علاقة عائلة سلام البيروتية بقرية عرعره بفلسطين

سعدى البدوية ابنة قرية عرعره بين الزواج والغربة

عائلة سلام من العائلات المسلمة والمرموقة في بيروت بلبنان، وإليها ينتمي رئيس وزراء لبنان الأسبق صائب سلام. انضم إلى هذه العائلة جرجس الصفدي الكاثوليكي من مدينة زحلة بعد أن اعتنق الإسلام عن إيمان وإصرار بعد أن رأى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات في المنام يدعوه لاعتناق الإسلام، وعلى عادة المسلمين في العهد العثماني، فقد أُعطي جرجس الصفدي اسمًا جديدًا هو محمد سليم عبد الله المهتدي، وأقام في بيروت المحروسة بعد أن لقي رعاية من أحد وجهاء بيروت السيد علي سلام، والد أبو علي سلام وجد الرئيس صائب سلام، الذي أمنّ له دكانًا للعطارة يرتزق منها لتأمين عيشه. وبعد أن تيقن آل سلام من حُسنِ وصدق إسلامه زوّجه السيد علي سلام شقيقته خولا، لهذا صارحه آل سلام بأن بيروت لم تعرف عائلات باسم المهتدي، لذا أعطوه اسم عائلتهم "سلام" لقبًا له عوضًا عن "المهتدي".

وقد أنجب محمد سليم عبد الله سلام من خولا ست بنات وثلاثة بنين كانوا العناصر الأولى في تكوين هذا الفرع من آل سلام، يتقدمهم بروزًا وشهرة العلامة الشيخ عبد الرحمن سلام الذي نشأ نشأة إسلامية في كنف والده ووالدته وأخواله آل سلام، وتلقى علومه الأولى في الكُتّاب ومدرسة الشيخ رجب جمال الدين وفي سواها من المدارس، كما حرص على تعلم اللغة العثمانية(التركية) واللغة العربية وآدابها، واهتم بالفقه والتصوف والشعر والقضاء الشرعي.

ولد الشيخ عبد الرحمن سلام على الأرجح في سنة 1288ﻫ/1871م، وعندما أصبح في الخامسة والعشرين من عمره دُعي لتولي القضاء الشرعي في مدينة قلقيلية بفلسطين، فقصد هذه المدينة وكان وحيدًا من دون أهله، وأثناء عمله فيها تزوج زوجته الأولى سعدى البدوية من قرية عرعرة، وقصة زواجه جديرة بالذكر، فقد أتوا بسعدى لتخدمه في منزله، وكانت ذات صبا وجمال، فخشي أن يفتتن بها، أو يتحدث الناس عنه بالسوء، فعقد عليها وتزوجها. وقد دامت إقامته في قلقيلية خمس سنوات(1896-1900)، بعدها انتقل لتولي رئاسة الكُتّاب في المحكمة الشرعية في مدينة بيروت. يُروى أن آل سلام بعد عودته من فلسطين لاموه على أنه تزوج بسعدى، وقالوا له كيف يتزوج واحد من آل سلام بدوية؟ وألحّوا عليه بتطليقها، لكن سعدى كانت ذكية لبيبة، فقبلت أن يتزوج زوجة ثانية على أن تبقى معه، بل بحثت له عن زوجه ترضيه:

فزوّجته إحدى بنات آل الجارودي، فأنجبت له ولدًا اسماه عبد الله، وما لبث أن توفيت، وعاش عبد الله حتى سنة 1976م.

ثم زوّجته بفتاة من آل الدرزي، من مسلمي بيروت، فأنجبت له عليًّا، فلم يطل به العمر.

ثم زوجته بفاطمة النحّاس، وآل النحاس من أشراف بيروت، وكانت فيهم نقابة الأشراف، فأنجبت منه أميرة.

فلما انتقل الشيخ عبد الرحمن إلى دمشق ذهبت معه سعدى البدوية وعادت معه إلى بيروت وبقيت ملازمة له حتى انتقلت إلى رحمة الله في سنة 1934م.

في عام 1912م عمل الشيخ عبد الرحمن في دمشق بالتدريس والخطابة والإمامة وفي بيع المخطوطات والكتب النادرة، كتب الشيخ عبد الرحمن سلام في العديد من الصحف اللبنانية والعربية، كما أسس بعض الصحف البيروتية منها روضة المعارف عام 1911 منفردًا.

كان للشيخ عبد الرحمن دور في الثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف حسين وابنه فيصل الذي عيّنه مديرًا للنادي العربي، ثم مديرًا للأوقاف في جميع البلاد لسورية. في عام 1921 انتخب عضوًا في المجمع العلمي العربي بدمشق، وفي عام 1929م عُيّن عضوًا في المجمع العلمي اللبناني.

في سنة 1930 عُيّن أمينًا للفتوى في لبنان وقد بقي في هذا المنصب حتى وفاته في عام 1941م. له عشرة مؤلفات في الفقه والتجويد والشعر وعلم المعاني، بالإضافة إلى منظومة في الرد على الأب نقولا غبرئيل.

في القرن الماضي كانت تعيش في قرية عرعره قابلة(داية) اسمها خضرة البدوية، وهي  أخت المناضل يوسف حسن بدوية من كفر قرع، وزوجها هو يوسف المرزوق. ولدت خضرة في عام1907م وتوفيت سنة 1977م، ولها خمس بنات، بينما توفي زوجها في عام 1944م. يبدو لنا أن لخضرة البدوية صلة قرابة بسعدى المذكورة، أي أن سعدى لم تكن بدوية وإنما فلاحة، واسم بدوية هو اسم العائلة التي تعيش حاليًا في  قرية كفرقرع.

وسوم: العدد 814