الجمعية المغربية للعلوم الجنسية تعتزم تقديم مشروع إلغاء شهادة العذرية إلى وزارة الصحة
الجمعية المغربية للعلوم الجنسية تعتزم تقديم مشروع إلغاء شهادة العذرية إلى وزارة الصحة كما يربد مجلس حقوق الإنسان ومنظمة الصحة العالمية التابعان للأمم المتحدة
من تداعيات حراكات وثورات الربيع العربي أمور شتى طرأت على المجتمعات العربية من ضمنها أو لنقل على رأسها تنامي التيارات الفكرية الوافدة من الغرب والتي تروم إحداث تغييرات في تلك المجتمعات بذريعة وقايتها من الأصولية الإسلامية والتطرف والإرهاب ، وهي ذريعة أملتها على الغرب خشيته من حلول ما يسميه بالإسلام السياسي محل الأنظمة الفاسدة التي كانت سببا وراء اندلاع حراكات وثورات الربيع العربي . ومما أثار مخاوف الغرب مما يسميه الإسلام السياسي رهان بعض الشعوب العربية الرافضة لفساد أنظمتها على أحزاب سياسية تتبنى المرجعية الإسلامية ، وهي أحزاب دبّر بليل فشلها لزعزعة ثقة الشعوب في كل ما له علاقة بالإسلام .
ففي هذه الأجواء تنامت تيارات فكرية تنادي بما يسمى بالمجتمع المدني الحداثي ، فظهرت مطالب غريبة عن هويتنا الإسلامية من قبيل حرية الجسد ، والمثلية والرضائية وهلم جرا .
ومؤخرا دخلت على الخط هيئات ومنظمات تابعة للأمم المتحدة للمطالبة بإلغاء العمل بالشواهد الطبية المتعلقة بعذرية المقبلات على الزواج من الأبكار بذريعة مساسها بحقوق المرأة وحريتها في جسدها ، وتعريضها للإهانة ، وبذريعة ما تسببه لها من عقد نفسية لها آثارها سلبية على حياتها وعواقب وخيمة على حد تعبير تلك الهيئات والمنظمات.
وإذا كنا لا نستغرب صدور هذا القرار من تلك الهيئات والمنظمات التي تضم ضمن أعضائها من ينتمون إلى بلدان علمانية لها ثقافتها الخاصة بها ويريدون تقديم نموذجهم الثقافي بديلا عن غيره من النماذج وعولمته عن طريق الضغط بواسطة قوانين صاردة عن هيئة الأمم المتحدة وما يدور في فلكها من منظمات وهيئات ، فإننا لا نفهم حذو منظمات عربية كمنظمة ما يسمى بالجمعية المغربية للعلوم الجنسية حذو تلك المنظمات والهيئات التي لا تراعي الخصوصيات الثقافية لبلادنا ، ذلك أن هذه الجمعية لا يخلو أعضاؤها من أن يكون شأنهم هو العمل لصالح أو لفائدة جهات استأجرتهم لتسويق نماذج ثقافية أجنبية تراد من ورائه تخريب نموذجنا الثقافي،و ركوب موجة نشر النماذج الثقافية الغربية لخلق ما يسمونه واقعا جديدا يقطع صلته بواقعنا ، ويخدم أجندات أجنبية لها مصالح في تغيير هذا الواقع وفق ما تسطره من أهداف ، وهي مصالح فيها ما هوسياسي وما هو وإيديولوجي، والنتيجة هي الإجهاز على الهوية الإسلامية والعربية لمجتمعنا المغربي المتشبث بدينه وأصالته وثقافته التي بدونها لا تبقى له قيمة بين المجتمعات .
إن المطالبة بإلغاء شواهد العذرية هو منفذ من المنافذ التي تسوق لما يسمى بالفكر العلماني الحداثي على غرار تسويق فكرة إلغاء الإجهاض ، وفكرة حرية الجسد التي تترتب عنها العلاقات الجنسية الشاذة من مثلية ورضائية ، وفكرة الأمومة العازبة وغيرها من الأفكار الطارئة والدخيلة . ومعلوم أن إلغاء شواهد العذرية قد يكون اعترافا صريحا بحق الإناث في ممارسة الجنس قبل الزواج كما هو شائع في المجتمعات العلمانية ، ومن ثم الاعتراف بحقهن في ممارسته بكل أشكاله الأخرى سواء قبل أو بعد الزواج من مثلية ورضائية .
ومعلوم أن المغرب يتحفظ دائما على العديد من القرارات الصادرة عن الهيئات والمنظمات الحقوقية التابعة للأمم المتحدة لتعارضها مع خصوصياته الثقافية ، وعليه لن تنجح لا تلك الهيئات والمنظمات الدولية ، ولا الجمعية المغربية التي تحذو حذوها من اختراق المنظومة الثقافية المغربية التي تنهل من دين الإسلام . ومعلوم أن الإسلام له تعامل خاص مع العذرية ،فهو لا ينص أصلا على تقديم شواهد طبية تؤكدها أو تنفيها ، فضلا عن كونه يحيطها بسرية باعتبارها من الأحوال الشخصية التي تصان ولا يذاع سرها . ويختلف تعامل الإسلام مع العذرية عن تعامل العادات والتقاليد معها ، وقد حدد الفقه الإسلامي تعامل الإسلام معها كما حدد كل ما يوجد في الحياة من أمور يضبطها ما في الوحي من توجيهات أو يقاس عليه .
فإذا كانت بعض العادات والتقاليد تعرّض بمن تفقد عذريتها أيا كان سبب فقدانها ، و تنبذها وتهينها وقد تعنفها بسبب ذلك ، فإن الإسلام يأمر بأحد أمرين في حال فقدان العذرية قبل الزواج بغض الطرف عن أسبابه، وهما ستر له أجر عند الله عز وجل أو فراق دون إهانة أو عنف أو ما شابه ، وعليه ليس الإسلام معنيا أصلا بوجود شواهد البكارة أو عدمه ، وشتان ما بين موقف الإسلام وموقف العادات والتقاليد .
وإذا كان الظاهر من المطالبة بإلغاء شواهد العذرية هو صيانة المرأة حسب ما تدعيه الجهات المطالبة بذلك ، فإن الأمر قد يكون فيه تشجيع على تفشي الفساد في المجتمع بين الأبكار على غرار التشجيع على الإجهاض ، وعلى الحمل دون زواج ، وعلى المثلية والرضائية .
ومعلوم أن الشك في عفة الزوجات الأبكار الفاقدات للعذرية قبل الزواج يلازم جميع الأزواج في جميع المجتمعات ، ولا ينكر ذلك إلا جاحد أو مكابر . ومعلوم أن العذرية أيضا تلعب دورا مهما في نشوء ثقة بين الأزواج والزوجات بخصوص عفتهن ، وهذا أيضا لا ينكره إلا جاحد أو مكابر. ولا يوجد زوج كامل الرجولة يرضى أن تكون عذرية زوجته موضوع عبث يعبث بها غيره .
ومعلوم أيضا أن الأسر في المجتمعات العربية الإسلامية تعتز برمزية العذرية التي تدل على عفة وطهر بناتها .
وقد تكون في شواهد العذرية عكس ما تراه المنظمات والهيئات والجمعية الرافضة لها حماية للأبكار خصوصا في الأوساط التي تسيطر فيها العادات والتقاليد التي تدين فقدان العذرية دون زواج بحيث تكون تلك الشواهد الصادرة عن أطباء محلفين وأصحاب ضمائر من الذين لا يتاجرون بالعذرية الاصطناعية ولا بترميم العذرية الطبيعية للتسر على فقدانها في اتصال جنسي خارج إطار الزواج حجة للأبكار لا حجة عليهن في حال حدوث خلاف مع أزواجهن بخصوص عفتهن .
ومن المنتظر في ظل تنامي وتيرة الدفع في اتجاه المطالبة بما يسمى مجتمعا مدنيا حداثيا والذي يقصد به تحديدا تعطيل دور الإسلام فيه أن تعقب مطالب أخرى مطلب إلغاء شواهد العذرية بذرائع أخرى تزعم الدفاع عن حق تصرف المرأة في جسدها قبل الزواج وبعده كما هو شأنها في المجتمعات الغربية العلمانية التي لا ترى في هذه الحرية ما يقدح فيها بل تراها مكسبا تناضل من أجل تعميمه في كل المجتمعات خصوصا تلك التي تدين بدين الإسلام الذي تعنيه كرامة الإنسان التي لا يسمح بابتذالها تحت أية ذريعة بما فيها ذريعة حرية التصرف في الجسد واستباحته بالممارسات الجنسية غير المشروعة والشاذة .
وفي الأخير يتعين على جمعيات المجتمع المدني الملتزمة بدستور البلاد والملزمة به ، و الذي ينص على أن الإسلام هو دين الدولة الر سمي ، والمعنية بحماية المرأة باعتبارها العمود الفقري للأسرة التي تعد نواة المجتمع الصلبة التصدي بكل حزم لكل وافد يستهدفه ، ويستهدف قيمه وهويته .
وعلى الجهات الرسمية المسؤولة عن حراسة وحماية الهوية والقيم الوطنية والدينية أن تقوم بما يفرضه عليها الواجب تجاه تلك الحراسة و تلك الحماية مع التزام مبدأ التحفظ على كل ما يصدر عن الهيئات والمنظمات الدولية دفاعا عن خصوصية الوطن الثقافية التي تميزه داخل الأسرة الدولية دون اعتبارها خصوصية تحط من قيمة الإنسان وحريته وحقوقه كما تفهمها خطأ تلك الهيئات والمنظمات التي تروم طمس الخصوصيات الثقافية لمجتمعات معينة مقابل الدعاية لخصوصيات ثقافية لمجتمعات أخرى تستقوي بالقوة العسكرية أو الاقتصادية وتحاول فرض خصوصياتها الثقافية على غيرها أو عولمتها.
وسوم: العدد 795