وصفي قبها واعتداءات الزعران
فؤاد الخفش
شاهدت في عيون المئات من شباب فلسطين حزن وألم شديد وانكسار ما بعده انكسار وهم ينظرون لصديقهم والقريب من قلوبهم المهندس وصفي قبها مسجى على سريره مكسور اليد ووجهه مهشم يجيب على الشباب بجملتين، الأولى الحمد لله، والثانية: لن أصمت.
رأيت الدمع في عيون الشباب، وشاهدت الغضب في تعلقياتهم وعباراتهم، على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلمت مدى حب الشباب والناس لهذا الرجل، ومدى العجز الذي وصلنا له في ضفة اعتدنا أن نسميها الولود.
شعرت بالانكسار في تعليقات البعض وبالعجز عن تقديم شيء سوى الدعاء على الظالم تارة والدعاء بالشفاء للمظلوم تارة، وانكسار العين أمام منظر الرجل الذي اعتاد الجميع على صوته يزأر في الميادين.
بتقديري الخاص لا أصعب من شعور (العجز) هذا الشعور في أغلب المرات ينتاب (الأسرى) فالأسير داخل سجون الاحتلال عاجز لا يستطيع أن يقدم لطفله الصغير المريض شيئا أو لوالدته العجوز عونا فيشعر بالعجز على الدوام وهذا الشعور قاتل لمن جرب السجن واحتاجه أحد من عائلته ولم يستطع أن يقدم له سوى الدعاء.
العجز شعور قاتل قد يتحول في ساعة من الساعات إن اعتاد عليه الإنسان لمرض ومن بعد يصبح عاده فيعتاد على العجز وتصبح صفة ملازمه له وهو مرض خطير يصيب النشطاء والمناضلين والمجاهدين مع الركون والقعود والجلوس، اللهم عافنا منه يا رب العالمين.
لن أتوقف عند حادثة الاعتداء على المهندس الوزير فهذا الاعتداء كما قال رقم 28 في سلسلة الاعتداءات المتكررة على ماله وسيارته وبيته فما بين إطلاق النار وحرق السيارات مرات عديدة والاعتداء المباشر بالعصي والهراوات.
ولن أتحدث عن السلطة المقصرة في الكشف عن أي من هذه الجرائم العديدة فالأمر حين يتعلق للأسف بفئة خاصة من المواطنين يصبح الأمر لا يعني هذه الأجهزة وكأنه ضوء أخضر لاستمرار الاعتداءات على هؤلاء الأشخاص حتى يدجنوا: فليصمتوا أو يغادروا البلاد.
أريد أن أتحدث عن وصفي قبها وما يمثله الرجل وما يسعى على الدوام لإيصاله سواء كان في استنهاض الهمم وتحريك الساكن وإيصال الرسائل وخلق حالة من الرفض للظلم وبث الروح داخل جسد الضفة الذي اعتل نتيجة الانقسام والضربات المتتالية وخلو الساحة من الرموزوالقيادات المؤثرة.
أريد أن أتحدث عن الرجل الذي لا يترك مناسبة لأخ أو صديق من الأصدقاء وإلا ويكون في المقدمة يبارك زواج هذا ويعزي آخر ويهنئ ثالث بالسلامة ويعود زوجة أسير مريضة، ويتحدث من أجل إطلاق سراح معتقل سياسي، ويكتب تهنئة بالإفراج عن رابع وكم هائل من المناسبات التي يحاول الرجل في كل حالة أن يكون بجوار العريس والحزين والمريض والمحتاج ليقول له أنا أخوك أقف معك وبجانبك لأني أحبك.
لا يتوقف الحديث عن الرجل (الحالة ) وما يمثله بين صفوف الشباب فما أن يذكر في مجلس إلا ويقال جزاه الله عنا خيرا والله إنه لا يقصر وهو الحاضر في كل مناسبة من الخليل لجنين فجزاك الله أخانا وحبيبنا عنا خير الجزاء.
ولك وصفي قبها، الذي نحب، أقول: لقد غضب الناس في الضفة على ضربك والمساس بمقامك العالي غضب العاجز الذي لا يقوى على عمل شيء بينما تحرك من أجلك الشعب الأوكراني مطالبا بتغير نظام الحكم وإحداث ثورة في البلاد.
لقد شاركنا في الاعتداء عليك سيدي حين صمتنا وسكتنا مرات وإن اغتالوك في يوم من الأيام فسنكون جميعا شركاء في هذه الجريمة، فالساكت والأخرس مؤيد وبشكل ضمني. عذرًا سيدي الوزير على صمتنا وعجزنا وضعفنا وهواننا على الناس.