التآمر القرمطي الصفوي على العروبة والإسلام (13)

التآمر القرمطي الصفوي

على العروبة والإسلام (13)

د. أبو بكر الشامي

وبعد أن قتل سليمان المرشد ألهوا ابنه ( مجيب المرشد ) الذي قتل فيما بعد أيضاً ، واتخذ اسمه قيمة قدسية لدى النصيريين وسمى بالمجيب الأكبر ، ويرد اسمه في كثير من الصلوات الخاصة بصيغة الربوبية .

ونجد الآن في وثائق الخارجية الفرنسية وثيقة تحت رقم (3547) تاريخ 15/6/1936 .

نص العريضة التي رفعها زعماء الشعب النصيري كما أسماه سليمان المرشد إلى جناب الحكومة الفرنسية المنتدبة يطالبونهم بعدم إنهاء الانتداب هذا نصها :

( دولة ليون بلوم ، رئيس الحكومة الفرنسية : إن الشعب العلوي ( النصيري )  الذي حافظ على استقلاله سنة فسنة بكثير من الغيرة والتضحيات الكبيرة في النفوس ، هو شعب يختلف في معتقداته الدينية وعاداته وتاريخه عن الشعب المسلم ( السني ) ولم يحدث في يوم من الأيام أن خضع لسلطة من الداخل .

إننا نلمس اليوم كيف أن مواطني دمشق يرغمون اليهود القاطنين بين ظهرانيهم على عدم إرسال المواد الغذائية لإخوانهم اليهود المنكوبين في فلسطين !! وأن هؤلاء اليهود الطيبين الذين جاءوا إلى العرب المسلمين بالحضارة والسلام ، ونثروا على أرض فلسطين الذهب والرفاه ! ولم يوقعوا الأذى بأحد ، ولم يأخذوا شيئاً بالقوة ، ومع ذلك أعلن المسلمون ضدهم الحرب المقدسة بالرغم من وجود إنكلترا في فلسطين وفرنسا وفي سوريا ، إننا نقدر نبل الشعب الذي يحملكم للدفاع عن الشعب السوري ورغبته في تحقيق استقلاله ، ولكن سوريا لا تزال بعيدة عن الهدف الشريف ، خاضعة لروح الإقطاعية الدينية للمسلمين . ونحن الشعب العلوي الذي مثله الموقعون على هذه المذكرة نستصرخ حكومة فرنسا ضماناً لحريته واستقلاله ، ويضع بين يديها مصيره ومستقبله ، وهو واثق أنه لابد واجد لديهم سنداً قوياً لشعب علوي صديق قدم لفرنسا خدمات عظيمة ) . التوقيع : سليمان أسد ( جد رئيس الجمهورية المقبور حافظ الأسد ) محمد سليمان الأحمد                           محمود أغا حديد

عزيز أغا هواش                                سليمان مرشد            محمد بك جنيد   

وتدور الأيام ، ويتسلم حزب البعث العربي الاشتراكي الحكم في سوريا ، وبتصميم أجنبي ، وتنفيذ نصيري تتدفق طلبات الانتساب على هذا الحزب الذي كان أحد مؤسسيه نصيرياً ( زكي الأرسوزي ) . ويتدفق شبابهم على التطوع في الجيش والقوات المسلحة ، ليكون الحزب والجيش مطية النصيرية الجديدة للتآمر على الإسلام والمسلمين ، وكان الهدف هذه المرة كبيراً .. استلام السلطة في سوريا ...

وتسلم مهمة تنفيذ مخططات أبناء صهيون الذين عطف عليهم جد حافظ أسد ، تسلمها الحفيد ، ليرأس شعبه وشعب سوريا بالكامل ، وكان ما رأينا .

فكيف كانت خطة تسللهم إلى السلطة واستيلائهم على سورية الشام ،ثم لبنان ، ثم تقاسم النفوذ مع اليهود والصليبيين على ما تبقى ؟ ! .

لم تكن الخطة التي وضعتها النصيرية لغزو الجيش السوري والسيطرة عليه _  من الداخل عن طريق التطوع الجماعي _ من وضع مشايخهم وحكمائهم فقط ، وإنما رسمها الفرنسيون لهم بناء على خبرتهم الاستعمارية السابقة ، تماماً كما رسموها لموارنة لبنان . وذلك بناء على تعاون هذه الشرذمة ( النصيرية) مع الاحتلال الصليبي الفرنسي ، كما تعاونت سابقاً مع الحملات الصليبية في القرن الحادي عشر الميلادي .

·   فقد استغل النصيرية في مرحلة حرية الأحزاب القصيرة التي تلت الانفصال السوري عن الوحدة مع عبد الناصر ليلعبوا على بعض الكتل السنية المتنافسة على الأصوات الانتخابية .

·   ثم اتبعوا ذلك بالتغلغل في حزب البعث العربي الاشتراكي الذي كان من أهم مؤسسيه  النصيري المعروف ( زكي الأرسوزي ) . حيث قام حزب البعث أصلاً على الأقليات ، ولا سيما : النصارى والاسماعيلية والدروز و النصيرية وبعض التائهين المرتدين من العلمانيين المنافقين المنسوبين لأهل السنة ..

واستغل الحزب نقمة بعض سكان القرى والبوادي للحرمان الذي كانوا يعانونه من الساسة المتنفذين من أبناء المدن المثقفين وأبناء الشريحة الإقطاعية من أهل السنة ، وبعد انطلاقة الحزب عام 1947 ومع أوساط الخمسينات عام 1957 انهالت طلبات الانتساب من أبناء الطائفة عليه ثم أتبعوا ذلك بالخطة المدبرة لغزو الجيش بالتطوع الجماعي كما ذكرنا .

·       تسلم الحزب السلطة في البلاد بانقلاب ( 8/3/1963 ) .

·   وفي (  23/2/1966) حصل انقلاب داخل حزب البعث ، مما شطر الحزب في سوريا إلى : يميني فر إلى العراق مع مؤسس الحزب مشيل عفلق ورئيس الدولة أمين الحافظ وأتباعهم ، ويساري بقي في سوريا بسيطرة نصيرية ، حيث وضع في الرئاسة شبح رجل سني هو رئيس الدولة نور الدين الأتاسي ، ليحكم من خلف الستار نصيرية الحزب والجيش بقيادة رجل النصيرية القوي ( صلاح جديد ) ، وتسلم وزارة الدفاع النصيري الماكر حافظ الأسد.

·   ومن هنا بدأت فصول المسرحية الحقيقة فقد كان حافظ أسد نصيرياً متعصباً ، وحاملاً لأفكار الحزب القومي السوري ، وثمة روايات كثيرة عن تأهله للدور الذي قام به عبر بعثة عسكرية أرسلوه بها إلى لندن لمدة ستة شهور حيث جرى الترتيب مع الصهيونية العالمية  والصليبية العالمية لدوره ودور طائفته المقبل في المنطقة ، والذي بدأت فصوله في معركة 5/5/1967 .

·    حيث أشرف وزير الدفاع آنذاك حافظ أسد على تسليم قلعة المشرق العسكرية ، وخطوط دفاعاتها الحصينة ، ومدينة القنيطرة ومرتفعات الجولان إلى الجيش الصهيوني  دون قتال ..!!!

ولقد أصبحت قصة إعلان سقوط القنيطرة من قبل حافظ أسد ، وأوامره بالانسحاب الكيفي للجيش السوري من خطوط القتال قبل 17 ساعة من الدخول الصهيوني إليها ، معروفة يوم الحادي عشر من حزيران، لعام 1967 بالبيان العسكري الصادر عن وزارة الدفاع برقم  (66 )، حيث ذكرها كثير من الساسة الغربيين في مذكراتهم ، وروى تفاصيلها كثير من ضباط أركان الجيش السوري والمصري والأردني الذين عاصروا تلك المرحلة .

ومن ذلك ما رواه سعد جمعة رئيس وزراء الأردن في حينها في كتابه ( المؤامرة الكبرى ومعركة المصير ) حيث قال : ( ظهر الخامس من حزيران اتصل سفير دولة كبرى في دمشق بمسؤول كبير ودعاه إلى منزله لأمر عاجل هام ! وتم الاجتماع في الحال ،فنقل السفير للمسؤول السوري نص برقية عاجلة من حكومته تؤكد أن سلاح الجو الإسرائيلي قد قضى قضاء مبرماً على سلاح الجو المصري ، وأن المعركة بين العرب وإسرائيل قد اتضحت نتائجها ، وأن إسرائيل لا تنوي مهاجمة النظام السوري ، وأن إسرائيل من قبل ومن بعد بلد ( اشتراكي ) يعطف على التجربة الاشتراكية البعثية ( خاصة البعثية النصيرية) ولذا فمصلحة سوريا مصلحة الحزب ، ومكاسب الثورة أن تكتفي بمناوشات بسيطة لتكفل لنفسها السلامة ، وذهب المسؤول السوري ليعرض ما سمعه لتوه على رفاق القيادة القطرية والقومية ، وعاد الرسول السوري غير بعيد ليبلغ السفير استجابة الحزب والحكومة والقيادات لمضمون البرقية العاجلة ، وهكذا كان ) . انتهى .

وشواهد هذا كثيرة كما قلنا في الكتب المعاصرة ومذكرات الزعماء .

·   وبقيام النصيرية بدورهم على يد زعيمهم وزير الدفاع ( حافظ أسد ) ، الذي عقد صفقة من جملتها تعهد من اليهود والدول الصليبية بتسليمه رئاسة الدولة وتمكين النصيرية من ملك سوريا[1] .

·   وبكل وقاحة خرج وزير خارجية سوريا البعثي الدرزي إبراهيم ماخوس ليعلن في خطابه : ( ليس مهماً أن يحتل العدو دمشق أو حتى حمص وحلب ، فهذه جميعاً أراضي يمكن تعويضها ، وأبنية يمكن إعادتها   أما إذا قضي على حزب البعث فكيف يمكن تعويضه وهو أمل الأمة العربية .!؟

ولا تنسوا أن الهدف الأول من الهجوم الإسرائيلي هو إسقاط الحكم التقدمي في سوريا ، وكل من يطالب بتبديل حزب البعث فهو عميل لإسرائيل )[2] !!! .

               

[1] راجع كتاب سقوط الجولان خليل مصطفى

[2] مؤامرة الدويلات الطائفية عبد الغني النواوي