن طريق اليابسة.
كثير من علماء المسلمين يرفضون نهائيا معظم المعلومات المذكورة عن قصة طوفان نوح في سفر التكوين وخاصة اﻷرقام المتعلقة بها ، ولكن من يتمعن جيدا فيما يذكره سفر التكوين وما يذكره القرآن الكريم سيجد بأن كلا الكتابين يتفقان على أن عمر نوح كان 950 عام ، حيث تذكر الآية 14من سورة العنكبوت ( ...فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما ) هذا الرقم مذكور في سفر التكوين في اﻵية 29 من اﻹصحاح 9 ( فكانت كل أيام نوح تسع مئة وخمسين سنة ومات ) ، والسؤال الذي قد يخطر على فكر اﻹنسان هو : هل من المعقول أن يعيش اﻹنسان 950 عام ؟ جميع الملحدين سيقولون بأنها خرافة من خرافة الشعوب القديمة التي كانت تجهل تماما تركيب وفيزيولوجية جسم اﻹنسان ، فخلايا جسم اﻹنسان في هذه البيئة اﻷرضية التي يعيش بها لا تستطيع تحمل التلوث البيئي الذي حولها ،فالشوائب التي ستترسب في داخل جسمه مع مرور السنوات ستجعله - مهما شاءت الظروف - أن يموت بعد 80 عام أو 100 أو على الاكثر 150 عام. وحسب اﻷبحاث العلمية فقد كان متوسط عمر اﻹنسان في العصر الحجري لا يتجاوز 35 عام ، ولكن نجد في سفر التكوين يذكر أن أحفاد آدم قد عاشوا مئات السنين ، شيث إبن آدم مثلا عاش 912 سنة ، لامك والد نوح عاش 777 عام ونجد مع مرور اﻷجيال يقل معدل عمر اﻹنسان حتى يصل إلى شكله الطبيعي في آخر قصة من سفر التكوين وهي قصة يوسف عليه الصلاة والسلام فنجد أنه عاش فقط 110 سنوات أي بمعدل يتلائم مع تكوين الطبيعي لجسم اﻹنسان. وجميع اﻷنبياء من بعده عاشوا مدة زمنية عادية.
لتفسير رموز قصة طوفان نوح لا بد من شرح بعض اﻷشياء التي تتعلق بعمر نوح ، فالقرآن الكريم بذكره أن نوح عاش بين قومه 1000 عام ما عدا 50 سنة ، وبهذه الطريقة يؤكد على صحة اﻷرقام المذكورة في سفر التكوين عن أعمار اﻷنبياء ، ولكن هنا يؤكد على معانيها الرمزية وليس معانيها المادية ، فالملحدين يذكرون بأن سفر التكوين فيه تناقضات في تاريخ اﻷحداث التي جرت في حياة نوح ، في اﻵية 10 من اﻹصحاح 11 تذكر أن سام ولد إبنه أرفاكشاد عندما كان بعمر 100 عام بعد عامين من الطوفان. بينما اﻵية 32 من اﻹصحاح 5 تذكر أن نوح ولد سام عندما كان بعمر 500 عام ، والطوفان حدث عندما كان نوح بعمر 600 عام ، أي عندما كان سام بعمر 100 عام حدث الطوفان. بينما في الحالة اﻷولى كان عمره 98 عام أثناء الطوفان ، إي أن عمر نوح كان 598 وليس 600 عندما حدث الطوفان ،هذا يعني أنه يوجد تناقض ( سنتين ) في عمر نوح ، هنا يأتي القرآن الكريم ويفسر هذا التناقض فيذكر أن نوح عاش 1000 سنة إلا 50 عام ، حيث الـ1000 عام هنا محسوبة بالتقويم القمري أما الـ50 عام فهي محسوبة بالتقويم الشمسي ، حيث 50 عاما شمسية تعادل 52 عاما قمريا ، أي أن نوح عاش 948 سنة قمرية وليس 950 سنة. سفر التكوين في النسخة السبعينية تؤكد على صحة هذه الفكرة حيث أن لامك والد نوح عاش 777 سنة بينما سفر التكوين في النسخة السبعينية تذكر أنه عاش 753 سنة ، هنا أيضا يعتقد الكثير بوجود تناقض بين الكتابين ولكن الحقيقة عكس ذلك حيث :
هذه التعديلات التي نجدها في القرآن والنسخة السبعينية هي حكمة إلهية تشير إلى أن اﻷرقام المستخدمة هنا ليست أرقام مادية بمفهومها الحرفي ولكنها رموز تساهم في تفسير المعنى الحقيقي لسفينة نوح.
تصميم الكتب المقدسة أرقى بكثير من أن يستطيع علم واحد لوحده تفسير قصصه ﻷن قصص اﻷنبياء هي في الحقيقة تفسير التكوين الروحي للإنسان ، فالتكوين المادي لجسم اﻹنسان يمكن رؤيته بالعين المجردة ولكن رؤية تكوينه الروحي يحتاج إلى بصيرة وتنمية البصيرة تحتاج إلى ثقة مطلقة بأن الله هو إله الناس أجمعين وليس إله حفنة قليلة منهم.
..... يتبع في اﻷسبوع القادم إن شاء الله.
وسوم: العدد 678