عَرْبَدَةُ الأُمَمِ.. وَ الخَطَرُ الأكْبَرُ
في غضون القرن العشرين عانت الأمة العربية والإسلامية والعالم من مؤامرة كبرى سميت يومئذ "لُعْبَةُ الأمَم" ومع مطلع القرن الحادي والعشرين بدأت أمتنا تواجه حالة متطورة من مخاطر "لعبة الأمم" بلغت درجة من الوقاحة والتمادي ما تستحق معها بجدارة أن تُسمى (عربدة الأمم) حيث تداعت الأمم من شتى بقاع الكون إلى حرم الأرض العربيَّة تستبيحه وتعربد على امتداد بلدانه.. تنال من سيادتها.. وتفتت بنيتها.. وتنتهك كرامتها.. وتذل عزتها بكل صلف واستهتار.. والحالة الفلسطينية شاهد مخز ومذل للممارسات هذه العربدة.. وفواجع المشهد السوري أدلة صارخة على وحشية هذه العربدة وعبثها.. والعراق يبقى الخطب الجلل الذي أصابته العربدة في مقتل.. وقل مثل ذلك فيما هو جار في الصومال والسودان ولبنان.. وما هو آخذٌ بالتأجج في ليبيا وفي بعض بلدان المغرب العربي.. أمَّا ما يُمارس من حماقات في تركيا إذا لم تُتدارك بمراجعات عميقة فستفجر بركانٍاً مدمراً.. أما النمر الجريح باكستان العزيزة فضع حيالها يدك على قلبك وقل يا رب سلِّم سلِّم.. وأما ما يُراد بمصر الكنانة الحبيبة.. لَهو أعظم وأجل من كل ما ذُكر من مخاطر ومحاذير.. أما اليمن الأعز على قلوبنا فالعربدة ماضيةٌ فيه تسابق الزمن لتتخذ منه رأس حربة ومدخلاً خطيراً إلى الكارثة القاصمة- لا سمح الله - وبعد.. إلى أين..؟ بكل تأكيد هذه الحالة الخطرة مدركةٌ من قبل القيادات والزعامات الحكيمة والرشيدة في أمتنا.. وهي بلا شك على معرفة بالقوى التي تحرك عملية (عربدة الأمم) باتجاه استراتيجية عميقة محكمة خطيرة .. تهدف إلى إعادة تشكيل النظام العالمي إقليمياً ودولياً على حساب امتنا ووحدة أراضيها وسيادتها.. وأحسب أن الحكماء والعقلاء من زعامات الأمة الراشدة .. ماضون بعزيمة وإصرار في اتخاذ التدابير الوقائية والدفاعية مما يحول دون تحقيق المقاصد المدمرة للعربدة الجارية.. والقلق كل القلق من استمرار الجهات والحركات الرعناء في تأجيج حماقاتها في بعض شوارع بلدان أمتنا.. مما يزيد في ارتهان إرادتها وتمزيق وحدة موقفها.. والأمل يبقى معقوداً على قدرة وحكمة قيادتنا الرشيدة في السعوديَّة على استيعاب الحالة .. والمضي بحزم وعزم في تحصين نهجها الربَّاني من كل ما يحيد بها - لا سمح الله - عن مقاصد الأنموذج الحضاريَّ الربَّانيِّ الراشد.. الذي أرسى قواعده وأعلى صروحه الإمامُ المؤسس الملك عبد العزيز- طيب الله ثراه- وسار على نهج أبناؤه وأحفاده من بعده ولا يزالون بفضل الله تعالى وعونه.. وذلك لوضع حدٍ لانقسام الأمة واضطراب فعالياتها ولتوحيد قدراتها في مواجهة العربدات والحماقات الفكريَّة والسياسيّة التي تهدد أمن الأمة واستقرارها وسيادتها.
وسوم: العدد 818