هل باتَتْ إدلب تحت المظلة الأمريكية؟
تشيرُ جملةُ القرائن التي شهدها الملفُ السوريّ مؤخرًا، إلى أنّ منطقة إدلب آخذةٌ في الانضواء تحت المظلة الأمريكية، أكثرَ منها منطقة تفاهم روسيّ ـ تركيّ، بموجب اتفاق سوتشي، المبرم بين الرئيسين: أردوغان ـ بوتين، في: 17/ 9/ 2018.
و ذلك لرغبة أمريكية في التحرّك نحو شواطئ المتوسط؛ بغية التموضع بجوار قاعدة حميميم الروسية، و الفصل بين منطقة النفوذ التركية في " درع الفرات و غصن الزيتون " و الأبيض المتوسط، و البقاء في المنطقة ريثما تتبدّى معطيات جديدة، بعد إعلان السيطرة آخر جيوب داعش في الباغوز.
من تلك القرائن:
1ـ تضيقُ هامش التحرّك التركي في إدلب، من خلال قيام هيئة تحرير الشام في مطلع سنة 2019، بتفكيك الجبهة الوطنية الموالية لتركيا، و ذلك برضا أمريكي، مدعومٍ ماديًا من تحالف دول المنطقة، المناهض لتركيا.
2ـ منعُ تركيا من الشروع في إقامة مؤسسات خدمية تتبع لها في إدلب، على غرار ما كان في منطقتي درع الفرات و غصن الزيتون، على الرغم من توالي المطالب من الحواضن الشعبية لها، في أكثر من مناسبة و مظاهرة.
3ـ تباطؤُ تركيا في حماية أبناء المناطق المستهدفة بقصف شبه يومي، من مليشيات إيران و النظام، منذ شهر شباط الماضي، مّما أدّى إلى سقوط أكثر من 100 مدني، وإصابة أكثر من 350، ونزوح أكثر من 14 ألف عائلة، وفق ما وثّق فريق "منسقو الاستجابة" مؤخرًا، فلم يتعدّ الأمر تسيير دوريات، يكون وبالُها على أبناء المنطقة كبيرًا بمجرد أن تنتهي نوبتُها، و على الرغم من تطمينات ضباط نقاط المراقبة، التي اقتصر دورها على إحصاء خروقات اتفاق سوتشي.
4ـ سماحُ روسيا لتركيا بالقيام بطلعات جوية في سماء مقاطعة إدلب، و ذلك بعد إقفال الأجواء في وجهها من قبل، حينما كانت روسيا هي المتحكّم الأوحد في ذلك، أما و قد آل أمرُها إلى أمريكا، فلم يعُد يعني ذلك روسيا كثيرًا؛ فضلاً على منعها من ذلك، و هو الأمر الذي حمل أبناء المنطقة على الغمز من القناة التركية، ولاسيَما بعد تصريحات الوزير شويغو، عقب قصف سجن إدلب، بأن الأمر كان بتنسيق مع وزارة الدفاع التركية.
5ـ قيام تركيا بإيجاد بدائل عن معبر باب الهوى، الذي تهيمن عليه الهيئة منذ شهر: 8/ 2017، و ذلك من خلال افتتاح معبر غصن الزيتون مع مقاطعة عفرين، في: 17/ 3/ 2019، و هو الأمر الذي لم تكن تركيا متحمسة له من قبل.
6ـ تعثُّر تطبيق بقية بنود سوتشي، المتمثِّلة في عودة مؤسسات الخدمة المدنية، و تحويل الفصائل المنضوية تحت عباءة الجبهة الوطنية إلى جهاز شرطي يضبط الأمن، و إعادة الحياة إلى طريقي: M4 و M5، و تسيير دوريات مشتركة مع روسيا على جانبي المنطقة المنزوعة السلاح، و اقتصار الأمر على الدوريات التركية بين الحين و الآخر، من غير فائدة تعود بالأمن على المنطقة.
7ـ السماح لعدد من المنظمات الأجنبية بالعمل ثانية في إدلب، بعدما غادرتها بدعوى سيطرة الهيئة " المصنَّفة إرهابية "، ولاسيّما الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (OFDA)، و الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ)، و كذلك منظمة (GOAL ) الإيرلندية، المعنية بقطاع المياه و الأفران في المنطقة، و ذلك لم يكن ليتمّ في ظل الفيتو الأمريكي.
و عليه فإنّ زيارة الرئيس أردوغان إلى روسيا في الثامن من شهر نيسان؛ لبحث عدد من قضايا المنطقة، و من ضمنها ملف إدلب، أو تصريحات الوزير لافروف الأخيرة في المؤتمر الصحفي الذي جمعه مع نظيره جاويش أوغلو في مدينة أنطاليا التركية، لحضور الاجتماع السابع لمجموعة التخطيط الاستراتيجي المشتركة بين البلدين، يوم الجمعة: 21/ 3، بضرورة مواصلة الالتزام بتطبيق اتفاق سوتشي، رغم العراقيل التي يواجهها؛ لا تعدو أن تكون إشارات واضحة حول خروج ملف إدلب من يد الراعيين: روسيا، و تركيا، و دخوله تحت المظلة الأمريكية، في انتظار أن تتهيأ الظروف لجعل إدلب منطقة مواجهة منتظرة مع الإرهاب، يتولّى التحالف الدولي عبء القيام بها بقيادة أمريكا.
وسوم: العدد 818