ياسر عرفات والحصار في المقاطعة برام الله

حين كان الشهيد ياسر عرفات محاصراً في المقاطعة برام الله، اجتمع القادة والزعماء العرب في بيروت ورفضت إسرائيل السماح له بحضور القمة العربية هناك، بل ورفض الزعماء العرب السماح له بإلقاء كلمته عبر التلفزيون بدعوى أن "البرتوكول" لا يسمح بذلك، وانه لا يوجد سابقة.

وزير الداخلية الفلسطيني حينها كان طيب الذكر هاني الحسن قال للصحافة: إن أمريكا قررت تغيير الوطن العربي وانها ستقلبه رأسا على عقب، وقال حرفيا "ان جبالاً ستختفي وأودية سترتفع ودول ستتحطم ودول اخرى منخفضة الشأن ستصبح مقررة وان مهمة الفلسطينيين ابقاء القدس على رأس عناوين السياسة الدولية".

وكان ما قال الحسن، ودخلت جيوش الغرب إلى بغداد الرشيد وشنق صدام حسين، وطحنت الحرب غزة ولبنان، وإنقسمت السودان الى نصفين، ودخل الجيش الاثيوبي "جيش ابرهة الحبشي" الى مقديشو، ودخل الجيش الفرنسي "الفرنجة" الى مالي، وضرب الجيش السعودي صعدة، وطار زين العابدين وعلي عبد الله صالح، وطار أمير قطر، وغرقت سوريا في دمها، ومات القذافي على اليوتيوب، ونزل الطوارق عن سفح الجبل، وأطلق البرابرة صيحة المجد على اطراف الصحراء الكبرى.

وجاعت ممالك، وزحفت جيوش على بطنها، وخرج الإخوان من السجون وتربعوا فوق العروش ثم حشروا في النعوش وصار الفيسبوك أهم من مكتبات بغداد وتويتر أهم من معجم المنجد.

جيوش ما وراء البحار تقف الان في قبرص لضرب الامويين بعدما هام العباسيون في اصقاع الأرض يبحثون عن كهف وكسرة خبز، وترى التاريخ يكتب من جديد والسلاجقة "الاتراك" لم يجروا جيشهم هذه المرة لمناصرة المماليك، وكسرى يصنع من شعر بنات فارس مشنقة حرير للأعداء ويرمي عباءته على البصرى.

ما بعد سوريا سيأتي دور السعودية، ومن أطعم الامويين والعباسيين بطرف الملعقة سيطعم غيّرهم بمغرفة القدر.

ولو أعاد المهندسون العرب قراءة ما يجري لأدركوا أن أمريكا حطمت الجيوش العربية الاربعة، والممالك الخمس، والتحالفات الست، والقصور السبع.

ولم يبق أمامها الان سوى قريش التي لن تجد جيوشا تؤازرها ولا ممالك تساندها ولا تحالفات تحميها ولا قصور تعصمها.

وليدرك العرب بعد 60 عاما من الانتظار انه حين ضاعت القدس ضاعت قصورهم، ولم يبق على امريكا سوى ان تدعو لعقد القمة العربية القادمة في تل ابيب، أم أن هناك زعيماً عربياً يجرؤ بعد اليوم من يقول لا.؟

وسوم: العدد 813