الخاطرة ١٦٢ : روحانية الزمن الجزء ٢
خواطر من الكون المجاور
حتى نستطيع الإحساس بالمعنى الروحي لمفهوم الزمن لا بد من توضيح طريقة ظهوره كإحساس إنساني وتطوره عبر التاريخ .
قبل ظهور الإنسان على سطح الأرض لم يكن هناك أي وجود للزمن كوعي ، تماما مثل فكرة وجود الله ، فظهور الإحساس بالزمن كان مؤشراً لبداية الشعور بوجود الله ، فقبل ظهور الإنسان كانت جميع المخلوقات الحية تعيش لتأمين حاجاتها وكانت جميع هذه الحاجات ذات طبيعة مادية ، ولكن مع ظهور الإنسان ظهرت ولأول مرة الإحساس بوجود حاجات روحية يجب تأمينها، والسبب في هذا الظهور المفاجئ لهذه الإحساسات هو كون الإنسان المخلوق الوحيد الذي يحمل في داخله جزء من روح الله .
بداية ظهور الإحساس بالزمن حدث عندما بدأت المرأة تشعر بما يحدث معها عندما تدخل في سن المراهقة ، حيث تحدث بها أعراض معينة يبدأ بظهور دم الحيض يرافقها إحساسات معينة تستمر عدة أيام لتعود وتظهر من جديد بشكل دوري ، حيث مع المراقبة الطويلة لاحظت المرأة أن طول الفترة الواحدة التي تظهر فيها تلك الأعراض والإحساسات تعادل تلك الفترة التي يمر بها القمر عندما يتحول شكله من بداية ظهوره كهلال وتطوره إلى بدر ومن ثم تحوله ثانية إلى هلال ثم إختفائه من جديد. هذه الفترة تعادل الفترة الطمثية وتساوي تقريبا ٢٨ يوميا ، لذلك أخذت هذه الفترة الطمثية التي تمر بها المرأة إسم الدورة الشهرية نسبة إلى علاقتها بفترة تحولات شكل القمر. ومع المراقبة المستمرة ومحاولة فهم حقيقة ما يحدث ، علمت المرأة أن توقف الدورة الطمثية يعني بداية حمل وأن مدة الحمل تستغرق تقريبا عشرة فترات قمرية ،
مع ظهور هذا الإحساس الأنثوي بالدورة الطمثية ومدة الحمل والولادة وعلاقته بالفترة القمرية ، بدأ يظهر المفهوم البدائي للزمن ، حيث الإحساس بالزمن أدى إلى الإحساس بتعاقب الفصول وأن النباتات هي أيضا تمر في دورة نمو منتظمة ، وهذا ما دفع الإنسانية إلى الدخول في مرحلة جديدة في تطورها الإجتماعي وذلك عن طريق إعتمادها على الزراعة في تأمين طعامها، ومع ممارسة الإنسان للزراعة أصبحت أرضه التي يعيش عليها ويزرع فيها جزء من كيانه فتوقف عن التنقل من مكان إلى آخر و أدى هذا إلى تقوية إحساسه بوجوده وعلاقته مع كل ما يحيط به ، وهكذا دخلت الإنسانية بمرحلة تسمى الوعي الحضاري وهذا النوع من الوعي الذي دفع سلوك الإنسان بالتطور بشكل دائم نحو الأرقى .
من خلال ماشرحناه يظهر لنا أن الزمن كإحساس أصله أنثوي ، فبفضل المرأة بدأ الرجل أيضا يشعر بوجود الزمن ، وبما أن المرأة كان مجال نشاطها محدود ويتعلق فقط في إنجاب الأطفال والعناية بهم ، لذلك أصبحت مهمة البحث في ما يتعلق بالزمن وطرق قياسه من نصيب الرجل .
كلمة الزمن بشكل عام هو مصطلح يستخدم في التعبير عن حالة تغيير. فكل شيء في هذا الكون في حالة حركة والحركة تخلق نوع من التغيير. وعندما يكون هذا التغيير بشكل منتظم عندها يأخذ مصطلح زمني ، مثلا دوران اﻷرض حول نفسها يحدث مرة واحدة كل يوم ومع دورانها ينقسم اليوم إلى قسمين نهار وليل ، كل قسم مدته -في منطقة خط اﻹستواء - يعادل 12 ساعة ،هذا التغيير في الضوء والظلام يحدث بإنتظام، وبشكل دائم.
أيضا من دوران الأرض المنتظم حول الشمس ، ظهر المصطلح الزمني ( السنة ) ومدتها 365 يوما ، وتم تقسيمها إلى أربعة فصول حسب تغيرات الطقس ( شتاء، ربيع ، صيف ، خريف ) وكل فصل تم تقسيمه إلى ثلاثة أشهر ليعبر عن بداية الفصل وشدته ونهايته. وكل شهر تم تقسيمه إلى أربعة أسابيع ، واﻷسابيع إلى سبعة أيام. واﻷيام إلى 24 ساعة. جميع هذه المصطلحات هي كلمات مساعدة تسمح للإنسان المقدرة على تحديد مقدار التغيير ، فالنهار يبدأ بشروق الشمس ومعها يبدأ تزايد درجة اﻹضاءة إلى أن تصل في أوجها عند الظهر ثم تقل حتى تصل إلى الغروب ويبدأ المساء ، جميع هذه التغيرات تم قياسها ووضعها في نظام معين لتسهل أسلوب عمل الإنسان يوميا من حيث مدة النوم واليقظة، وكذلك نفس الشيء يحمل مصطلح (السنة ) فهو يبدأ بفصل الشتاء حيث درجة الحرارة منخفضة جدا ومع دخول فصل الربيع تبدأ درجة الحرارة باﻹرتفاع وفي فصل الصيف تصل إلى أوجها ، ثم تبدأ باإنخفاض ثانية مع الدخول في فصل الخريف ، فهذا التقسيم وهذه المصطلحات الزمنية كان هدفها فهم وتقدير درجة التغيير في درجات الحرارة واﻹضاءة لتحديد موعد نشاط اﻹنسان كالحراسة والزراعة والحصاد مثلا .. وعلى نفس المبدأ ظهرت جميع المصطلحات الزمنية لتقدير كمية التغيير بشكل دقيق ضمن نشاطات اﻹنسان اليومية والسنوية .لذلك نجد حدوث تطور أجهزة قياس الزمن مع تطور حاجات اﻹنسان. ففي اﻷزمنة القديمة كان اﻹنسان يعتمد على الساعة الرملية والمائية والشمسية وكانت نسبة الدقة فيها ضئيلة جدا، لعدم وجود أي حاجة ضرورية في الدقة ، وفي القرن الثامن عشر نجد ظهور ساعة تحوي عقارب الدقائق ، وفي القرن التاسع عشر نجد ظهور الساعة التي تحوي عقارب الثواني، واليوم ظهرت الساعة الذرية ولديها المقدرة على قياس زمن قدره جزء من المليار من الثانية.
كما أوضحنا في الأسطر السابقة أن الإحساس بالزمن مصدره أنثوي ولكن الرجل هو من حاول دراسته ليجد طرق مختلفة لقياسه ، ومنذ ظهور الإحساس بالزمن وحتى بداية قرن العشرين كان مفهوم الزمن يحمل في داخله ذلك الإحساس الأنثوي الذي شعرت به المرأة لأول مرة في تاريخ الإنسانية ، وكان من المفروض أن يتطور مفهوم الزمن ليأخذ شكلا أرقى مع تحرر المرأة ودخولها في البحث العلمي لتعبر عن وجهة نظرها في تفسير الظواهر الطبيعية ، وهذا ما حدث فعلا فظهرت النظرية النسبية في عام ١٩٠٥، ولكن سيطرة الرجل على الوسط العلمي جعل هذه النظرية تخرج وتتطور مفاهيمها بمنطق ذكوري وليس أنثوي . فللأسف الجميع يعتقد أن هذه النظرية النسبية مصدرها ذكوري وأن صاحبها هو ألبرت أينشتاين ولكن هذا خطأ فهي من نتاج فكر دماغين ، دماغ رجل ودماغ انثى ، أينشتاين وزوجته ميلفا ماريك، ومعلومات هذه النظرية الخارجة عن المألوف كان سببها أنها أتت من عقل إمرأة والذي حصل لأول مرة في تاريخ البشرية ، فأنشتاين في تلك الفترة كان يعمل ساعات عديدة كفاحص في مكتب تسجيل براءة الإختراعات . أما زوجته ميلفا التي قوانين المجتمع لم تسمح لها بالحصول على شهادة دكتوراه في علوم الفيزياء لأنها إمرأة ، فكانت هي التي تقوم بأعمال البيت الروتينية وتترك فكرها يبحث عن طبيعة الزمن وخصائصه ، وكون المجتمع في ذلك الوقت كان يعتبر أن المرأة أقل من الرجل ، لذلك تركت كل الأبحاث العلمية التي قامت بها بالمشاركة مع زوجها ،أن تنشر باسم زوجها فقط لتساعده في تكوين اسم لامع في الأوساط العلمية، ليحظى رضى أسرتها التي رفضت زواجها من أينشتاين بسبب إختلاف مكانته الإجتماعية والدينية ، وأيضاً كونها إمرأة تنظر إلى العلاقة الزوحية بين الرجل والمرأة بأنها علاقة تكامل وأنهما في الأصل كائن واحد ، لذلك لم تعطي أي أهمية لنفسها في الشهرة والمجد وكان يكفيها صعود مكانة زوجها الممثل الأول للعائلة أمام الآخرين . ولكن للأسف زوجها أينشتاين كان يفكر بدماغ رجل مادي فنسب كل شيء لنفسه وعندما وجد نفسه مشهورا هجرها ليبحث عن إمرأة أجمل منها ، دون أن يذكر شيئا عن دورها في أبحاثه العلمية التي أحدثت ضجة عالمية في الأوساط العلمية ، ولم يعلم أحد أن القسم العلمي النافع في أبحاثه كان مصدره الحقيقي فكر زوجته ميلفا أما القسم السلبي أو الخرافي في هذه النظرية فكان من فكر أينشتاين نفسه.
القسم النافع علميا في نظرية النسبية والذي مصدره كان من دماغ ميلفا ( المرأة) هو فكرة تباطؤ الزمن . والمقصود منها بالضبط هو تباطؤ آثار الزمن وليس الزمن نفسه . ولكن فكر أينشتاين هو الذي شوه هذه الفكرة وحولها إلى تباطؤ الزمن نفسه والتي غيرت مفهوم الزمن وجردته من روحانيته ،فأنشتاين في هذه النظرية أضاف الزمن كبعد رابع إلى أبعاد المكان الثلاثة ( الطول ،العرض، اﻹرتفاع ) وجعلهم وحدة متكاملة لا يمكن الفصل بينهما ، وخرج بمصطلح جديد لهذا التكامل والمعروف بــ ( الزمكان ) أي الزمان والمكان. وهذا هو القسم السلبي في النظرية النسبية حيث أن أينشتاين حاول إعتماداً على فكرة تباطؤ آثار الزمن، إثبات إمكانية السفر عبر الزمن إستنادا إلى حقيقة علمية وهي أن سرعة الزمن في الكون غير ثابتة ولكنها شيء نسبي وتختلف من مكان إلى آخر ، وفي ظروف معينة يمكن لزمن أن يتمدد ويتباطئ. ويستخدم أينشتاين في نظريته السرعة التي يتحرك فيها جسم معين ،فكلما زادت سرعة تحرك الجسم كلما تباطئ الزمن ، ويذكر مثاله المشهور مفارقة التوأم. فيقول إذا فرضنا أن أحد توأمين سافر في مركبة فضائية لمدة عشر سنوات بسرعة كبيرة جدا قريبة من سرعة الضوء ،فإن الزمن بالنسبة له سيتباطئ وأن زمن اليوم الواحد عنده سيكون بمثابة عدة أسابيع عند أخيه الموجود على سطح اﻷرض ،لذلك فعندما يعود من رحلته بعد عشر سنوات سيكون هو قد كبر عشر سنوات فقط بينما أخاه الذي كان بنفس عمره قد أصبح عجوزا أكبر منه بعشرات السنين ، والسبب هو أنه في المركبة الفضائية المسافرة بسرعة قريبة من سرعة الضوء كان سريان الزمن فيها بطيئ جدا مقارنة مع سريان الزمن على سطح الكرة اﻷرضية ، أي أن المركبة الفضائية سافرت عبر الزمن إلى المستقبل.
في تلك الفترة التي ظهرت فيها النظرية النسبية كثير من العلماء والمفكرين رفضوا فكرة تباطؤ الزمن ولكن بعد سنوات عديدة وبالتحديد عام (1971 ) تم إثباتها تجريبيا فقد ظهر أن الساعة الموجودة في المركبات الفضائية سريانها أبطأ من سريان نفس الساعة الموجودة على سطح الكرة اﻷرضية وعندما حسبوا الفرق في تباطؤ الساعة وجدوه بأنه يعادل تماما ما ذكره أنشتاين في قانونه في حساب نسبة تباطؤ الزمن.
وعلى مبدأ صحة فكرة تباطؤ الزمن كما طرحها أينشتاين في النظرية النسبية ،راح علماء الفيزياء يبحثون عن الظروف التي تؤثر على سرعة الزمن ، وبناء على هذه الظروف المختلفة راح كل واحد منهم يكتشف طريقة جديدة يمكن من خلالها إثبات إمكانية السفر عبر الزمن. فبعضهم حاول إستخدام الجاذبية فقد وجدوا أنه كلما زادت الجاذبية كلما تباطأ الزمن ، وطالما أن الثقوب السوداء ذات جاذبية هائلة جدا لذلك فمن خلالها يمكن السفر عبر الزمن ، وهناك أيضا الثقوب الدودية فهي حسب رأيهم ممر يؤدي إلى زمن آخر ، بعضهم إقترح طريقة أخرى يمكن بها السفر عبر الزمن وذلك عن طريق اﻷوتار الكونية وهي خيوط تشكلت من اﻹنفجار الكبير حيث تكون الجاذبية فيها هائلة جدا. عالم آخر رأيه أنه كلما زادت الكثافة كلما تباطأ الزمن ، فحسب رأيه إذا إستطعنا أن نضغط حجم كبير مثل حجم كوكب المشتري مثلا ( كوكب المشتري أكبر من الكرة اﻷرضية بــ 1,316 مرة) إلى حجم غرفة أبعادها 5 أمتار فهذه الغرفة تتحول إلى آلة سفر عبر الزمن ، فإذا دخلناها وخرجنا منها بعد مدة زمنية سنجد أنفسنا في زمن آخر.
جميع تلك الفرضيات التي تتكلم عن إمكانية السفر عبر الزمن والتي بدأها أينشتاين رغم أنها تستند على قوانين فيزيائية إلا أنها في الحقيقة أفكار خرافية بعيدة نهائيا عن المنطق العقلي ، وهي التي جردت الكون والزمن من روحانيته. ولتوضيح درجة سذاجتها سنذكر هذا المثال البسيط : إذا دخلنا إلى فرن درجة حرارته عشرة آلاف درجة مئوية وجلسنا فيه لمدة خمس دقائق فإننا سنحصل على قوة خارقة ،هل هذه الفرضية صحيحة ؟ ربما لأن الجسم سيكتسب طاقة هائلة ،ولكن المشكلة هنا أن جسدنا له تركيبة خاصة لا يمكن له أن يتحمل أكثر من 60 - 70 درجة مئوية لدقائق قليلة فكيف سيتحمل حرارة 10000 درجة مئوية فهو خلال لحظات قليلة سيحترق ويتحول إلى رماد، وهذا يعني أنه لن يبقى جسدا ليكتسب القوة الخارقة التي ذكرناها. هذه هي تماما مشكلة جميع الطرق التي تم ذكرها في عملية السفر عبر الزمن والتي - كما ذكرنا - بدأها أينشتاين. فهي لا تأخذ باﻹعتبار طبيعة تركيب جسم اﻹنسان ، فالأسهل للإنسان أن يجلس في فرن حرارته 1000 درجة مئوية من أن يسافر بسرعة قريبة لسرعة الضوء ،فالظروف في هذه السرعة أقسى بكثير من حرارة الفرن ، و بالنسبة للثقوب السوداء فالظروف فيها أقسى مما يتصوره عقل اﻹنسان فكل شيء يصل إليها يتحطم وينهار وينقرض من الوجود نهائيا. أما الثقوب الدودية فلا يوجد أي دليل علمي يؤكد على وجودها ووإذا فرضنا أنها موجودة فهي تحتاج إلى طاقة من نوعية مختلفة عن الطاقة المعروفة لنا وهي الطاقة السلبية التي تعدم الجاذبية لنستطيع بها توسيع ممر الثقب الدودي للمرور منه، وهذا النوع من الطاقة لا يوجد أي دليل يؤكد على وجوده. أما الأوتار الكونية فوجودها أيضا مشكوك فيه ولا يوجد أي دليل يؤكد على صحة وجودها ، ولكن حتى وإن وجدت فإن جميع هذه الفرضيات لا يمكن تطبيقها عمليا ،ﻷن طبيعة وتركيب جسم اﻹنسان لا يمكن له بأي شكل من اﻷشكال أن يتواجد في مثل هذه الظروف الهائلة في القساوة ﻷنه سينهار نهائيا وبدلا من أن يسافر عبر الزمن سيفنى من الوجود خلال زمن يعادل جزء بسيط جدا من الثانية.
فاﻹنسان ولد في بيئة معينة مناسبة تماما لطبيعة وتركيب جسده وأي تغير طفيف في هذه البيئة سيؤثر عليه ، فجسم اﻹنسان له ضغط داخلي محدد يعادل تماما الضغط الجوي الخارجي المحيط به وأي تغيير في الضغط الخارجي الذي إعتاد عليه سيؤدي إلى تقلص أو تمدد التجاويف داخل الجسم وسيؤثر على صحة الجسم وعلى سلوك العمليات الفيسيولوجية التي تحدث فيه مد الخلايا بالطاقة. فكثير من الناس يصاب بحالة إغماء عند تواجدهم في مرتفعات عالية على سطح اﻷرض وذلك بسبب إنخفاض خفيف في الضغط الجوي ، فكيف عندما يحصل هذا التغيير في ضغط يعادل آلاف أضعاف الضغط الجوي الذي يعيش به اﻹنسان. فالحياة ظهرت وتطورت ضمن شروط بيئية معينة ليصلح العيش فيها وأي تغيير في هذه الظروف البيئية سيؤثر على طبيعة نمو وسلوك الكائن الحي ، وإذا كان التغيير أكثر من حد معين فسيؤدي إلى الموت مباشرة.
المشكلة الحقيقية في موضوع إمكانية السفر عبر الزمن لا تكمن في هذه اﻷمور المادية السطحية ولكن المشكلة تكمن في مفهوم الزمن نفسه فجميع العلماء يتكلمون عن الزمن بمعناه الشكلي أو المادي ولكن حتى نفهم ما يحدث حولنا يجب أن نخوض في مضمون الزمن ، عندها سنجد أنفسنا في واقع مختلف نهائيا عن الواقع الذي يبحث به علماء الفيزياء ،وعندها أيضا سنعلم أن فكرة البحث في إختراع آلة تحقق حلم إمكانية السفر عبر الزمن هي نوع من اﻹشراك بالله .
النظرية النسبية فعلا تحدثت عن ظاهرة كونية مهمة وهي تباطؤ آثار الزمن ، وليس الزمن نفسه ، فكما شرحنا في البداية أن مفهوم الزمن ظهر من خلال شعور المرأة بالدورة الطمثية والتي تم ربطها مع الدورة القمرية ، فالقمر هنا أداة قياس وليس الزمن نفسه ، لأن الزمن هنا يعبر عما يحدث في تطور البويضة في الرحم منذ إنفصالها عن المبيض وحتى الطمث. وحتى نفهم الفكرة بشكل أسهل سنذكر هذا المثال :
عندما نستخدم المثقب الكربائي نجد أنه في حال زيادة الضغط تبدأ سرعة دوران المثقب بالإنخفاض وإذا زاد الضغط أكثر سنجد خروج دخان من محرك المثقب وإذا أستمرينا في زيادة الضغط سيتوقف المثقب عن العمل ويتعطل. النظرية النسبية في هذا المثال تنظر إلى سرعة دوران المثقب على أنه هو الزمن ولكن هذا خطأ لأن سرعة الدوران هو أداة قياس الزمن وليس الزمن نفسه ، الزمن في هذا المثال هو في الحقيقة الطاقة الكهربائية التي تجعل المثقب يدور حول نفسه ليقوم بفعل معين وهو تكوين ثقب . في مثالنا هنا يمكن لنا أن نتدخل و نجعل المثقب يتوقف عن الدوران وبالتالي توقف الطاقة الكهربائية الداخلة في محرك المثقب بسبب تعطله ، ولكن في الكون لا شيء يمنع الزمن من التوقف لأن التيار الكهربائي الإلهي ( مولد الطاقة الكونية) يسري في كل شيء ليجعل الكون بأكمله يتطور نحو جهة واحدة كما خطط له الله عز وجّل ، لذلك نجد أنه بسبب سريان الزمن في الكون ينتج تضخم في حجم الكون فهذا التضخم سببه ليس الأنفجار العظيم فقط ولكن سريان الزمن حيث أن الإنفجار العظيم نفسه سببه أيضا هو سريان الزمن والذي مع سريانه تزداد كمية الطاقة في الكون ، فالزمن كان موجودا قبل الإنفجار العظيم لأنه هو المصدر الحقيقي للطاقة والتي بدونها ينهار كل شيء، تماما كما عبر عنه الحديث الشريف ( لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر).
مصطلح الزمن بشكل عام هو ذلك الجزء من روح الله الموجود في داخل الكون والذي يحمل في داخله شيفرة جميع خطوات التطور التي يجب أن تحصل على مكونات الكون ليتم خلق اﻹنسان من جديد ( وعليه النشأة اﻷخرى ) بعد طرده من الجنة ،فالكون بأكمله ليس إلا عبارة عن السجن الذي يجب أن تقضي به اﻹنسانية أيامها لتطهير نفسها من شوائب تلك الخطيئة التي كانت سببا في طردها من الجنة ، لتصبح ثاتية صالحة للعودة إلى الجنة وطنها اﻷم التي تقع خارج هذا الكون.
في المقالة القادمة إن شاء الله سنتكلم عن خطأ مصطلح (الزمكان) الذي ظهر في النظرية النسبية حيث الزمن فيها أخذ شكلا مادياً وتم وصفه بالبعد الرابع للمكان . لنثبت أن أبعاد المكان الثلاثة ( الطول، العرض، الإرتفاع ) هي في الحقيقة من نتائج سريان الزمن .
وسوم: العدد 756