الخيارات المتوقعة لإدلب عقب المتغيّرات الأخيرة
حفلت الأيام القليلة الماضية بكثير من المفاجآت في الملف السوريّ، و كان من أبرزها ما قامت به هيئة تحرير الشام من تمدد في الريف الغربي من حلب، وأخذ المناطق التي كان تستلمها حركة نور الدين الزنكي، المحسوبة على الجيش الوطني.
إن ما قامت به الهيئة كان متوقعًا لدى كثير من المراقبين، غير أن ما شاهدناه من سرعة تسليم تلك القرى والمناطق لها من دون مقاومة تذكر يستدعي الكثير من الأسئلة، و علامات التعجب
إن اتفاق آستانا كان يدعو إلى تحييد إدلب، شريطة أن تتعهد تركيا بمحاربة الإرهاب فيها، المتمثل في الجماعات الجهادية، و منها الهيئة.
إنه مع تغلب الهيئة على مساحات مهمة: مدنيًا و عسكريًا، فإن المنطقة ستشهد تغيرات سياسية، وستكون هناك مناطق نفوذ جديدة للدول، إلاّ أن ما يهم المعارضة والثورة السورية أن تكسب تركيا أكبر مناطق نفوذ لها لأنها هي الحليف الوحيد الذي بقي للمعارضة.
و السؤال: ما هي الخيارات المتوقعة لإدلب عقب المتغيّرات الأخيرة؟
1ـ أن تدخل القوات الروسية والإيرانية المنطقة بذريعة محاربة الإرهاب، وتعود هذه المناطق للنظام، إلا أن هذا الخيار سيريق الكثير من الدماء من خلال سياسة الأرض المحروقة، كما كان في حلب، على اعتبار أنه لم يعد هناك خيار مصالحات وهدن بسبب عدم وجود مناطق يلجأ إليها الثوار غير منطقة درع الفرات بشكل أساسي، و غصن الزيتون بالدرجة الثانية.
2ـ أن يتم اتفاق روسي تركي لإدارة المنطقة واستلامها، وهذا الخيار قد يكون الأقرب لما هو في منطقة درع الفرات، و لكن ضمن اتفاقيات مختلفة ،إلا أن هذ الخيار مشروط بأن تقوم هيئة تحرير الشام بحل نفسها وتسليم المنطقة إلى تركيا.
3ـ أن تتحول هذه المنطقة إلى ساحة صراع دولية بين الدول التي دخلت اتفاق آستانة، وربما يؤدي ذلك إلى نتائج كارثية في المنطقة، على اعتبار أن وظيفة الهيئة قد اكتملت بإنهاء الفصائل غير المرضي عنها من الأطراف جميعها، فكلّ منها قد جعل منها ثقبًا أسود يخدم مصالحها في الملف السوريّ، و على اعتبار أن الهيئة قد وصلت إلى قمة المنحدر، و لم يعد أمامها سوى النزول، غير أن الأمر مرهون بتوافق دولي للجلوس و التفكير سوية في حلّ معضلة مقاتلين ينتمون إلى أكثر من 63 جنسية.
4ـ أن تشهد الأيام القادمة مزادات ومقايضات بين الدول على بعض المناطق، (إدلب ـ شرق الفرات) ، (إدلب ـ منبج).
5ـ أن يتمّ غض الطرف عمّا قامت به الهيئة، شريطة أن تنخرط في قتال ميليشيات الأكراد المصنفة إرهابيًا، و تتبع لقيادة جبال قنديل، و هو أمر يريح تركيا في حال فشل مقترحها بإعادة تشكيل قوات قسد، لتشمل قوى محسوبة على المكون العربي، و على قوات البيشمركا، المقربة من تركيا، و من جماعة البرزاني في كردستان العراق.
وسوم: العدد 806