ما وراء افتتاح الإمارات سفارتها بدمشق
في أثناء مؤتمر الحكومة الألمانية الصحافي المعتاد الذي انعقد يوم أمس الجمعة 28 كانون أول/ سبتمبر، وهو آخر مؤتمر للحكومة لعام 2018، أشارت نائبة ناطقة الحكومة الألمانية أولريكيه ديمر بتعليق لها حول فتح الإمارات العربية المتحدة سفارتها في العاصمة السورية دمشق الذي تم في وقت سابق من يوم الخميس 27 الشهر الحالي، إن الحكومة الألمانية لا تكترث لإعلان حكومة أبو ظبي عودة القائم بأعمال سفارتها إلى دمشق فهذا شأن داخلي والحكومة الألمانية تتّبع سياستها مع الاتحاد الأوروبي الذي يؤكّد بأنه لا علاقة مع نظام بشار الأسد الذي فقد شرعيته بسياسة العنف التي ينتهجها ضد الشعب السوري.
وبالرغم من أن الإمارات شريك استراتيجي هام للمملكة العربية السعودية ومرتبطة بسياستها الخارجية هي والبحرين، التي ألمحت هي الأخرى بإعادة علاقاتها مع نظام دمشق، مع الرياض، إلا أنها لم تساند الشعب السوري في محننته التي يعاني منها، فأبو ظبي منحت جنسيتها لنجوى أسد كريمة رئيس سوريا الهالك حافظ وشقيقة رئيس نظام دمشق بشار الأسد.
ويؤكد دبلوماسيون غربيون أعضاء في البرلمان الأوروبي أن الاتصالات بين دمشق وأبو ظبي لم تنقطع على الاطلاق منذ إغلاق دول الخليج سفاراتهم في دمشق احتجاجا على قمع نظام بشار أسد للشعب السوري واستدعائه إيران ومن بعد روسيا لحمايته. ويعزُ رئيس لجان شؤون السياسة الخارجية بالبرلمان الأوروبي / السياسي الالماني / ديفيد مك أليستِرْ، الذي كان يشغل رئاسة وزراء ولاية سكسونيا السفلى، اتصالات ابو ظبي بدمشق بسبب سياسة طهران بالخليج العربي، فإيران تعتبر بالنسبة للإمارات عدوًا تقليديًا ومن أجل كبح أطماعها بالخليج تلجأ الإمارات إلى بشار الأسد لعلاقته القوية مع ملالي طهران الذين يحاولون بسط نفوذهم الديني بالخليج والشرق الأوسط برمته وسمح لهم بشار أسد بالولوج إلى سوريا.
وقد سبق إعادة افتتاح الإمارات لسفارتها بدمشق زيارة سريعة للرئيس السوداني عمر حسن البشير إلى دمشق يوم الأحد من 16 الشهر الحالي الذي أعلن أنه يسعى لإعادة علاقات بعض الدول العربية مع دمشق وتأهيل بشار أسد بالدول العربية من جديد، تلك الزيارة التي يؤكد مراقبو الشرق الأوسط بأن بشير كان يحمل رسالة من أبو ظبي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي أعلن يوم الأربعاء من 19 الشهر الحالي إنهاء تواجد فرقه في سوريا.
فالإمارات والبحرين والسعودية، وعلى حسب رأي عضو لجان شئون السياسة الخارجية بالبرلمان الألماني يورجين تريتين يعانون من عزلة دولية بسبب مقاطعتهم قطر والحرب في اليمن ودعم أبو ظبي للقلاقل في ليبيا وسياستها الغامضة في اليمن، وللخروج من عزلتها مدت يدها إلى نظام دمشق. ولا تختلف ابو ظبي عن رئيس نظام السودان البشير بالعزلة الدولي.
وترى مجلة / دِرْ شبيغيل – المرآة / في عددها الذي توزعه بعد يوم غد الإثنين 31 كانون أول / ديسمبر، أن هناك نية لبعض دول الخليج بإعادة علاقتهم مع نظام بشار الأسد وممارسة ضغوط على المجتمع الدولي لتأهيل بشار أسد من جديد، فأبو ظبي تؤكّد تأهيلها بشار الأسد لعزل الدوحة إذ لا تزال أبو ظبي تعتقد بالدوحة أنها وراء زعزعة الشرق الأوسط بدعمها لحركات التحرر واتهام أبو ظبي الدوحة بزعزعة الشرق الأوسط وحربها الإعلامية على قطر وتركيا أفادت الدولتين المذكورتين فقد اكتسبا شعبية وتأييدًا أكثر من شعوب العالم الاسلامي وأوروبا أيضا فمثلهما مثل قول الشافعي رحمه الله تعالى:
عداي لهم فضل عليَّ ومِنَّة... فلا أذهب الرحمن عني الأعاديا
هم بحثوا عن زلتي فاجتنبتها... وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا
فهل ستخطو الرياض، التي لها علاقة وطيدة مع أبو ظبي، خطو أبو ظبي؟
خبير الشرق الاوسط ميشائيل لودرز يعتقد ذلك، فالتغييرات السياسية التي تشهدها السعودية منذ زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أيار /مايو من عام 2017 الماضي ونتج عنها محاصرة قطر واعتقال أمراء ورجال أعمال ومفكرين في السعودية فضلا عن تصفية الصحافي السعودي جمال خاشقجي أوئل شهر تشرين أول/ اكتوبر من عام 2018 الحالي بالقنصلية السعودية باستانبول يعتبر ذلك محتملا ، فالسياسة في الشرق الأوسط والعالم لا تثبت على مبدأ واحد.
ويستبعد خبراء يراقبون السياسة السعودية إقدام الرياض على ما أقدمت عليه أبو ظبي بالرغم من التأثير السياسي والنفسي لولي عهد أبو ظبي على ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان، إذ إن ذلك سيؤذي سمعة الرباض بشكل أكثر من ذي قبل.
ويرى رئيس لجان شؤون السياسة الخارجية بالبرلمان الألماني نوربرت روتجين فتح أبو ظبي سفارتها بدمشق وخطو المنامة خطو أبو ظبي هو نكاية بالدوحة وأنقرة وتمثيلية غير ناجحة ستتعرض للفشل.
ولا تعتبر إعادة أبو ظبي والمنامة والخرطوم علاقتهم مع نظام دمشق بالمأساة، فتونس الذي تعتبر قدوة لما يُطلق عليه بـ / الربيع العربي / كانت في مقدمة من أعاد علاقته مع نظام دمشق بافتتاح قنصلية تونسية في 4 أيلول / سبتمبر من عام 2015 وكان وزير الخارجية التونسي آنذاك الطيب بكوش في أثناء لقائه مع وزير الخارجية الألماني السابق / رئيس الدولة الألمانية حاليا / فرانك فالتر شتاينماير أن حكومته لا تريد مقاطعة أحد.
ويعتقد خبراء الشرق الأوسط عودة قوية للربيع العربي بالرغم من المحاولة اليائسة لإعادة المارد الى قارورته التي خرج منها.
وسوم: العدد 806