ترامب كان في العراق.. ماذا سيحصل في العراق؟

تحليل وإستشراف ومعلومات سرية مسرّبة ..

تفاجأ العراقيون والأميركيون ودول عدة في العالم بالطريقة التي زار بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب العراق في ليلة عيد الميلاد عام 2018 .. ومازالت هذه الزيارة مبهمة لكثيرين لما تحمله من خفايا ورسائل سياسية ..

هذه الورقة القصيرة تتضمن تحليلاً وإستشرافاً لما سيحصل في العراق …

لقد كان في نية ترامب زيارة العراق قبل هذا الوقت لكنه طلب عدم كشف توقيت الزيارة ، ولأن معلومات الزيارة تسربت قرر ترامب إلغاءها في حينه ثم قرر أن تكون زيارته الأخيرة بالشكل الذي أراد لأن الحكومة العراقية لم تحافظ على سرية الزيارة الأولى حيث يعتبر مسألة أمنه مسألة أمن قومي أميركي ويأتي بالمرتبة الأولى بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية. 

أبرز رسائل الزيارة:

الرسالة الأولى:  أن الرئيس الأميركي من حقه أن يدخل أي أرض يوجد عليها جنود أميركيون دون أخذ الإذن ودون الحاجة للقاء قيادات ذلك البلد.

الرسالة الثانية: الرئيس الأميركي قرر عدم لقاء القيادات العراقية كي لايعطي لهم الشرعية (الأميركية) على إعتبار إنهم نتاج سياسات أميركية سابقة لطالما إنتقدها في حملته الإنتخابية ،  وهذه نقطة مهمة مرتبطة بالإستشراف الذي سيأتي بعد قليل.

الرسالة الثالثة: الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان يعلم بإن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي لن يأتي إلى قاعدة عين الأسد ومع ذلك إستمر في الزيارة لأنه أراد إيصال الرسالتين السابقتين ثم أراد الإنفراد بقواته الموجودة في قاعدة عين الأسد لإعطائهم أوامر سرية وهذا متعلق بالإستشراف الذي تقدمه هذه الورقة.

الإستشراف: 

يتضح مما تقدم أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد إتخذ قراراً نهائياً بإعادة ترتيب أوراق العراق حسب ما تتطلبه سياسته الخارجية الجديدة وليس كما أنتجته سياسات أسلافه من الرؤساء الأميركين ولهذا نحن أمام سياسة خارجية أميركية جديدة بقيادة ترامب ، ومن الجدير بالذكر أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتبع سياسة "خطوات عديمة التوقع" في تطبيق سياسته الخارجية وبهذا سنكون أمام الإستشراف الآتي:

1- من الضروري التوضيح بأن فتح المنطقة الخضراء في هذه الأوقات لم يأتِ إعتباطاً لأنه مدروس من قبل ترامب ، بل حسب المعلومات المتوفرة لدي أن الولايات المتحدة هي التي أعطت أمراً بفتح المنطقة الخضراء وليس حسب ماتسرّب بأن القرار عراقي والسفارة الأميركية حذرّت من فتح المنطقة الخضراء بل بالعكس تماماً.. القرار أميركي بحت ومقصود وله أهداف سيتم توضيحها.

2- ترامب يعرف أربع حقائق في العراق: 

الحقيقة الأولى: أن غالبية الشعب ناقم على الحكومات العراقية المتعاقبة التي لم توفر له الخدمات ولا العيش المناسب.

الحقيقة الثانية: غالبية الشعب ناقم على الأحزاب السياسية التي أنتجت المحاصصة.

الحقيقة الثالثة: غالبية الشعب  ناقم على الفاسدين وينتظر اللحظة التي ينال فيها منهم.

الحقيقة الرابعة: أن روح الإنتقام بين الأحزاب موجودة وكل حزب ينتظر اللحظة التي يجهز فيها على الآخر. 

3- فتح المنطقة الخضراء أمام الشعب يعني إعطاء الضوء الأخضر لهذا الشعب الناقم كي يدخلها لتحصل الفوضى التي يريدها ترامب من أجل تطبيق إعادة ترتيب أوراق العراق حسب مارسمه ترامب في سياسته الخارجية الجديدة ، لقد قرر ترامب إعادة ترتيب الأوراق في العراق وسيبدأ بذلك خلال فترة قصيرة وسيقوم بإطلاق التصريحات التي تخص العراق و تمهّد لهذا القرار.

4- عدم لقاء ترامب بقيادات العراق بمثابة رسالة واضحة وصريحة وحازمة لهم بإنكم زائلون لامحالة.

5- أثناء لقاء ترامب بقواته في قاعدة عين الأسد أعطى لهم أوامر سرية ومباشرة مفادها : في حال تم دخول الشعب العراقي إلى المنطقة الخضراء مهمتكم السيطرة على تلك المنطقة بعد 48 ساعة على أن يتم تركها للنهب والسرقة في هذين اليومين ليشهد العالم مدى نقمة الشعب على السلطة ويتعاطف مع سيطرة القوات الأميركية على المنطقة الخضراء وغلقها من جديد بعد الإحكام عليها تماماً.

6- أوعز ترامب لقواته في قاعدة عين الأسد بعدم التدخل في ما يجري في الشوارع من مواجهات مسلحة بين الأحزاب ودعوا الأحزاب تتقاتل ويصفي بعضهم بعضا وسيهرب منهم من يهرب وسيتم قتل منهم على يد الشعب وسحلهم في الشوارع وهذا ما أريده أن يحصل في العراق لأنني أريد عراقاً جديداً لايد فيه لآخرين سوى للولايات المتحدة الأميركية وحافظوا على المنطقة الخضراء مع وجود غطاء جوي عسكري أميركي لكل من يقترب من هذه المنطقة.

7- إقليم كردستان سوف يستثمر هذه الفوضى وسيضم كركوك له  فوراً ويتم إعلان غلق حدوده تماماً وهذه فرصته الذهبية في أن ينفصل من العراق ولو سياسياً كمرحلة أولى ثم ليكون منطقة عازلة وآمنة بالنسبة للقوات الأميركية التي ستتخذ من أراضي الإقليم قاعدة أساسية لها لبسط الأمن في عموم العراق.

8- بعد أن يدخل العراق في دوامة القتال المسلح وإسقاط سيطرة الدولة على المحافظات ورجوع مشاهد السلب والنهب والهجوم على مقرات الأحزاب يأتي الآن دور الحاكم الأميركي في العراق للدعوة إلى إلقاء السلاح وبسط الأمن فيه بالقوة.

9- ستدخل الولايات الأميركية في حرب ضد أي حزب يحمل السلاح وتقوم بتفكيك السلاح تماماً من أجل تصفيتهم بصورة تامة حتى لو تطلب ذلك دمار العراق فهذه ليست المرة الأولى التي سوف يواجه العراق الدمار فقد عاشه مراراً وتكراراً ، علماً ستكون هناك فصائل مسلحة سوف تعلن عن تضامنها مع بعضها في مواجهة الولايات المتحدة على الأرض العراقية وستعتبرها أميركا أول مواجهة أمام إيران حيث قررت أن تقصي إيران وتأثيرها في العراق تماماً... ترامب إتخذ قراراً نهائياً بأن العراق يجب أن يكون خالياً تماماً من أي تأثير إيراني كي يكون نقطة إنطلاق صحيحة (حسب منظوره) لمواجهة تحديات المنطقة بدءاً من حزب الله ثم إيران وبالتالي تغيير النظام في سوريا.

10- كي تبسط الولايات المتحدة الأميركية سيطرتها على الفوضى في العراق ستقوم بتقسيمه على شكل مناطق تمهيداً لتقسيم العراق مستقبلاً حتى لو كان تقسيماً إدارياً كمرحلة أولى وذلك بحجة بسط الأمن في منطقة بعد أخرى.

11- يبقى أمراً مهماً بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية هو حساب ورقة المرجعية الدينية في العراق ودورها في هذه الأحداث التي ربما ستخرج بفتوى قد تقلب الطاولة على الحسابات الأميركية و لهذا ستفكر الولايات المتحدة بوضعٍ معقدٍ في العراق تجعل من المرجعية الدينية أن لا تدعو إلى مواجهة قواتها لأن المواجهة تعني مزيداً من الدماء في صفوف الشعب ومزيداً من الفوضى لهذا سوف تسعى الولايات المتحدة الأميركية إلى إيجاد وضع مأساوي وحرج جداً في العراق بحيث لاتصدر المرجعية الدينية فتوى بقتالهم تماماً كما حصل في إسقاط النظام عام 2003.

12- سوف تقوم الولايات المتحدة الأميركية بحل القوات العراقية مرةً أخرى وتشكيل قوات جديدة تحت إشرافها.

13- سوف تقوم الولايات المتحدة الأميركية بحل جميع الأحزاب السياسية التي شاركت في العملية السياسية منذ عام 2003 ولغاية هذه السنة وتدعو إلى تأسيس أحزاب جديدة وتقوم بإبعاد جميع الوجوه التي حكمت وتحكم العراق وإعطاء دور لقيادات شابة في العراق.

14- ستقوم بعد ذلك بالتشاور مع متخصصين عراقيين لوضع دستور جديد بدلاً من هذا الدستور الذي تناحر تحت ظله العراقيون.

15- سوف تدعو الولايات المتحدة الأميركية إلى إنتخابات عراقية تكون تحت إشراف الأمم المتحدة وبهذا تعطي للأمم المتحدة قسطاً من ممارسة دورها وشرعيتها كي لايعطي ترامب إنطباعاً لها بإنه همشها أو همش مجلس الأمن الذي سيعطي الضوء الأخضر للولايات المتحدة ببسط الأمن وإعادة السيطرة في العراق بعد الفوضى التي ستعمه.

تتطلب هذه الأحداث حوالي سنة إلى سنتين تحت حكم ترامب ليقول للعالم في السنة الأخيرة من ولايته "أنظروا إلى العراق كيف كان وكيف أصبح الآن؟" وذلك تمهيداً لضمان إنتخابه في دورة رئاسية جديدة.

قبل حوالي شهر قمتُ بتوجيه رسالة إلى المرجعية الدينية بأن الولايات المتحدة نفذت ماتريد خلال خمسة عشر عاماً وإن العراق سيواجه مخططاً أميركياً جديداً وإن العراق سيكون أمام خيارين لاثالث لهما ، إما أن يتم التغيير الجذري وتصحيح الأمور في العراق بأيدٍ عراقية وتحت السيطرة بتحرك مدروس ومضبوط أمنياً بعيداً عن الفوضى ، وإما سنكون أمام تغيير آخر تقوده الولايات المتحدة الأميركية بنفسها…. وها نحن نقترب من الخيار الأميركي .. وربما إستشعرت الأحزاب في العراق الخوف وإنتابهم بعض القلق ولهذا ستقوم بخطوات إستباقية توحي بإنها نحو التغيير  مثل إطلاق تصريحات نحو مكافحة الفساد وغيرها.. لكنّ القرار الأميركي قرار نهائي لارجعة فيه.

وسوم: العدد 806