الخلل الفكري من أسباب الإخفاق السياسي!
م. شاهر أحمد نصر
* ساهم الروس بشكل فعال في تحرير شعوب ودول أوربا الشرقية من النازية والفاشية، وضحوا بالملايين من خيرة أبنائهم في سبيل ذلك، كما قدموا الخبرات والمعونات الاقتصادية لتلك الدول، و لدول الاتحاد السوفيتي السابق، ولدول نامية... إلا أن التطور التاريخي بين وجود خلل ما؛ أبعد تلك الشعوب عن الفلك الروسي! فأين يكمن الخلل؟!
* وها هي الأحداث في أوكرانيا تعيد طرح السؤال!
* توجد تناقضات وأسباب اقتصادية واجتماعية وسياسية داخلية كثيرة فضلاً عن الدولية ساهمت فيما حصل في أوكرانيا... وكانت عرقلة توقيع اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوربي القشة التي قصمت ظهر البعير...
* ثمة أمر من الضروري عدم إغفاله عند الحديث عن مزاج شعوب الاتحاد السوفيتي عامة والشعبين الروسي والأوكراني خاصة ألا وهو الطموح التاريخي عند شرائح واسعة من المجتمع نحو الأوربة التي تحولت إلى حلم يدغدغ مشاعر الكثيرين...
* بدلاً من التفكير في كيفية معالجة التناقضات السياسية والاقتصادية الداخلية، والبحث عن صيغة سياسية تلبي تطلعات الشعب الأوكراني، بما في ذلك الحلم الأوربي، رأى ساسة الكرملين أنهم بتقديمهم خمسة عشر مليار دولار للحكومة الأوكرانية يحلون المشكلة؛ قافزين فوق كل التناقضات الداخلية التي أدت إلى هذه الأزمة، ومتجاهلين طموحات وآمال الشعب ألأوكرانيي... كما أن وجود خبراء، في كييف يؤمنون بالحل الأمني العسكري، وليس السياسي، ساهم في وصول الأزمة إلى حد إسالة الدماء، وتسبب في خسائر متنوعة جمة...
* إن أحد أسباب تلك الخسائر هو فشل النهج السياسي، وفشل النهج السياسي ينبع في كثير من الأحيان من خلل فكري في البحث في الأسباب والتناقضات الجوهرية الداخلية التي تقود إلى أية قضية...
* تعاني روسيا منذ قتل ستالين كبار المفكرين، وفرضه الفكر الشمولي واللون الواحد، مع تحويله المنهج الديالكتيكي إلى نوع من المنطق السكوني الجامد، من خلل على صعيد المفكرين الكبار... ويترافق ذلك مع وصول سياسيين إلى الكرملين يؤمنون بإمكانية إحياء القيصرية والستالينية في القرن الواحد والعشرين، دامجين البراغماتية بالديكتاتورية المتجذرة في أعماق الوعي السياسي... مقتنعين بإمكانية حل أية قضية بأسلوب أمني وعسكري ومالي... متجاهلين طموحات الشعوب وأحلامها، وغافلين عن حتمية تداخل المصالح الدولية وتكاملها؛ التي تجعل المصالح الروسية والأوربية الغربية، على سبيل المثال، متناغمة مع مصالح هذه الدولة، أو تلك، بما في ذلك في أوكرانيا، مما يستدعي إيجاد سبيل يجعل علاقة أوكرانيا مع روسيا وأوربا تطور في آن واحد، بدلاً من النهج السياسي المغلق الذي يتبنى شعار (من ليس معنا فهو ضدنا)، ويتسبب في خسائر كبيرة، في أكثر من مكان في الساحة الدولية، وينعكس سلباً على شعوب العالم بما في ذلك شعوبنا...