حتى يتسافدوا تسافد الحمير !

د. أحمد محمد كنعان

قصدت الجامع الكبير في ستانتون من ضواحي لوس أنجلوس، لحضور الدرس الأسبوعي الذي يقدمه "الشيخ يوسف الصديق" وهو شيخ أصله أمريكي أسلم قبل سنوات طويلة، ورحل الى الشام ومصر حيث أتقن العربية، وصار ينطقها مرة باللكنة الشامية ومرة بالمصرية، وأخذ عن الشوام طيبة القلب و( لطش) عن المصريين خفة الدم وحضور النكتة !

عندما وصلت إلى الجامع كان الشيخ قد بدأ درسه حول ( علامات يوم القيامة) وكان قد طلب من أحد تلاميذه إيراد حديث نبوي عن تلك العلامات، فبدأ التلميذ يسرد حديث: "لا تقوم الساعة حتى يتسافد الناس تسافد الحمير في .. " وتوقف التلميذ كأنما نسي بقية الحديث، فأشرت للشيخ لأكمل الحديث، فقال بيده (تفضل) فذكرت الحديث : " لا تقوم الساعة حتى يتسافد الناس تسافد الحمير في العَرْصات ( متعمداً إسكان الراء بدل فتحها كما هي في الأصل ) فرفع الشيخ يده يقاطعني وقال وهو لايكاد يمسك نفسه عن الضحك : "قل العرَصات بفتح الراء، أما تسكينها فهي لغة أولاد الشوارع !" ضحكت، وسعدت لنباهة الشيخ وحرصه على سلامة اللغة، لكني أردت مشاغبته، فقلت : صحيح مولانا كما تفضلت هي العرَصات بفتح الراء .. كانت كذلك أيام النبي صلى الله عليه وسلم، أما اليوم فقد صارت عرْصات ببركات القائمين على النظام العالمي الجديد . فانفجر الشيخ ضاحكاً، وأشار لي ( تعال) فلما دنوت منه مال نحوي وهمس : والله صدقت !

وسوم: العدد 731