كبينة عادل عبد المهدي
ما انفك العراق كما أي بلد عربي آخر يسير بكفاءة منظومة تنمية التخلف ليكون بفاعلية تلك المنظومة وبالا ودمارا وقهرا على الشعوب التي كان في حلمها يوما أن تكون شعبا واحدا، فإذا بها اليوم تنتقل بالحلم لتحافظ على ما اعتبرته عارا حل بها باتفاقيتي سايكس بيكو و لوزان، وتعلو الأصوات بإيقاف عملية تقسيم المقسم، وإن كان هنالك غشاوة اكتفت بوضع الشعب تحت نير استعباد المستبدين فمحاولات تقسيم اليوم تغشي عيون المثقفين بالدماء وغبار التدمير والخراب للمدن وقصف الذاكرة التاريخية.
لم أكتب هذا لأني من مريدي السيدين سايكس و بيكو وإنما لأقول أننا في غبار الخراب ومجرى الدم و وزارات مرت بالعراق صرفت أموالا لم ترى لها أثرا أو اهتمام بالشعب.
ومن الهدف المعلن في إزالة الدكتاتور و الطاغية التي لم تفعل أكثر من ضرب كرة زئبق واحدة لتستحيل آلاف من الكرات الزئبقية الجائعة التي التهمت كل شيء وكبرت، لتجد نفسك في بلد افتضح فيه الفساد ولكن لم يفتضح المفسدون، الكل يتحدث عن القضاء على الفساد والكل تبدو عليه آثار النعمة، حتى شك الشعب أنه هو الفاسد؛ وهجمت ذكور النحل لتحمل العسل إلى خلاياها في الدور الأخرى وبقى من رعى الخلية بلا عسل بل يتحمل لدغ الذكور المهاجمة والعاملات المدافعة .
اليوم وبعد أن استقبلت وسائل الإعلام بدل غودو اثنان، وأضحى العراق واعدا وفي أمن و أمان، لذا أجد من الضرورة القول بأن الأستاذ عادل عبد المهدي لابد أن يختار كابينة تعينه على قرار من قياديين ومختصين وليس من الوجوه الفاشلة التي مرت على الوزارات وأثبتت فشلها سواء من الساسة أو التكنوقراط.
وأن عليه أن يعيد النظر فيمن اتهم ظلما وبات في السجون أو خارج البلاد معلوم ومفقود، فما بالنا والناس في غربة خارج الأرض وغربة داخل الوطن.
إن المشاكل المتراكمة من زمن الحصار وزمن النهب والدمار آن لها أن تجد طريقا للحل، وهذا يحتاج رجال نظاف اليد وتقع مسؤولية اختيارهم استغفارا وتوبة لعلها تخفف عنهم الحساب القادم لا محالة إذا استمر دوار الدم وعفن الفساد، فالأمر جدو خطير فأحسن يا سيادة الرئيس اختيار الوزير الذي يحاول ويبدع ويستشير ويتنور وينير وتعاون مع الرئيس الذي كلفك لإحياء دولة المؤسسات، فالعراق يستحق ان يكون دولة فقد انتهكته اللادولة.
لسنا سيادة الرئيس إلا أما بلد 45% من أبناءه بعمر الخامسة عشر، وأننا ببلد أهله في المعاناة، وبضياع الحلم والأمل، ما بين معذب بالحياة وبين مهجر أو نازح أو سجين، و أن السنة والسنتين تعني تحول هذه النسبة من الشباب إلى قوة تطلب عمل وتحتاج أن تعيش باستقلال وتبني أسرها وتكمل دراستها وتريد أن تحس أو العراقيين جميعا إلى الشعور بالحياة.
أنت ستدير بلاد النهرين وهي عطشى ومياهها غير صالحة للشرب والاستخدام، ولا اسالة أو مجاري، و أموال صرفت على الكهرباء وهي مظلمة، وخراب في كل مكان، لقد تدمرت مدننا بحيث لم نعد نعرف أين تقع مساكن ولدنا فيها وعشنا في محيط جدرانها... ولا شيء يخطر على البال وليس فيه نقص بل غياب...
إنك أمام شعب طيب لا يطلب إلا الكفاف، وهل طلب إلا ماء يشربه وعمل يعيش منه بشرف، هل طلب إلا السكن، ويد تمتد له في هذه المحن، وراحلة تنقله بمناسب الثمن، هل سمعتم أن عراقي يريد مخصصات ليسافر، أو حدائق غناء أو مطاعم تحت الماء، أو عاملات للمساج أو ساونا أو جيم أو رفاهية الاحتفالات والكرنفالات. لقد أصبحت ثقلا عليهم تلك الحياة.
هذا ما تواجه وأنت تتحدث عن الاقتصاد الريعي واقتصاد السوق وكأنك لم تحدد أن الخطأ في الأموال التي تدفع بغير حق وضمن القوانين واللوائح والمبوبات والعمولات والأمانات التي لم تعد أمانات، وأن أناس تأتي من العدم لتكون بعد أربع سنين مليونيرات، ومعها تقاعد تكريما لها على ما بذلت من جهد في جمع الأموال والترفيه والسفرات.... لقد استحالت نكرات إلى قيادات وعبثت بالشعب والحرث والنسل والعام والممتلكات، وأضحى الإنسان بلا قيمة، نريد أن نعين شعبنا ونعينك أن اخلصت النية والعمل، فلم يبق بالعمر ولقاء الله بعدا إلا الأمل برحمته، فلا تأخذنك الدنيا التي سنغادرها، وإن لم يك هذا الكلام لخياراتك مجدي، فمروركم كغيركم يا سيد عبد المهدي.
وسوم: العدد 793