أنا لن أصلي على أحد منهم مات أبدا
أنا لن أصلي على أحد منهم مات أبدا
عمر حيمري
الصلاة على المسلم فرض كفاية ولو بعد الدفن - إلا على الشهيد أو الصبي - إذا قام بها البعض سقطت عن الباقين . وهي تعاطف وتقدير اجتماعي واعتراف من الأهل والأحباب بأهمية الفقيد وآثاره الإيجابية ، وهي فوق هذا عربون على المودة والتضامن وتبادل المحبة بين أفراد المجتمع ، كما هي توديع نهائي واحتفاء وتكريم يليق بالمسلم وحق له، كما هو واجب عليه . أما الكافر والمنافق ومن هم في حكمهما فيحرمون من هذا الحق ولا يجوز لهم شرعا ، ولا يليق بالمجتمع المسلم أن يتعاطف معهم ، بالصلاة عليهم ، لأن الصلاة عليهم سكن لهم وتكريم واعتراف ، بل شهادة بأهمية آثارهم الإيجابية وصلاحهم لمجتمعهم ووطنهم ، وتشجيع لمن لم يلحقوا بهم بعد ، من إخوانهم ، على الاستمرار في النفاق والكفر والتطاول على ملة الإسلام وعقيدة المسلمين . فهم لا يستحقون حتى الوقوف على قبورهم وحث التراب عليها ، لأنهم حاربوا الله ورسوله وحاربوا دعوة الحق ووقفوا في وجه انتشارها وظهورها ، واحتقروا ديننا وازدروه ودعوا إلى الفاحشة جهارا نهارا وشجعوا عليها ورضوها حتى في أهليهم وذويهم ، ورمونا بالتطرف والإرهاب لاستعداء الغرب علينا وتأليبه ، أحلوا الزواج المثلي ودعوا إلى الحرية الجسدية لواطا وسحاقا وطعنوا في ديننا وبيعتنا لإمارة المؤمنين رمز وحدتنا وعامل استقرارنا ... فاستحقوا منا كل الاحتقار وعدم الاكتراث .هم كسقط المتاع ، لا قيمة لهم عندنا ولا صلاة ولا تكريم لهم منا ، امتثالا لقوله جل وتعالى [ ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون ] ( التوبة 84) . فبعدا لقوم لا يؤمنون .
قد يكون من الجائز، أن نصلي على العاصي والفاسق ، الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، زانيا كان أو مدمن خمر أو آكلا للربا ، وندعو له ، ثم نترك أمره لله الذي خلقه ، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له . لأنه ليس من أخلاق المسلم القسوة والانتقام ، بل الرحمة والشفقة والعفو، ولا سيما عند مصيبة الموت ، إذ لا يليق بالمسلم ، إلا أن يلين قلبه ويرق ، فيخلص الدعاء ويتذرع إلى الله بكل صدق ليغفر للميت العاصي والفاسق ، عملا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء ) " رواه أبو داود وابن ماجة بإسناد حسن " ، وهذا ليس معناه أننا نقره على المعاصي أو أننا نريدها تشيع في المجتمع المسلم معاد الله . إننا نكرهها ونكره من يأتيها ومن يقرها ومن يساعد عليها ، ولكنها الرحمة بمن يؤمن بالله ربنا وبمحمد رسولنا صلى الله عليه وسلم ، وهذه الشهادة الإيمانية ، هي التي تجمع بيننا وبين العصاة ، في الأخوة الإسلامية ، وتفرض علينا رحمة المذنبين وكل من هم على المعاصي، وتحتم علينا التذرع إلى الله عز وجل للعفو عنهم وتحذير أقرانهم ومن على جرائمهم من الاستمرار في معصية الله . ( إن الله لا يغفر لمن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )
أما أن نصلى على الكافر والمنافق فهذا أمر آخر ، لا ينسجم مع العقل ولا المنطق . لأن الصلاة على الجنازة هي في جوهرها دعاء للميت ، والمفروض في هذا الميت أولا أن يكون مؤمنا ، معترفا بكل أركان اٌلإسلام والإيمان ، وثانيا أن يكون قابلا لمضمون الدعاء ومحتواه واثقا ومؤمنا بجدواه . وإلا فلم الدعاء له ؟ وما فائدة من الدعاء ؟ لمن لا يؤمن أصلا لا ببعث ولا نشور ولا بعذاب قبر وسؤال منكر ونكير ، ولا بجنة ولا نار، ولا حتى بالله الذي يستجيب الدعاء ؟
أليس من الحمق والعبث ، بل من النفاق وقلة الحياء من الله سبحانه وتعالى ، أن أستقبل القبلة وأقف أمام ربي ، عند رأس جنازة الكافر أو المنافق وأدعو له بعد التكبيرة الثالثة ، بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ... اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه ، وأكرم نزله ووسع مدخله ، واغسله بالماء والثلج والبرد ، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، اللهم بدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله ، اللهم أدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار، وافسح له في قبره ونور له فيه ، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده ) ؟
ألم ينهانا الله عن الدعاء والاستغفار للمنافقين في قوله تعالى : [ استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين ] ( سورة المنافقين آية 80 ) ؟ ألم ينهى الله نبيه والمؤمنين أجمعين عن الاستغفار للمشركين في قوله سبحانه وتعالى : [ ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ] ( سورة التوبة آية 113 )
لكل هؤلاء أقول ، ابحثوا لكم عن حفر للدفن ، بعيدا عن مقابرنا واختاروا لأنفسكم أغاني وترانيم ترتل على جثثكم ، وطبولا تقرع عند مدفنكم ، فسورة ياسين ليست لأمثالكم ، وإني لن أصلي على أحد منكم مات أبدا .